محمد بوتخريط
تفتقد الكثير من الاماكن بالريف إلى التسويق الإعلامي المناسب لها ولجمالها، حيث يجهل العديد منا معالم هذه الاماكن، بل وأحيانا حتى أسمائها…كما يفتقد الكثير من أو لائك الذين يشتغلون على إحداث مشاريع تنموية وعلى إعادة الاعتبار لبعض المناطق المنسية وجعلها قطبا سياحيا بامتياز الى الاعتراف، والتشجيع، والدعم، والثناء.
العمل وطلب الرزق والسعي إليه لا يعرف حدوداً، بل ولا تُعيقه الحواجز، هكذا عند الباحثين عن الفرص والمتطلعين لبناء مستقبلهم.. شباب استثمر الفرص التي اتيحت لهم وتقدموا لها معززين بالجدية والتأهيل الجيد والمناسب، وبمشاريع ناجحة، مطالبين إعادة الاعتبار لمناطقهم وجعلها قطبا سياحيا بامتياز.
عبد الرحمان الزروالي شاب من اركمان، شاب له فكر جديد، طُموحٌ، وتطلع، وإرادة، وقوة، وإصرار…من اولائك الذين يشتغلون في صمت، وحتى كلمة “الظروف السيئة” والتي دائماً ما تتصدر جُملنا؛ كمبرر رئيس لمعظم حالات فشلنا..لم تكن يوما قاعدته.
قرر التصدي لأي منحى تشاؤمي يسلكه وضع المنطقة، تحدى كل الظروف وفكر في انشاء “مشروع سياحي” نوعي على مستوى منطقة قرية اركمان في منطقة الجزيرة، او (ثايزيرث) كما ينطقها أهل المنطقة.. منطقة لها هواتها وعشاقها وتجذب المصطافين من كل المناطق المجاورة والبعيدة، منهم من يأتيها هروبا من الصخب واﻹزدحام الناجم عن توافد الكثير من المصطافين على الشاطئ المركزي بقرية اركمان ومنهم من يأتيها للإستمتاع بالمكان وبمياه شواطئه الزرقاء خاصة شاطئ “المهندس” او شاطئ “ن ثجغلولت” حسب منطوق أهل كبدانة، بصدفاته المترامية على طول شاطئه الممتد الى “ثايزيرث” شرقا والى بوقانا غربا، وهي من أكثر المناطق السياحية الجذابة في المنطقة، اشتهر شاطئها بصدف البحر.
شاطئ لا يتوفر على رمال والذي تعوض فيه الصدفات المختلفة الأشكال والأنواع، الرمال الذهبية الذي يمتاز بها شاطئ قرية اركمان. وما يمنح لهذه المنطقة جمالية خاصة أنها تقع بين بحرين، بحيرة مارتشيكا والبحر الابيض المتوسط، وكونها كذلك منطقة تاريخية بامتياز رغم انها تجمع بين ما هو طبيعي ايكولوجي وبين ما هو تاريخي.
وبالرغم من كل هذه المميزات الطبيعية التي تمتاز بها المنطقة، إلا أنها لم تستغل بشكل جيد من قبل المسئولين…فالمنطقة برمتها بما في ذلك شواطئها ما زالت تفتقد إلى الكثير من الخدمات والمرافق العمومية.. مما يجعل رواد هذه المناطق والعائلات القادمة من مختلف المناطق مضطرين في احيانا كثيرة قبل التفكير في زيارة المكان الى التزود بكل المستلزمات الضرورية للإصطياف، من المأكل والمشرب أمام قلة وانعدام أبسط الضروريات بالمكان.
ولرفع مستوى الخدمات التي تُقدّم في المكان وعلى هذه الشواطئ، كي تكون مقصداً للناس من مختلف المناطق والمستويات.. ولإيمان صاحب هذا المشروع ان ليس فقط المياه الزرقاء من تنجح في استقطاب الزوار، بل تهيئتها لاستقبالهم بتوفير كل ما يحتاجونه فيها..فكر في إنشاء هذا المشروع أو هذ المأوى السياحي في المنطقة والمميز بالشقق السياحية المفروشة..بعد أن رأى ان مثل هذه المشاريع أصبحت منفس للعديد من الأشخاص ، ويتوافد الزوار إليها باستمرار للشعور بالرفاهية والمتعة.
فكر في تطوير مشروعه بتوفير مطعم لتلبية رغبات الزبائن. حتى يلبي هذا المشروع كافة وسائل الرفاهية والراحة بحيث لا يفكر الشخص الخروج أو الاضطرار لشراء أي غرض من خارج الضيعة، قام بدراسة جدوى مفصلة لمشروعه حتى يصبح جاهزا ومميزاً.
هذا المشروع السياحي عبارة عن ضيعة سياحية ، مساحة فسيحة مكشوفة على المحيط الدائري وطول المساحة … هذا المكان الذي يستقبلك بأجواء هادئة وبمساحات خضراء وبجو خلاب ومناظر بانورامية رائعة تستدعي كل الحواس، يدعوك منذ اللحظة الأولى لتنشق هوائه النقي إلى مأدبة عامرة بالتفاصيل الحية لمناظر أدهشت كل من زارها.
ومن يزور هذا المكان الذي يقدم خدمات بسيطة لكن بمواصفات جميلة تحاكي ما يليق بالزوار، يعيش تجربة جديدة متكاملة داخل أجواء عمرانية تعكس الجوهرالحقيقي لبيئة كبدانة…وسواء قصرت إقامته أو طالت، فإنه بلا شك سوف ينعم بهذا المكان الجميل الذي يبعث في النفس الهدوء والتأمل.
والمكان بشكله التقليدي ينبع من رؤية فنية جميلة أبدع صاحبها بتجسيدها على شكل نموذجي…شجر الليمون من البهو المصمم على شكل فناء مفتوح على مختلف أجزاء البناية، خضروات وأشجار مثمرة أخرى على الجانب الآخر، دجاج “بلدي” وطيور برية تجوب الساحة.. ,صوت صهيل خيل، وزقزقة العصافير، وصوت خرير الماء.. يقف الزائر يتأمل الجمال الطاغي على أدق التفاصيل.
هذه “الضيعة السياحية” الواقعة في جماعة اركمان تعتبر فعلا واحدة من دور الضيافة الشاطئية، بل والجبلية في العالم القروي ضواحي قرية اركمان التي يمكن للزائر أن يقصدها ليس فقط للاصطياف، بل وبحثا عن السكينة والهدوء هربا من صخب القرية والمدينة.
وسرعان ما أصبح المكان نقطة جاذبة لتصوير اعمال درامية، وذلك لما يختزنه من ثروات طبيعية، وأماكن جميلة، وأنيقة بعمارتها ،وتصميمها. فتمّ اختيار الضيعة لتصوير مشاهد سلسلة تلفزيونية تم عرضها رمضان الماضي …
وهو نداءً لشركات الإنتاج وصنّاع الدراما في الريف كي يلتفتوا الى هذه المناطق وهذه المشاريع … نداء الى صديقي بوزكو أن يوجه عدسته نحو هذه المناطق وإن احتجتَ يوما الى خيول وفروسية وطبيعة استثنائية فعليك أن تشد الرحال الى مثل هذه الاماكن، فما يستفزّني إيجاباً هؤلاء الشباب الذين يعملون بكدّ وشغف وحبّ في عملهم بالرغم من الأوضاع والظّروف الصعبة.
ثم ايضا فعبد الرحمان الزروالي، هاو بمرتبة فارس مروض للخيول وعاشق لصهيلها…رغم ندرتها بل وطبعا غلاء ثمنها،راح يجوب مناطق البلد بحثا عنها،اقتنى خيولا و أنشأ “إسطبلا” ..وتعلم ترويضها..ذاع صيته في مجال تدريب الخيول في المنطقة .. ولديه خبرة لاتنكر وهواية مؤصلة…وحصل على جوائز في هذا المجال بل وحصل مرات على المراتب الأولى في بطولات وطنية لمسابقات جمال الخيول العربية الاصيلة…
هذا العشق للخيل بدأعن طريق والده الذي كان بمثابة المفتاح الذي فتح له هذا العالم المليء بالحب والمغامرة.
“هناك تواصل محسوس بين الخِيَّال والخيل” يقول عبدالرحمن الزروالي عن علاقته بالخيل، ولا يستطيع أحد آخر أن يشعر بذلك التواصل، فمنذ أن بدأ ركوب الخيل وإتقان الفروسية وقع في حبها وأعطاها كل وقته..تعلم كل ما يخص الخيول سواء على مستوى النظافة أو كيفية التعامل معها وتدريبها،نشأت علاقة حب وصداقة بينه وبينها، حتى أصبحت الفرس مطيعة جداً له.
وهو يفكر الآن في استغلال ممارسته لهواية ركوب الخيول و يجعل منها مشروعا سياحيا، كالسير فى مياه البحر على ظهور الخيول أو ما يمكن تسميته بسياحة ركوب الخيل داخل مياه البحر أو السير بها على الشاطئ لجذب السائحين والزائرين للمنطقة ، هكذا يفكر في أن يتولى تنظيم هذه الرحلات من خلال مشروع سياحى خاص ويكون امتدادا لهوايته المفضلة وخبراته وعمله فى تربية وتدريب الخيول.
ويجعل بذلك كل السائحين والزائرين للمنطقة يستمتعون في هذه المغامرة الساحلية في “الجزيرة” بتجربة ركوب الخيل على طول الشاطئ.
ولما لا يكون هذا النشاط الخارجي البديل هو الطريقة المثالية لاستكشاف المنطقة المحيطة والاستمتاع برحلة فريدة وودية للعائلة لصنع ذكريات جديدة قد تدوم طويلاً.
فالمكان اذن يجمع بين الطبيعة الخلابة والبحر والشاطئ ، وتأمُّل منظر الخيول تركض على شاطئ البحر أو تأمُّل زائر يركب حصان ليسبح معه في الماء…هو فعلا مزيج بانورامي رائع للاستمتاع واستنشاق الهواء النقي والتمتع بقضاء أوقات جميلة فوق الرمال الناعمة و بين مناظر تبعث الانشراح والسرور في النفس، فالمكان يجمع بين زرقة البحر و الاخضرار وصهيل الخيول و كل مقومات الطبيعة الساحرة.
المكان يعد فعلا وجهة مثالية للباحثين عن التجديد والراحة والاسترخاء.