محمد سعيد أرباط
لم تصل الرباط ومدريد إلى غاية حدود اليوم، إلى اتفاق نهائي حول ترسيم الحدود البحرية، وخاصة في الواجهة الأطلسية التي تشمل جزر الكناري الخاضة للسيادة الإسبانية والتي تقع قبالة السواحل الصحراوية المغربية، وهو ما يشير إلى وجود خلافات لم يتم تسويتها بعد، خاصة بعد ظهور “عوامل صراع جديدة” متمثلة في الاكتشافات التي تشير إلى وجود “كنز من المعادن” في منطقة تروبيك الواقعة تحت الماء جنوب غرب الصحراء المغربية وجزر الكناري.
وفي هذا السياق، قالت صحيفة “إلبيريوديكو دي إسبانيا” في تقرير نشرته امس الخميس، إن منطقة “جبل تروبيك” فتحت الباب أمام صراع بين المغرب وإسبانيا حول من يكون له الحق في استغلال هذه المنطقة، ولاسيما أنها منطقة غنية بالالآف من المعادن النادرة التي يُمكن استخدامها في العديد من الصناعات الحديثة.
ووفي المصدر ذاته، فإن من أسباب الصراع بين المغرب وإسبانيا على السيادة في هذه المنطقة، هو الموقع “المحايد” لجبل تروبيك في المحيط الأطلسي، حيث لا يدخل في حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تصل مساحتها في الأفق إلى 200 كيلومتر، سواء بالنسبة للمغرب أو بالنسبة لإسبانيا عبر حدود جزر الكناري الخاضعة لسيادتها.
وقالت الصحيفة الإسبانية، إن جبل تروبيك، المعروف أيضًا باسم “أبواب جزر الكناري”، وهو جبل بركاني من العصر الطباشيري وهو يمتد على مساحة شاسعة في المحيط الأطلسي، غير أن مساحته الكبيرة هي التي تقع جنوب غرب جزر الكناري وشمال الرأس الأخضر وغرب الصحراء المغربية.
وأضافت الصحيفة ذاتها، أن جبل تروبيك يقع على عمق يتراوح بين 1000 و4000 متر، وتكمن شهرته، بصرف النظر عن مساحته الهائلة، في الكمية الكبيرة من المعادن والمواد الخام الصناعية المهمة التي يمتلكها، مثل التيلوريوم والكوبالت والفلزات النادرة، بالإضافة إلى ذلك، تعيش فيه مخلوقات محمية للغاية، مثل الإسفنج والشعاب المرجانية.
هذا، وتجدر الإشارة في نفس السياق، أن صحيفة “El Dia” الإسبانية، كانت قد تحدثت في تقرير نشرته في يناير الماضي، عن مساعي المغرب لضم منطقة تروبيك لسيادته البحرية، من أجل أن يستخدمه لاستخراج المعادن الخاصة بصناعة البطاريات لتعزيز صناعة السيارات الكهربائية في المملكة، على اعتبار أن هذه الصناعة ستكون هي السائدة مستقبلا لكافة وسائل النقل.
وحسب تقرير الصحيفة المذكورة، فإن مخطط المغرب للتأسيس لصناعة قوية في مجال السيارات الكهربائية، يدخل في إطار مخطط أوسع يهدف إلى السيطرة على جبل تروبيك الواقع بالمحيط الأطلسي، والذي تُشير الدراسات إلى أنه منطقة غنية بالمعادن التي تصلح لإنتاج البطاريات الكهربائية.
وفي هذا السياق، قالت الصحيفة الإسبانية، إن انتاج البطاريات لفائدة السيارات الكهربائية تتطلب معادن عديدة، وليس مضمون حاليا قدرة المغرب على توفيرها لانتاج صناعة قوية في هذا المجال، وهو ما يدفع الرباط إلى وضع عينيها على جبل تروبيك الذي يوجد خلاف حول من سيدخل في نطاق حدوده البحرية مع إسبانيا، في ظل وجود جزر الكناري على مقربة من منطقة جبل تروبيك.
وأشارت “إل دييا” إلى الاتفاقيات العديدة التي وقعها المغرب مع الشركات الآسيوية، وبالخصوص التي تنتمي إلى الصين وكورويا الجنوبية، من أجل إنشاء مصانع ضخمة بميزانية مالية كبيرة جدا، للتخصص في انتاج المواد الأولية والمعادن الخاصة بإنتاج البطاريات الموجهة لصناعة السيارات الكهربائية، مثل شركة LG الكوروية وشركة Huayou الصينية.
ووفق نفس المصدر، فإن من بين المشاكل الأخرى التي تحول دون سيطرة المغرب الرسمية على جبل تروبيك، هو الصراع القائم مع جبهة البوليساريو الانفصالية على إقليم الصحراء، مشيرة إلى أن المغرب لا يستطع ضم جبل تروبيك في ظل عدم حل مشكلة الصحراء على مستوى الأمم المتحدة بشكل نهائي.
وحسب نفس المصدر، فإنه في حالة تمكن المغرب من حل قضية الصحراء تحت سيادته، فإنه هو الأقرب لضم جبل تروبيك، بالنظر إلى أنه يقع قبالة سواحل إقليم الصحراء، بالرغم من أن الوضع النهائي قد يتحقق باتفاق بين المغرب وإسبانيا في ظل وجود جزر الكناري على خريطة المنطقة.