رفض المجلس الدستوري الفرنسي، أمس الخميس، أجزاء واسعة من قانون الهجرة، لا سيّما تدابير أقرّت بضغط من اليمين، في ديسمبر، لتشديد النص المقترح من الحكومة، ما أثار انقسامات في معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون.
فبعد شهر على إقراره في البرلمان، في 19 ديسمبر، رفض الأعضاء التسعة في المجلس المناط البتّ في مدى دستورية القوانين، غالبية التدابير التي أثارت انتقادات واحتجاجات كبيرة، ولا سيّما تقليص حصول الأجانب من غير الأوروبيين على إعانات، وتحديد حصص هجرة سنوية وتشديد شروط لم شمل العائلات.
وقال وزير الداخلية جيرالد دارمانان، عبر منصة إكس: “المجلس الدستوري يصادق على نص الحكومة بالكامل”، مضيفاً أن السلطة التنفيذية أخذت علماً “برفض الكثير من البنود التي أضافها البرلمان لعدم احترامها الإجراءات البرلمانية المرعية”.
وكانت السلطة التنفيذية تتوقع هذا الرفض، لأن أحكاماً عدة في النص، باعتراف دارمان نفسه، “مخالفة بشكل واضح للدستور”.
على العكس من ذلك، ندّد رئيس “التجمع الوطني” اليميني المتطرف جوردان بارديلا بحصول “انقلاب من قبل القضاة بدعم من الرئيس”، معتبراً أن “قانون الهجرة ولد ميتاً”. ودعا إلى إجراء استفتاء حول الهجرة.
ويرى “التجمع الوطني” وحزب الجمهوريين اليميني (معارضة) أن رفض أجزاء واسعة من القانون يعيد طرح مسألة تعديل جديد للدستور يطالبان بانتظام به بشأن مسائل الهجرة.
وقال رئيس حزب الجمهوريين إريك سيوتي إن التعديل “لا مفرّ منه أكثر من أي وقت مضى”، في حين رأت زعيمة مجموعة “التجمع الوطني” النيابية في الجمعية الوطنية مارين لوبن: “وحده تعديل دستوري يسمح بالاستجابة لرهانات الهجرة التي تطالنا بالصميم”. وكانت لوبن، المرشحة السابقة للرئاسة الفرنسية، اعتبرت إقرار النص “انتصاراً أيديولوجياً”.
ويعيد قرار المجلس الدستوري خلط الأوراق. وهو كان موضع متابعة من جانب منظمات الدفاع عن المهاجرين بطريقة غير نظامية وخبراء قانون ونقابات.
فقد رفض المجلس جزئياً أو كلياً 35 من أصل 86 بنداً في القانون، على ما جاء في القرار.
ورأى المجلس أن غالبيتها، أي 32 منها، لا مكان لها في النص، على أساس أنها لا تتعلق بموضوع القانون. ومع ذلك، يمكن قبول هذه التعديلات لاحقاً كجزء من تشريعات أخرى مختلفة.
قال جان-كلود ساموييه رئيس منظمة العفو الدولية خلال تجمع قرب المجلس الدستوري “سُجّل انتصار هذا المساء”.
وفق (أ.ف.ب) فقد تنفس البعض الصعداء جراء القرار، حتى في صفوف الغالبية، إذ إن 27 نائباً منها، من أصل 248 عارضوا نص القانون، في حين استقال أوريليان روسو وزير الصحة الذي ينتمي للجناح اليساري في الحكومة من منصبه بعد إقراره.
وقال جان-كلود ساموييه رئيس منظمة العفو الدولية خلال تجمع قرب المجلس الدستوري “سجل انتصار هذا المساء”.
وتحدثت أوساط اليسار عن “صفعة” وعن “درس في دولة القانون” فيما صدرت دعوات لسحب “قانون سيء”.
ورأى أوليفيه فور، الأمين العام للحزب الاشتراكي، أن “الحكومة ستحمل وصمة العار التي لا تمحى بدعوتها إلى التصويت على قانون يتماهى مع مواقف اليمين المتطرف التاريخية بضغط من حزب الجمهوريين”.
واعتبر مانيول بومبار، منسق حزب “فرنسا الأبية”، أن القانون “بات مبتوراً بشكل كامل ولا شرعية له بتاتاً” و”يجب أن يسحب”.
وقد رفض بالكامل بند مثير جداً للجدل يمدد فترة الإقامة المطلوبة لحصول غير الأوروبيين المقيمين بطريقة نظامية في فرنسا، على إعانات اجتماعية، مثل السكن ومخصصات العائلة وغيرها.
كذلك، رفض المجلس تشديد شروط لمّ شمل العائلات مع مدة إقامة مطلوبة من 24 شهراً بدلاً من 18 شهراً وفرض “ضمانة عودة” للطلاب الأجانب وإعادة النظر في قانون الحصول على الجنسية تلقائياً بمجرد الولادة في فرنسا.
واعتبر تحديد حصص سنوية للهجرة من جانب البرلمان بعد نقاش إلزامي، مخالفاً للدستور أيضاً.
وأبقى المجلس على البنية الأصلية التي عرضتها الحكومة، مع قسم كبير مخصص لتسهيل إجراءات طرد الأجانب من مرتكبي الجنح، وهو من أهداف وزير الداخلية الحالي جيرالد دارمانان.