عبد الفتاح المنطري
أمر مؤسف حقا،فإنه لا يكاد يرى بصيص من الأمل في طابور الانتظار الطويل لمتقاعدي 2 فرنك أكثر أو أقل ترقبا لزيادة في مقدار المعاش غير الخاضع للتضريب مع هذه الحكومة أيضا إلا إذا كسرت القاعدة وأبانت عن حسن نيتها في الالتفات لهذه الشريحة المهضومة الحقوق مثلما تفعل الدول التي تحترم كل مواطنيها دافعي الضرائب وتقف إلى جانبهم لمواجهة التضخم
المتقاعدات و المتقاعدون لا بواكي لهم بجلسات الحوار الاجتماعي
المتقاعدات و المتقاعدون لا بواكي لهم بمعظم جلسات الحوار الاجتماعي وكأنهم يعيشون في كوكب آخر غير كوكبنا وكأنهم لا يتأثرون بالزيادات المتوالية في الأسعار من وقت لآخر مقابل جمود معاشاتهم جمودا تاما والذي لا حراك فيه منذ إحالتهم على التقاعد وكأنهم بدون أبناء متمدرسين ولا أسرتنتظرهم،ولا حتى معدة ولا قلب ولا سمع ولا بصر ولا فؤاد ولا وزن لهم ولا اعتبار ولا ضروريات و لا أسفار ولا أوراق إدارية ولا أمراض ولا علاج أو بمعنى آخر، مجرد موتى ولاحياة فيهم وهو ما يتناقض مع روح دستور 2011 الذي نص على سواسية في الحقوق والواجبات.فهل من المعقول شرعا وعقلا أيتها الحكومة وأيتها النقابات أن تستخرج من معاشات هؤلاء الجامدة المجمدة كل الضرائب والرسوم الظاهرة والباطنة كالضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الاستهلاك كلما اقتنوا شيئا من متجر أو من الأسواق الممتازة وغير الممتازة أو ركبوا عربة أو قطارا أو طائرة إلا البعير أو سافروا أو تنقلوا غير مترجلين من مكان لآخر أو احتسوا مشروبا بمقهى أو تناولوا وجبة بمطعم أو تحدثوا بالهاتف أو استعملوا أداة تواصل إلكتروني مؤداة عنها أو دفعوا ثمن فواتير الماء و الكهرباء أو اشتروا لباسا غير مهرب أو اقتنوا أدوية أو دفعوا رسم تأمين أو رسوم تمدرس لأبنائهم أوطلبوا مصلحة مؤداة عنها أو تعاملوا مع البنك أو البريد أو شركات تحويل الأموال، أوعبئوا بنزينا أو خلاف ذلك من ضروريات العيش وكمالياته ثم إنهم يتأثرون – قسرا- بكل الزيادات الملحقة بأسعارهذه الخدمات ونحوها رغبوا في ذلك أم لم يرغبوا ،وكأن السيوف على أعناقهم بين حياة أو موت ويساهمون بذلك في إنعاش الخزينة العامة للمملكة وفي تحريك وتنشيط عجلة الاقتصاد الوطني وعبرالاقتطاعات المفروضة غير المبررة أوالمعقولة أحيانا التي تهم حساباتهم البنكية أو البريدية ،هكذا كل ذلك دون أن يشعروا يوما ما برد للاعتبار عبراسترداد جزء مما أدوه من صافي معاشاتهم الميتة لخزينة الدولة وللجماعة بالاستناد إلى وسائل حديثة معمول بها دوليا كالإعفاء الضريبي أو التخفيض القيمي للعديد من السلع والخدمات لفائدتهم عند الاقتناء أوعند الأداء برعاية الدولة بحكم أنها المستفيد الأول من ضرائب ورسوم المتقاعدين أو تخصيص هبات سنوية لمصلحتهم لتغطية العجز الذي يحصل لهم بسبب ارتفاع الأسعار مقابل جمود معاشاتهم .أداء الضرائب واجب وطني،ولا ريب في ذلك، ولكن الأمر توازيه حقوق أيضا خاصة بالنسبة للمحالين على المعاش الذين أدخلوا إلى “غرفة الإنعاش” ومنها إلى دائرة النسيان كلما تعلق الأمر بإقرار زيادات في الأجور للموظفين و للمستخدمين وإن هزلت
فبالعودة إلى وضعية المتقاعد ببلادنا،لابد أن نعترف بأننا لم نكافئ المحال أو المحالة على التقاعد بما يستحقانه من تقدير وتكريم،نظير ما قدماه للوطن من تضحيات وخدمات طوال فترة العمل بل بالعكس من ذلك،عاملناهما بالنكران و بالجحود و أوصدنا أبواب الرزق والعيش الكريم في وجهيهما.إن المتقاعد لا يأخذ إلا راتبه التقاعدي المتآكل بعد حرمانه من كل المزايا والمنح والزيادات وهناك أيضا عدد من الأنظمة التي تحاصر المتقاعد وكأنها صدرت خصيصا لتعاقبه على الخدمات الجليلة والمتعبة التي قدمها لمجتمعه ووطنه طوال مساره المهني،ومنها نظام التقاعد و نظام التأمين الاجتماعي اللذين يتسمان بالشح في راتب المعاش لفئة عريضة من المحالين عليه مع خصم الضريبة على المعاش لفئة مهمة منهم رغم أنهم قد أدوها أقساطا تلو أقساط خلال فترة عملهم. ومن الأنظمة الضارة بوضعية المتقاعد أيضا،نظام القروض البنكية الذي لا يقر تسهيلات وامتيازات خاصة بالمتقاعد وما نعرفه يقينا أن دول الغرب في معظمها تميز المتقاعد بكثير من المزايا والعطايا ولا تتركه يغرد وحيدا في العوز والفاقة والحرمان..نحن هنا نتمنى ألا ينظر إلى المتقاعد على أنه شريحة من خارج النظام الاقتصادي الوطني،بل هو جزء لا يتجزأ من نسيج الاقتصاد الوطني،ولذلك فإن تحسين أوضاع المتقاعد من شأنه أن يرفع مستوى معيشة المواطن ككل. فأبسط قواعد العدل والمساواة تقتضي بالضرورة وضع صيغ مناسبة لتحقيق العدل بين كافة المواطنين، وإذا كانت الحكومة تقر زيادة رواتب الموظفين والأجراء بين سنة وأخرى في إطار الحوار الاجتماعي،فإنها مسؤولة أيضا عن رعاية حقوق مواطنيها من المتقاعدين أيضا وملزمة بزيادة رواتبهم وإلغاء الضريبة على معاشهم،لأن الزيادة هنا لا تبنى على قاعدة الانتماء الوظيفي،وإنما تبنى على قاعدة المواطنة والمصلحة العليا للوطن و للاقتصاد الوطني
وأود هنا أن أعيد الاستئناس -وباقتضاب وتصرف- بصرخة من القلب على أرضية واقع مرير لفئة من المتقاعدين متوسطي المعاش، ممن هم في درجة أقل من 8000 أو5000 درهم في الشهر،وذلك على لسان السيد عبدالعزيز العزري،الكاتب العام للرابطة الوطنية لمتقاعدي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وصاحب مقالات صحفية تناولت قضية المتقاعدين نشرت في أكثر من موقع إلكتروني،إذ يؤكد هنا بأن حكومة عباس الفاسي أقصت متقاعدي القطاع العام من زيادة 600 درهم في معاشهم التي استفاد منها موظفو القطاع العام وحكومة بنكيران زكت هذا الاقصاء بالسكوت عن الرفع من القدرة الشرائية لمتقاعديها
لو زيد في المرتب الأساسي،زادت أوتوماتيكيا الأجرة ومعها المعاش
ومن المعلوم أن المشرع المغربي شرع الزيادة في معاشات الموظفين المتقاعدين بمقتضى الفصل 2.44 مكرر من القانون رقم 0011.71 المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية الذي ينص على ما يلي – تضاف إلى معاشات التقاعد ومعاشات المستحقين عن أصحابها بمقتضى هذا القانون كل زيادة تطرأ على المرتب الأساسي المخصص للدرجة والسلم والرتبة أو الطبقة التي كان ينتمي إليها الموظف آو المستخدم عند حذفه من سلك الموظفين أو المستخدمين التابع له وتضاف إلى معاشات الزمانة المستحقة بمقتضى هذا القانون كل زيادة تطرأ على المرتب الأساسي المخصص للرقم الاستدلالي 100 –لكن الحكومات السابقة كلما تعلق الأمر بالرفع من القدرة الشرائية للموظفين فإنها تعمد للزيادة في التعويضات عوض الزيادة في الراتب الأساسي حتى لا يستفيد الموظفون المتقاعدون من أي زيادة..و بدأت سلسلة الزيادة في التعويضات الخاصة بالموظفين ابتداء من سنة 2003 إلى مايو 2011 وهكذا دواليك وقد بلغت في حدها الأدنى 1170 درهم وفي حدها الأعلى خارج السلم 4000 درهم.ومن أسباب إقصاء الموظفين المتقاعدين من الزيادة في أجور معاشهم منذ سنة 1997 أن جمعيات المتقاعدين لا تلح في الطلب بتحسين أوضاع المتقاعدين والمتقاعدون لا يتظاهرون في الشارع العام ،وبالتالي لا يهددون السلم الاجتماعي.لكن من الناحية الأخلاقية، تبقى الحكومة مطالبة بالرفع من القدرة الشرائية للموظفين المتقاعدين مثلهم مثل الموظفين كما تفعل الدول التي تحترم حقوق الإنسان،كما ان قرار الرفع من القدرة الشرائية للمواطنين يصبح حقا لكل المأجورين كلما ارتفع مؤشر المعيشة، لأن السلع والمواد الغذائية-لا تفرق بين متقاعد أو غيره- وهي تباع بنفس الأثمان ولا توجد في الأسواق مواد منخفضة الأثمان خاصة بالمتقاعدين ومواد مرتفعة الأثمان لمن استفاد سابقا من زيادة 1170 درهم إلى 4000 درهم.وللتذكير ،فان وزير تحديث القطاعات العامة في الحكومة السابقة بصفته ممثلا للحكومة في الحوار الاجتماعي سبق أن صرح بأن زيادة 600 درهم ابتداء من مايو 2011 ،خصصت لجميع موظفي الوظيفة العمومية بمن فيهم الأطر العليا ، وجاءت استجابة لمطلب الزيادة بسبب ارتفاع الأسعار لحماية القدرة الشرائية للمواطن المغربي إذ قال بالحرف (إن الحكومة انطلقت من اعتبارات موضوعية أولها أن المطالبة برفع الأجور جاء بسبب ارتفاع الأسعار وان الحكومة كانت مضطرة لحماية القدرة الشرائية للمواطن المغربي، لان هناك نفقة القفة التي يتحملها الجميع على قدم المساواة ومن هنا ارتأت الحكومة أن يتمتع الجميع بالزيادة وانه هناك من كان يرفض أن يستفيد الأطر العليا من الزيادة في الأجور لكن بعد نقاش مستفيض توصلنا إلى أن تكاليف المعيشة يتحملها الجميع بدون استثناء )،السؤال الذي يطرح نفسه هل الموظفون المتقاعدون ليسوا بمواطنين مغاربة ،وهل تكاليف المعيشة ونفقة القفة لا يتحملها المتقاعدون حتى يتم إقصاؤهم من الزيادة للرفع من قدرتهم الشرائية.وبالنسبة للمتقاعدين ذوي المعاشات المرتفعة من السلم 10 الى خارج السلم، فقد استفادوا من التخفيض من الضريبة العامة على الدخل من 42 في المائة إلى 40 في المائة ومن 40 في المائة الى 38 في المائة ابتداء من سنة 2010، وكذا الاستفادة من السقف المعفي من الضريبة من 24 ألف درهم إلى 30 ألف درهم سنة 2010 وهي تخفيضات هامة، كما استفادوا من الرفع من التخفيض الجزافي من المبلغ الإجمالي للمعاشات والإيرادات المفروضة عليه الضريبة من 40 في المائة التي كانت قبل 2013 الى 55 في المائة ابتداء من يناير 2013 أنظر الجريدة الرسمية وهو ما قلص من الضريبة المفروضة على المعاشات المرتفعة ، وبسبب ذلك زادت أجور ذوي المعاشات العليا ،ابتداء من يناير 2013 ،مثلا متقاعد السلم 10 استفاد من زيادة 50 درهما،وآخر خارج السلم استفاد من زيادة 400 درهم شهريا..تخفيض جزافي 55 في المائة من مبلغ المعاشات.بمعنى أنه قبل حساب الضريبة العامة على الدخل على مبلغ المعاشات ،فإن القانون المالي لسنة 2013 أقر تخفيض 55 في المائة من مبلغ المعاشات والباقي من المعاش وهو 45 في المائة هو الذي يخضع الضريبة العامة على الدخل . قبل سنة 2013 كان التخفيض محصورا في 40 في المائة.إذن ابتداء من سنة 2013 ,زادت الحكومة في نسبة التخفيض 15 في المائة.وهذه 15 في المائة نتج عنها تخفيض فيما كان يقطع للمتقاعدين قبل الضريبة العامة على الدخل . يتفاوت حسب مبلغ معاش كل متقاعد ، مثلا متقاعد يحصل على معاش 13000 درهم أضيف إلى معاشه مبلغ 850 درهم، ولمن يحصل على معاش أقل من 13000 درهم أضيف له أقل من 850 درهم ، ومن يحصل على 8000 درهم أضيف له تقريبا مبلغ 450 درهم .وهذا التخفيض أي 55 في المائة حدد لسقف مبلغ المعاش الشهري الذي لا يتعدى 14000 درهم .وبقي التخفيض 40 في المائة ساري المفعول على جميع المعاشات ، كما جاء في القانون المالي لسنة 2014.وبالنسبة للمتقاعدين ذوي المعاشات الدنيا من السلم 8 الى السلم 10 الرتبة 5،استفادوا من السقف المعفى من الضريبة العامة على الدخل من 24 ألف درهم إلى 30 ألف درهم ابتداء من سنة 2010 وهو تخفيض هزيل لا يسمن ولا يغني من جوع,وبالنسبة لمتقاعدي السلاليم من 1 الى 4 لم يستفيدوا من حذف هذه السلاليم، وهذا حيف في حقهم ولو أضفنا إلى هذا الحيف ، حرمان ̈ جميع المتقاعدين من الزيادات السابقة المخصصة للموظفين سيكون الحد الأعلى للمعاش في الوظيفة العمومية لأستاذ بكلية الطب يضاعف الحد الأدنى لمعاش موظف متقاعد – السلم 1 ب 54 مرة.إن هذه الشريحة من المجتمع مازالت تتطلع إلى أن يشملها هذا الحوار الاجتماعي ، وما قد يسفر عنه من مكتسبات لصالحهم وعلى الأخص الرفع من قدرتهم الشرائية على غرار الموظفين ،هذه الفئة التي طالها النسيان للأسف رغم أن مشاكلها ليست أقل من مشاكل باقي الفئات الاجتماعية الأخرى إن لم نقل أنها أكثر حدة،وهي مشاكل تتعلق أساسا بهزالة معاشات التقاعد ، وعدم مسايرتها لارتفاع الأسعار ، وتردي المستوى المعيشي لأغلبهم ليجدوا أنفسهم في الأخير عرضة للإهمال والتهميش والنسيان ، على الحكومة أن لا تتخلي إذن عن موظفيها المتقاعدين الذين أفنوا زهرة شبابهم في خدمة وطنهم.إن أمل المتقاعدين ،أن يتم الالتفات إلى معاناتهم من طرف هذه الحكومة اليوم قبل الغد ، وذلك بالرفع من قدرتهم الشرائية وبزيادة 600 درهم في معاشهم بأثر رجعي ابتداء من مايو 2011 .هذا مع التأكيد على التخفيضات الصريبية التي وقعت في عهد الحكومة الحالية أيضا دون استفادة أصحاب المعاشات غير الخاضعة للضريبة من أي زيادة تذكر و لاحول ولا قوة إلا بالله
دور متقاعدي الطبقة الوسطى في تنشيط الاقتصاد
ومن نافلة القول التأكيد مرة أخرى على دور شريحة المتقاعدين من متوسطي الدخل،وهم متقاعدو 2فرنك أكثر أو أقل في تحريك عجلة الاستهلاك الوطني ودعم اقتصاد البلاد بما تبقى لهم من معاش متآكل يوما بعد آخر أمام نار الزيادات المتتابعة في الأسعار ،كما أنه يمكن أن تطرح لفائدتهم بشكل مواز سلة دعم و تسهيلات قد تهم أساسا الأسر المتوسطة الدخل التي تدرس أبناءها خاصة بالسلكين الابتدائي والإعدادي والمكرهة على ذلك بالمدارس الخصوصية الملتهمة من دخلها المتوسط نصيبا مهما و مفروضا عبر أداء تكاليف التمدرس الباهضة+كلفة النقل الشهرية+رسوم التمدرس+التأمين والأنشطة الموازية السنوية غير المنضبطة لرؤية معقولة ومدروسة بعناية بعيدا عن أي توجه تجاري ربحي للمنظومة التعليمية بالإضافة إلى الاقتناء الكامل للأدوات والمقررات المدرسية المرهقة أسعارها لهذه الشريحة من المجتمع، ولو حاولنا الاقتراب مما يستوجب من ضروريات حياتية أخرى لضمان العيش الكريم والصحة والسكن اللائق لهذه الأسر المتوسطة الدخل،فسنصعق صعقا بسؤال محير يقفز إلى الأذهان: كيف يستطيع العيش هؤلاء وفق هذه الوضعية الصعبة للغاية ؟إذ أن شريحة متقاعدي 2 فرنك (8000 درهم ) أقل أو أكثر تكتوي بنار الزيادات المتتالية منذ أن أحيلت على المعاش النسبي أو الكامل أو الاضطراري في جل الأسعار خاصة الأساسية منها ،إضافة إلى ما تستنزفه الأبناك وشركات التأمين وشركات القروض والنقل والإسكان والمدارس الخصوصية والمؤسسات الحكومية والجماعات المحلية من مبالغ مالية و رسوم التنبر والتسجيل وما شابه ذلك، كلما اضطر متقاعد 2 فرنك إلى قضاء حاجة ضرورية عندها له أو لأبنائه ولذويه ، وهو أمر ينبغي مراجعته وتقنينه إما بالزيادة في المعاش لهاته الفئة أو منح تسهيلات ضريبية وتسعيرية أو تحفيزية ومساعدات اجتماعية خاصة بها رفقا بأحوالها المعيشية وعملا بالحق الدستوري في العدالة الأجرية بين كافة المواطنين والمواطنات ,علما بأن تلكم النفقات الضرورية تخرج إربا إربا من راتب معاشها غير المريح والمجمد بغير حراك والذي أضحى سريع الذوبان بين عشية وضحاها. ويمكن للحكومة حقيقة مثلما هو معمول به في كثير من الدول ،أن تحدث بطاقة “مزايا” آلية أو بطاقة تخفيض وطنية معالجة ومراقبة إلكترونيا للمتقاعدين تشمل تخفيضات “مهمة في سوق الاستهلاك المحلي “، خاصة بالمراكز والأسواق التجارية الكبرى لتأمين احتياجاتهم المعيشية ولذوي حقوقهم,وقد تتضمن تسهيلات (تجارية، تعليمية، صحية، رياضية، ترفيهية، سياحية، سكن وتغذية وتنقل إلخ ..).ويمكن أن تمنح بطاقة التخفيض للمتقاعد ما لا يقل عن 50% على الرسوم والضرائب التي تفرضها الحكومة ،كما قد يعفى من أداء الرسوم الجماعية أو من بعضها،واقتراح منح هذه الشريحة المهضومة الحقوق والتي لا تستفيد من الزيادة في معاشاتها، مزيداً من الامتيازات، لتكون سبل العيش ميسرة لها في زمن التهاب الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة عملا بمفهوم الحق في العدالة الأجرية و مفهوم الإنصاف في توزيع ثروات البلاد حفاظا على السلم الاجتماعية والقدرة الشرائية لكافة المواطنين والمواطنات داخل هذا الوطن الغالي.
إن شعب هذه الطبقة المسحوقة لا ينتظر هدية من السماء بل يريد استخراجها من الأرض ،هذه الأرض المعطاء ،من فوسفاطها ومعادنها وخيراتها الطبيعية ومياهها المعدنية التي تباع في السوق بأثمنة غير معقولة ومقاولاتها ومن ضرائبها المختلفة والمفترض أن تقع على الثروة والأخرى بأشكالها المختلفة كالضريبة على القيمة المضافة وعلى الاستهلاك التي يؤديها جبرا كل مواطن ومواطنة ومن أموالها المنهوبة سلفا ومن مأذونياتها ومقالعها ورخصها بأعالي البحار ومن ثرواتها السمكية والبحرية ومن كل الامتيازات والمنح ذات الأرقام الفلكية التي تذهب سدى في الترفيه عن بعض الأمة دون سائرها والتي تعلو ولا يعلى عليها، والقائمة تطول وتطول
امتيازات ذوي المعاشات بالدول الراقية
نأتي هنا للتذكير ببعض الامتيازات التي تتمتع بها المتقاعدات ويتمتع بها المتقاعدون بالدول المتقدمة الراقية مثل اليابان وألمانيا والسويد والولايات المتحدة الأمريكية أو بدول خليجية كالسعودية والإمارات وقطر منها
توفير بطاقة تأمين صحي شاملة مدى الحياة للولوج لكل المؤسسات الصحية في الدولة
إمتيازات الرفاهية بخصم 50% من قيمة تذاكر السفر برا وبحرا وجوا
Ad
Unmute
منح بطاقة اشتراك في النوادي والمنتجعات الحكومية بالمجان
إمكانية الحصول على القروض بدون فوائد
تنظيم رحلات سياحية بأسعار تفضيلية داخل وخارج البلاد
مجانية الولوج أو بأسعار في المتناول للمتاحف والمنتزهات والمحميات الطبيعية وحدائق الحيوانات والمسابح العمومية
مجانية التنقل أو بأسعار خاصة بالمتقاعد عبر الحافلات والقطارات ووسائل النقل العمومية الأخرى
الاستفادة من تخفيضات تجارية خاصة مراعاة لسن المتقاعد
طرح بطاقة مزايا خاصة بالمحالين والمحالات
على المعاش تهم خصما مهما قد يصل إلى النصف في كافة المشتريات
معاملة تفضيلية خاصة وإنسانية من قبل الأسواق التجارية الكبرى والأندية والشركات والأبناك لكل من تجاوز سن الخمسين أو سن الستين حسب معايير كل بلد يقدر متقاعديه
إعفاءات ضريبية عند اقتناء بقعة أرضية أو مسكن أو سيارة أو أي شيء من أساسيات العيش
إنشاء جامعة خاصة بالمتقاعدين باليابان ليقدموا من خلالها دراساتهم وبحوثهم والانخراط بدورات تدريبية من أجل خدمة المجتمع والزيادة في تدليل المتقاعد لحمايته من الكآبة ومن الفراغ القاتل،وغيره كثير من الامتيازات الممنوحة للمتقاعد
فهلا تأسينا بمن سبقونا في التطور بحفظ كرامة متقاعدينا والاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم المختزنة وتحويلهم من “موتى قاعدين” إلى مواطنين منتجين ومشاركين في دورة الحياة المجتمعية المتعددة ونقلهم من خانة الموت البطيء المترهل إلى عالم العمل المثمر المتجدد،ففيه متعة الذات والحياة والواجب الوطني.يقول الفيلسوف البريطاني الساخر جورج برنارد شو “الحياة المليئة بالعمل أكثر نفعًا وجدارة بالاحترام من حياة فارغة من أي عمل”
لا لإقصاء الزيادة في الراتب الأساسي
وأخيرا نذكر باستنكار فيدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب ونشر سنة 2022 لإقصاء فئة المتقاعدين من مخرجات الحوار الاجتماعي الذي توجت جولاته بتوقيع اتفاق آنذاك بين الحكومة والمركزيات النقابية
واستغرب العربي العزاوي، رئيس الفدرالية، في تصريح له، ما وصفه بـ”عدم التفات المسؤولين لهذه الفئة التي كرست حياتها خدمة للصالح العام”، مضيفا أن “ما يقارب مليوني متقاعد يعيشون في وضعية مزرية، في غياب خدمات التطبيب والرعاية الصحية التي يحتاجون إليها بالنظر إلى تقدمهم في العمر”
ويضاف إلى ذلك، يضيف العزاوي، عدم توفر المعنيين على معاش يحفظ كرامتهم، مشيرا إلى أن “عددا من الملفات تتقاطر على مكتب الفدرالية تحوي قصصا إنسانية لمتقاعدين عاجزين لا يجدون من يمدهم بكأس ماء عند الحاجة”، وزاد: “خلال الحوار الاجتماعي لم يلتفتوا ولو بعبارة أو كلمة إيجابية إلى المتقاعد الذي طالت انتظاراته وخابت آماله”
وأكدت الفدرالية في بيانها أن “المتقاعد ضحية الإقصاء منذ 1998، ذلك أن الزيادات المتتالية التي شملت النشطاء الإداريين كانت تشمل التعويضات المختلفة، ولا تهم الراتب الأساسي، أو الأجرة القياسية، وهذا حيف مقصود لإقصاء المتقاعد؛
وزاد المصدر ذاته: “ربطت بعض الأصوات الغريبة من داخل الحوار الاجتماعي النظر في معاشات المتقاعدين بإصلاح أنظمة التقاعد، وهذا الربط غير مقبول لأن إصلاح التقاعد قرار هيكلي والكلام عنه بدأ منذ 2003، ولا يصح أن يرتبط بالمعاش الذي هو أمر استعجالي ولا يسمح بالانتظار والمماطلة باعتباره مصدر المعيشة اليومية للمتقاعد، من أكل وشرب ونقل وكساء وتطبيب واستشفاء وتكفل بالأسرة”
كما طالبت الفدرالية بحضور ممثلين للمتقاعدين في الحوار الاجتماعي لتوضيح انتظاراتهم ومطالبهم وتطلعاتهم، ومنها “الزيادة في المعاشات، وتقييمها وربطها بغلاء المعيشة وزيادة مستوى الأجور، وتعميم الحد الأدنى للمعاشات في حدود 1500 درهم، والزيادة فيه ليبلغ الحد الأدنى للأجور SMIG، واستفادة الأرملة من الحد الأدنى للمعاش بكامله، والزيادة في الخصم الضريبي، مع حذف سقف 168000 درهم سنويا الذي ليس له سند منطقي، والتطبيق الفعلي للمقتضيات الدستورية والاتفاقيات والمواثيق الدولية والقوانين المغربية، والاستفادة من الامتيازات الاجتماعية من نقل ومبيت في الفنادق كما هو معمول به في كثير من الدول”
كاتب صحافي