زايو سيتي:
في صباح يوم صيفي، هادئ، ومشمس، زرقة السّماء وصفاؤها تنهمر على دنيا الناس. على جنبات “الكورنيش”، يتراءى لكَ البحر بزرقته مدّ البصر، مستغرقًا في هدوئه الصيفي، منتظرًا زواره. ويستقبلك المسجد الأعظم بلونيه الأزرق والأبيض، حيثما وليتَ وجهك تظهر لكَ الضفة الأخرى صافية لاشيةَ فيها. ومرور السيارات الخفيف، جيئة وذهابا، يشي بسيرِ حياةٍ طبيعية تمامًا. إنه يوم من أيامِ الله بمدينة الفنيدق، هنا في أقصى شمال المغرب، أو كما يسميها أهلها وأهالي مدينة تطوان، بـ”كستييخوس”، أي القلاع البعيدة، بلسان البرتغاليين أو القشتاليين، العابرين بها يوما ما. لو ذرعتَ جنباتها قليلا، ستجدها محتفظة بأطلال القدامى الذين مروا من هناك، وبِزيها الكولونيالي، الذي ذابت هويته، كما ذابت هوية المدينة بعدَ إغلاق معبر باب سبتة.
الفنيدق مدينة ساحلية مغربية تقع شمال المغرب شرق مدينة تطوان على شواطئ البحر الأبيض المتوسط بجهة طنجة تطوان الحسيمة. تبعد بحوالي كيلومترين عن سبتة المحتلة و 38 كيلومتر عن مدينة تطوان و 15 كلم عن المضيق.
الفنيدق كانت جزءًا من ولاية تطوان، إلا أنه بعد التقسيم الجهوي الذي عرفته المملكة، تم إلحاقها بولاية المضيق الفنيدق في عام 2010. ويعد النشاط التجاري الركيزة الأساسية لاقتصاد المدينة.
تعتمد مدينة الفنيدق بشكل كبير على السياحة، وتتمتع بشواطئ رملية رائعة واقعة في خليج تَمودا. البحر هادئ والشواطئ محاطة بالمناظر الطبيعية الخضراء والجبال الشامخة .وقد تم تحسين الوصول إلى هذه الشواطئ بإعادة بناء المداخل المؤدية إليها لتسهيل الوصول لها، مع سلالم خرسانية وأسوار مَطليّة باللونين الأبيض والأزرق.
كانت المنطقة إلى عهد قريب تعرف دينامية اقتصادية كبرى، بل تُعد من أهم المناطق التي توفر فرص شغل لكل من تضيق بهم السبل، ولا يجد أمامه إلا معبر باب سبتة، أو ممارسة البيع والشراء، في أفنية ودروب المدينة، أما اليوم، فإن المنطقة منذ إغلاق معبر باب سبتة، في وجه ممتهني التهريب المعيشي، أضحت تعيش أزمة حقيقة، تلقي بظلالهَا على الوجوه المُتعبة الحالكة، التي تجدها في أرجاءَ المدينة وضواحيها.
وبالرغم من توقيف التهريب إلا أنّ مدينة الفنيدق حافظت على موقعها كقطب تجاري بالمنطقة، بفضل حنكة تجارها و موقعها الاستراتجي و تدخل الدولة بإنشاء المنطقة الحرة للتسريع الإقتصادي.
ويعد سوق الفنيدق – Castillejos المركزي حيويًا للغاية ، وتضم أكثرَ من ألف متجر صغير. وسوق المسيرة والعديد من القيساريات.
تعتبر الفنيدق مدينة تاريخية، إذ تبعد على جبل موسى بن نُصير بلمحة بصر، وهو محطة الانطلاقة للفتوحات والثقافة الإسلامية إلى أرض الأندلس. وإبان فترة الإستعمار الذي عرفة المغرب، فقد شهدت الفنيدق الاحتلال و الاستعمار الاسباني.
بقيت الفنيدق حاملة لبعض معالم الاستعمار الإسباني الذي عانت منه المدينة إلى غاية 1956 تاريخ استقلال المغرب، وتتمثل أساساً في مقر الباشوية، والمستوصف المحلي، ومحطة القطار وبعض الآثار التاريخية قرب الشواطئ والكنيسة القديمة التي يعود تاريخها إلى عام 1939 وتستخدم الآن كمركز اجتماعي باسم دار المواطن. و معالم أخرى ظلت شاهدةً على الحقبة الإسبانية للمدينة.
تغرب الشمس عن المدينة، في جو هادئ وزمن بطيء، تمامًا، كما تشرق عليها، نفس الهدوء ونفس البطء في الزمان، تتجمد هذهِ الصورة، طول السنة، ما خلا شهري يوليوز وغشت، ينتظرها أهالي المنطقة بصبر ودعاء ورجاء. صبر على قسوة الأيام، ودعاء من القلب نحوَ السماء، ورجاء في غد أفضل لهم ولأبنائهم ولمدينتهم.