إعداد: سهيلة التاور
أشار تقرير لجمعية السرطان الأمريكية إلى أن معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم ترتفع بسرعة بين الأشخاص في مرحلة العشرينات والثلاثينات والأربعينات من العمر.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، عن مايكل سيتشيني، المدير المشارك لبرنامج القولون والمستقيم بمركز سرطان الجهاز الهضمي: «للأسف المشكلة تصبح أسوأ كل عام»، مضيفا أن حالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في عمر مبكر ازدادت بنحو 2 في المائة سنويا منذ منتصف التسعينيات.
وأكد الطبيب أن هذه الزيادة تسببت في جعل هذا النوع من السرطان السبب الرئيسي لوفيات السرطان لدى الرجال الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما، وثاني أسباب وفيات السرطان لدى النساء أقل من 50 عاما في الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة المذكورة آنفا إلى أن بعض الخبراء أوضحوا وجود ارتفاع في حالات الإصابة في سن مبكرة، بجميع أنحاء العالم.
وتوقعت جمعية السرطان الأمريكية، العام الماضي، أنه سيكون هناك نحو 153 ألف تشخيص جديد في الولايات المتحدة، من بينهم 19550 لأشخاص تقل أعمارهم عن 50 سنة.
لكن جيل الألفية، المولود في حدود عام 1990، يواجه ضِعف معدل خطر الإصابة بسرطان القولون مقارنة بالأشخاص المولودين في فترة الخمسينيات، بينما خطر إصابة جيل الألفية بسرطان المستقيم أعلى بنحو 4 أضعاف مقارنة بالفئات الأكبر سنا، وفق دراسة لمجلة المعهد الوطني للسرطان.
وأكدت «نيويورك تايمز» أن بعض الأبحاث أشارت إلى أن «نمط الحياة والتغيرات الغذائية، وراء زيادة معدلات الإصابة لدى الصغار والبالغين».
وأوضحت أن «الأجيال الأخيرة تستهلك المزيد من اللحوم الحمراء، والأطعمة فائقة المعالجة، والمشروبات السكرية، بجانب شرب الكحوليات بشكل متكرر بدرجة أكبر، وزيادة معدلات التدخين».
لكن الصحيفة أوضحت أن ذلك «لا يفسر بشكل كامل» الزيادة في حالات الإصابة.
وأشارت إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن سرطان القولون والمستقيم هو ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعا في العالم، حيث يمثل حوالي 10 في المائة من جميع حالات السرطان، والسبب الرئيسي الثاني للوفيات الناجمة عن السرطان في العالم.
وتساهم العديد من العوامل المتصلة بأنماط الحياة في حدوث سرطان القولون والمستقيم، من بينها على سبيل المثال تناول كميات كبيرة من اللحوم المصنعة، وقلة تناول الفواكه والخضروات، وأنماط الحياة المتسمة بقلة الحركة، والسمنة، والتدخين، والإفراط في شرب الكحول.
وغالبا ما تُشخص الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في مراحل متقدمة، عندما تكون خيارات العلاج محدودة.
ويمكن خفض معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم والحد من أثره بشكل كبير، بتنفيذ استراتيجيات الوقاية الأولية، مثل تبني نمط حياة صحي، وتجنب التعرض لعوامل الخطر، والكشف المبكر عن المرض عن طريق التحري.
دور القولون والأمعاء
يلعب القولون، أو الأمعاء الغليظة، دورا حاسما في جهازنا الهضمي، فهو على نحو أساسي يشكل مركز معالجة النفايات وإعادة تدويرها في الجسم. فبعد تفكيك المعدة والأمعاء الدقيقة للطعام وامتصاص العناصر الغذائية، يقوم القولون بإدارة ما تبقى. وتتمثل وظيفته الأساسية في إزالة الماء والأملاح من هذه المادة، وتحويلها من الحالة السائلة إلى فضلات صلبة أو براز.
بالإضافة إلى إدارة النفايات، يحتوي القولون أيضا على ميكروبيوم معقد، يلعب دورا رئيسيا في صحة الجهاز الهضمي بشكل عام، ووظيفة المناعة، وحتى تنظيم المزاج. يبلغ طول القولون بأكمله حوالي 5 أقدام (150 سنتيمترا)، وينقسم إلى خمسة أجزاء رئيسية، والمستقيم هو الجزء التشريحي الأخير قبل فتحة الشرج. ولهذا السبب يطلق عليه شهر التوعية على سرطان القولون والمستقيم، وليس فقط التوعية على سرطان القولون. يمكن أن يصيب السرطان أيا من هذه الأعضاء، ما يسلط الضوء على أهمية إجراء تنظير القولون الشامل عند الحاجة.
سرطان القولون
يعرف سرطان القولون بأنه نمو لخلايا سرطانية في القولون، وهو الأنبوب الطويل الذي يساعد في نقل الطعام المهضوم إلى المستقيم.
يتطور سرطان القولون من بعض الأورام الحميدة، أو ما تسمى البوليبات (Colon Polyps) في البطانة الداخلية للقولون. ويخضع مقدمو الرعاية الصحية لاختبارات فحص تكتشف البوليبات محتملة التسرطن، قبل أن تتحول إلى أورام سرطانية.
وقد ينتشر سرطان القولون الذي لم يُكتشف أو يعالج إلى مناطق أخرى من الجسم. وبفضل اختبارات الفحص والعلاج المبكر وأنواع العلاج الجديدة، يموت عدد أقل من الناس، بسبب سرطان القولون.
أعراض سرطان القولون
في بدايته، لا يسبب سرطان القولون في الغالب أي أعراض، وبالتالي لا يمكن اكتشافه إلا في مراحل لاحقة. ومع ذلك، هناك بعض العلامات التحذيرية التي يرسلها الجسم. في بعض الأحيان يتجلى ذلك، على سبيل المثال، في آلام في البطن أو تغييرات عند طرح البراز.
الضعف والتعب، وهو العرض الوحيد عند بعض الناس.
الألم عند الذهاب إلى الحمام لطرح البراز، ومغص في البطن بمعزل عن أوقات طرح البراز.
مشاكل في الجهاز الهضمي: كالإمساك وصعوبة إخراج البراز، وحدوث أصوات عالية متكررة في الأمعاء، وانتفاخ البطن، ووجود غثيان متكرر، أو الشعور بالامتلاء على الرغم من عدم تناول الطعام بشكل كاف.
دم ومخاطيات في البراز.
الشعور بأن المستقيم لم يفرغ بالكامل، بعد حركة الأمعاء.
كما يمكن أن يثير النشاط المنخفض والتعب المتكرر، فضلا عن الحمى الطفيفة المتكررة والتعرق الليلي بشكل عام إلى وجود الورم. في مراحل أكثر تقدما يحدث نزف منتظم، بسبب الورم، ما يسفر عن الإصابة بفقر الدم، ما يؤدي بدوره إلى الشحوب وفقدان الوزن.
أسباب سرطان القولون
أوضحت الدراسة التي قام بها فريق دولي من الباحثين من عدة مؤسسات، بما في ذلك جامعة تشجيانغ في الصين، وجامعة إدنبرة، وجامعة هارفارد، أن الأنظمة الغذائية التي تحتوي على نسبة عالية من «اللحوم الحمراء والملح» والكحول أدت إلى حدوث طفرة عالمية الإصابات.
كما أفادت بأن العادات غير الصحية، بما في ذلك عدم تناول ما يكفي من الفاكهة والخضروات والتدخين، تعد من عوامل الخطر الرئيسية لأنواع السرطان المبكرة الأكثر شيوعا.
وخلص الباحثون إلى أن تشجيع نمط حياة صحي، بما في ذلك زيادة مستويات النشاط، يمكن أن يقلل من مستويات السرطان بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما.
إلى ذلك قالوا إن الخمول البدني والوزن الزائد وارتفاع نسبة السكر في الدم هي أيضا «عوامل مساهمة»، بحسب ما نقل موقع «ذا تايمز».
وفي مقال افتتاحي مرتبط، أكد علماء من جامعة كوينز بلفاست أن النتائج «تتحدى التصورات حول نوع السرطان الذي يتم تشخيصه في الفئات العمرية الأصغر سنا».
وأضافوا أنه على الرغم من أن الفهم الكامل للأسباب الكامنة وراء هذا الاتجاه المتزايد لا يزال بعيد المنال، فمن المحتمل أن عوامل نمط الحياة كانت تساهم «ويجري استكشاف مجالات بحثية جديدة، مثل استخدام المضادات الحيوية، وميكروبيوم الأمعاء، وتلوث الهواء الخارجي، والتعرض المبكر للحياة».
كما قال الخبراء إن إجراء تغييرات مثل الإقلاع عن التدخين، والحد من استهلاك الكحول، واتباع نظام غذائي صحي غني بالفواكه والخضروات وقليل من اللحوم الحمراء والمعالجة، من المرجح أن يقلل من خطر إصابة شخص ما، وبالمثل تعزيز مستويات النشاط البدني.
علاج سرطان القولون
تتأثر فعالية ونجاح علاج سرطان القولون بمكان الجزء المصاب من الأمعاء، ومدى انتشار السرطان بشكل عام. يُعد التدخل الجراحي هو العلاج الأساسي لعلاج هذا النوع من السرطان، وقد يكون مصحوبا بعلاج كيميائي أو إشعاعي أو علاج بيولوجي على حسب كل حالة، إذ يصعب لدى بعض الحالات استئصال الورم كاملا عبر الجراحة فقط؛ بل يحتاج المريض إلى الاعتماد على مجموعة علاجات للسيطرة على الأعراض والحد من انتشار السرطان.
تزداد احتمالية الشفاء التام وعدم عودة السرطان مرة أخرى كلما كان اكتشاف المرض والعلاج في وقت مبكر، لكن لا يوجد ضامن ضد عدم التعرض لغزو الخلايا السرطانية مرة أخرى.
عملية استئصال أورام القولون
تتعدد طرق استئصال أورام القولون، فنجد على سبيل المثال:
استئصال أورام القولون المفتوح: يزيل الجراح جزءا من القولون، من خلال إجراء شق واحد كبير أسفل البطن.
استئصال أورام القولون بالمنظار: تُعد هذه الطريقة بديلا عن الجراحة التقليدية المفتوحة. يلجأ الجراح إلى إجراء عدة شقوق صغيرة في بطن المريض، يُدخل من خلالها منظارا وأدوات دقيقة لإزالة جزء من القولون.
الجراحة الروبوتية: يعمل الروبوت كامتداد للجراح في هذا النوع من الجراحات، تُجرى العملية بدقة متناهية، وشقوق صغيرة جدا.
العلاج بالكيماوي
يعمل العلاج الكيماوي في القضاء على الخلايا السرطانية، من خلال استخدام بعض الأدوية، بعد إزالة معظم الورم جراحيا، خاصة في حالات الأورام كبيرة الحجم أو المنتشرة إلى العقد اللمفاوية المجاورة. يستطيع العلاج الكيماوي التحكم في نمو الخلايا السرطانية، مما يؤدي إلى انخفاض خطر الإصابة بالسرطان مرة أخرى.
ونجد على الجانب الآخر بعض الآثار الجانبية لهذه الطريقة العلاجية التي تزعج المريض، لكن يمكن السيطرة عليها من خلال أدوية أخرى مثل: تساقط الشعر، تقرحات الفم، فقدان الشهية أو الوزن، قيء وغثيان، إسهال، تغيرات في الأظافر والجلد.
زيادة فرصة الإصابة بالعدوى، بسبب انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء، وحدوث كدمات أو نزيف بسهولة نتيجة انخفاض عدد الصفائح الدموية، والتعب العام بسبب انخفاض عدد خلايا الدم الحمراء.
ويلجأ الطبيب إلى العلاج الكيماوي وقت علاج سرطان القولون في أوقات مختلفة منها:
بعد الجراحة: يصف الطبيب العلاج الكيماوي المساعد بعد الجراحة لقتل الخلايا السرطانية الصغيرة، التي لم يتم إزالتها بالجراحة، وكذلك للقضاء على الخلايا السرطانية التي قد تكون بدأت في غزو أجزاء أخرى من الجسم. تكمن أهمية هذا الإجراء بأنه يقلل من احتمال عودة السرطان.
قبل الجراحة: يتم إعطاء العلاج الكيماوي (بالتعاون مع العلاج الإشعاعي أحيانا)، قبل الجراحة، لتقليص حجم الورم والمساعدة في إزالته بسهولة.
في حالات السرطان المتقدمة: نستخدم العلاج الكيماوي مع حالات السرطان المتقدمة، التي تكون الخلايا قد أصابت أعضاء أخرى من الجسم مثل الكبد؛ لتقليص الأورام وتقليل آثارها على الجسم. يساعد العلاج الكيماوي المريض على الشعور بالتحسن، وتخفيف الآلام والصعوبات التي قد يعاني منها.