بقلم: صغير سعيد
اتعلمون يا قوم أبرهة ، أن الله قبل الأرض مرة واحدة فكانت القبلة بكة. جاء المولى إدريس الأول عائدا الى المغرب، حاملًا حفنة من التراب من مكان القبلة. بنى بها المغاربة مسجد القرويين، والكتبية وحسان، ثم أخيراً مسجد الحسن الثاني.
جد أبي محند قيشوح الحاج، شد الرحال إلى بكة، على صهوة فرسه و مشيا، ليحضر معه بدوره، حفنة مباركة، من تراب مكة. بنى بها جدي البيت الذي هدمتموه.
كان المنبر وكان جدي هنا.
كان المرابط إمامًا ومعلمًا. كان فقيهًا.
سيدي أمرابط حدد إتجاه القبلة كما علمه عمه، محند كما علمة، ابوه سيدي بنعيسى.
أخذ جدي الحجارة وكلف نفرا يحملون اللوح من بعيد. فارتبط الحجر بالحجر، بللنا التراب بالعرق و بقطرات المطر، فصار جدارا. حملنا الألواح غطيناها بالقش ثم سقيناها وحلا من الطين والتبن، فصار سقفا مهابة. ولا ننسى الحمار حامل الاثقال. مزجنا روث البقر بالطين ، ثم أستقرت أرضية المقر. لا تنقض الوضوء. على حد وجود الأرض نحيا هنا نسلا، قال جدي.
فقهاء المدشر مهابة العشيرة، فيها السي محند والسي بنعيسى. طلبة كثر منهم الطبيب والفقيه و المهندس و الصحافي والفنان و العقيد.
كانت الكرمة وكان الأمان. من ماء الجب تغسل الألواح. نصلصلها، نوقد الكانون، نجفف الألواح. والنون والقلم، مدادها روث عالق على صوف الشاة. نعام سيدي بإشارة إلى الخلف، عند الحاجة. هنا صلى جدي خلف أخيه الإمام سيدي محمد ابن قيشوح المرابط. وعلم فيها أجيالا.
لا الزلزال نال ولا أمطار الشتاء قست وحتى الرياح. وإنما يد الفأس من خشب تلكم الشجرة.
نزل أبرهة بجيشه والفيل في شبذان. فجائت الطير الابابيل. للبيت رب يحميه، قال أحدهم.
فقال نجل قيشوح: أبرهة أخونا ويا ليته قصد الأعداء في شبذان، الجهل والفقر ومجاعات في صفوف الأطفال. تتصدق من أجل دخول الجنة يا أبرهة. وأنت تختلس رسوم الترخيص والتصميم. تختلس حق الدراسة التقنية و حق الخبير.
جهاز التنمية حل في حضن جبل علوي. نسج خيوط الكهرباء و الاتصالات. جرافات وآليات شقت الطريق. زادو الماء والتطهير. زد عليها التصميم و التحفيض بالمجان. أعمامي بنوا البيت الثاني، وعمي السي عمرو الحسيني بنى مسجد المرابطين الثالث. لكنهم كلهم تركوا البيت قائما.
انت يا أبرهة، مازلت تدعم العشوائية وتدمر المآثر. وتجر ورائك هذا الفيل. ترسخ للارهاب في مدشرنا وتهدد كل من كان طيرا أبابيل. سيطير الفيل كالفراشة في بشاشة، ويبارك لكم هذه السخافة.
نحن في المملكة الشريفة، تحت الرعاية السامية لصحب الجلالة، الملك محمد السادس نصره الله و ايده وجعله ملاذا لكل مظلوم أو محروم، لا نهدم رموز أجدادنا، بل نجعلها علامات و بيانات، تشهد على وجودنا هنا اليوم. كما شهدت جمجمة مغربية، صمدت 300.000 سنة، للعالم أجمع، أننا كلنا، هنا في عجلة الزمان، على أديم الأرض، مغاربة، حتى يثبت العكس.