مراد ميموني
منذ أن قرروا “إعادة إحياء” النادي البحري أو كما يسميه أهل المدينة بكل حب وتقدير، “كلوب الناظور”، أصبح لدينا معلم تاريخي جديد… لكن في الحقيقة، أصبحنا أمام حالة فريدة من نوعها: معلم تم ترميمه ليظل مغلقًا! نعم، الأمر يبدو كما لو أننا نعيش في نكتةٍ تكتب نفسها يوميًا.
لنعد قليلاً إلى الوراء، حيث كان “كلوب الناظور” في الماضي مقرًا للضباط الإسبان. ومن بعدهم، أصبح مقصدًا لكل من أراد الاستمتاع برؤية البحر، قبل أن تصبح جدرانه شاهدة على عصر من التهميش والإهمال. لكن هل هذا يعني أنه كان من الممكن أن يُصبح مركزًا ثقافيًا يُحتذى به؟ بالطبع لا! فبعد سنوات من التخريب والإغلاق، جاء الترميم، فكان وكأنه حلمٌ يتحقق.
عندما سمع الجميع بأن “كلوب الناظور” سيخضع للتجديد، استبشرنا خيرًا! وجدنا في أنفسنا الأمل بأن هذا المكان العتيق قد يعود إلى الحياة. بدأ العمل، وبدأت الحوائط القديمة تنتعش، وكأنها تتنفس للمرة الأولى منذ عقود! لكن هل انتهت القصة هنا؟ بالطبع لا، فالتاريخ في الناظور يحب أن يكتب النهاية بنفسه، وفي هذه الحالة كانت النهاية هي الإغلاق الفوري بعد الترميم!
والأغرب من ذلك، هو أن هذه الأبواب المغلقة ظلت مغلقة دون أن يخرج أحد ليقول لنا السبب. هل هي حالة “إغلاق صيانة” لم تُخبرنا بها السلطات؟ أم أن هناك ممرات سرية لا نعلم عنها شيئًا، يذهب إليها المسؤولون ليختبئوا من الأسئلة المحرجة؟ وفي خضم هذه الحيرة، لا يسعنا سوى التساؤل: هل كان هدف الترميم هو جعل المكان “أجمل” ليبقى مغلقًا؟ إذا كان الأمر كذلك، فنحن أمام تحفة فنية نادرة: بناء مميز يُغلق بشكل دائم!
أما عن المسؤولين الذين كانوا يشرفون على هذا المشروع، فالموضوع في غاية الطرافة! الشخص الذي كان يتحدث لنا عن أهمية هذا المكان التاريخي، والذي كان يتفاخر في كل مناسبة بتأثيراته العميقة على الثقافة المحلية، اختفى فجأة! نعم، بعد الترميم، تم إعفاؤه من مهامه دون أي تفسير. هل هو عبقري في إغلاق المعالم التاريخية؟ أم أنه كان يعاني من داء اللامبالاة الذي لا دواء له؟
ورغم كل هذا، يبقى السؤال الأهم: هل “كلوب الناظور” هو فقط مكان مغلق في الذاكرة؟ أم أنه أصبح رمزًا للفشل الإداري في الناظور، حيث الترميم هو البداية والنهاية في قصة كل معلم تاريخي؟ في النهاية، يصبح السؤال البسيط هو: هل هناك من يجرؤ على فتح الأبواب مرة أخرى؟
لكن لا تقلقوا، اللامسؤولون لا يتركون شيئًا للصدفة، فقد قاموا بترميم المكان ليبقى مغلقًا، كما لو كانوا يقدمون لنا درسًا في الاستمتاع بمظاهر الأشياء دون أن نتمكن من لمسها! من يدري، ربما سيأتون يومًا ويفتحون الأبواب ولكن فقط للذكرى، أو ربما لإطلاق عرض فني جديد بعنوان “كيف تجعلون المعالم التاريخية مغلقة إلى الأبد”.
وفي الختام، تبقى هذه القصة من أغرب القصص التي حدثت في الناظور: معلم تم ترميمه ليبقى مغلقًا، ثم تُغلق أبوابه، وكل هذا يحدث تحت إشراف المسؤولين الذين سيقومون بالترميم مرة أخرى… إذا شاء الله!
ولاحول ولاقوة إلا بالله..!