محمد سعيد أرباط
لازال موضوع الخريطة الرسمية المغربية التي تتضمن مدينتي سبتة ومليلية والموضوعة بسفارة المغرب بمدريد، تثير الكثير من الجدل في أوساط السياسيين الإسبان، حيث أحدث تراشقا بين الحزب الشعبي (PP) الذي يقوده ألبيرتو نونييز فييخو، وحزب العمال الاشتراكي (PSOE) بقيادة بيدرو سانشيز.
وجاء هذا الصراع السياسي بعد إصرار رئيس مليلية المحتلة، خوان خوسي إمبرودا، المنتمي للحزب الشعبي، بمطالبة الحكومة الإسبانية الانتقالية التي تقودها سانشيز، على توجيه احتجاج رسمي على ضم سبتة ومليلية كأراض مغربية في الخريطة الرسمية للبلاد، بدعوى أن المدينتين هما مدينتان إسبانيتان وبالتالي يجب أن تكون هناك خطوط تفصلهما عن باقي التراب المغربي.
واعتبر الحزب العمالي الاشتراكي، عبر ممثله في مليلية، رفاييل روبليس، بأن إصرار الحزب الشعبي على هذه النقطة، يخدم مصالح المغرب أكثر، ويُساهم في فتح النقاش حول انتماء المدينتين، في الوقت الذي لا يوجد شك على انتمائهما إلى إسبانيا، حسب تعبير روبليس.
وكان إمبرودا قد فتح هذا النقاش في الثلاثاء الماضي عندما قال عبر صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، بأن الخرائط الرسمية للمملكة المغربية التي تندرج فيها سبتة ومليلية توجد حتى في السفارة المغربية في مدريد، حيث تتولى كريمة بنيعيش منصب سفير الرباط لدى مدريد، وهو ما يُعتبر حسب وصف إمبرودا بـ”العدوان” المغربي على إسبانيا وتاريخها.
ولتبرير مطلبه والتأكيد على “إسبانية سبتة ومليلية”، قال إمبرودا إن الوجود الإسباني فيهما يعود إلى أكثر من 5 قرون، قبل استقلال المملكة المغربية في خمسينيات القرن الماضي، وهو ادعاء يُكرره الكثير من الإسبان الذين يجهلون التاريخ المغربي الذي يعود إلى أكثر من 12 قرنا، وكانت سبتة ومليلية دائما جزءا من الدول المغربية المتعاقبة.
وعلى المستوى الرسمي، فإن الرباط لا تعترف بسيادة إسبانيا على المدينتين السليبتين، وتعتبرهما أراض مغربية محتلة من طرف إسبانيا، وسيأتي اليوم الذي سيتم فيه فتح ملف المدينتين من أجل مناقشة خروج إسبانيا منهما وعودتهما إلى حوزة المملكة المغربية.
وفي نفس السياق، تجدر الإشارة إلى أن “مرصد سبتة ومليلية” الإسباني كان قد تقدم في يونيو الماضي بشكوى رسمية إلى شركة “غوغل” الأمريكية عبر فرعها في إسبانيا، بشأن الخطوط المتقطعة التي يُحدد بها تطبيق الخرائط “Google Map” الحدود الجغرافية لمدينتي سبتة ومليلية، وهي الخطوط التي تعني أن تلك المنطقتين متنازع عليهما بين إسبانيا والمغرب.
وحسب ما أوردته الصحافة الإسبانية، فإن رئيس المرصد، كرلوس اتشيبيريا، وجه رسالة تتضمن شكاية إلى مدير “غوغل” في إسبانيا، يُطالبه فيها بتصحيح “الخطأ” الذي يرتكبه تطبيق الخرائط التابع للشركة، والمتمثل في وضع خطوط متقطعة على حدود سبتة ومليلية وكأنهما مناطق متنازع عليهما، في حين أنه لا يوجد نزاع ذات صبغة دولية في المنطقتين حسب تعبير رئيس المرصد، وبالتالي هما أراض إسبانية.
وجاء ذلك التحرك من طرف المرصد المذكور، بعدما نشرت صحيفة “الإسبانيول” قبل ذلك تقريرا قالت فيه بأن شركة “غوغل” الأمريكية تضع خطوطا متقطعة على حدود مليلية وسبتة مع المغرب في الخرائط التي تنشرها عبر تطبيقها “Google Map”، مشيرة إلى أن “غوغل” تفعل ذلك بالنسبة للمناطق المتنازع عليها، مستغربة أن تُطبق ذلك على المدينتين اللتين تعتبر “أراض إسبانية غير متنازع عليها”.
وأضافت الصحيفة الإسبانية المذكورة، أن “غوغل” تحاول إرضاء الطرف المغربي، وبالتالي تضع خطوطا متقطعة للإشارة إلى الحدود بين المغرب وسبتة ومليلية، في حين أن الحدود الإسبانية والبرتغالية مثلا، يفصلهما خط متصل يشير بوضوح إلى الحدود الجغرافية للبلدين، وهو ما لا تُطبقه الشركة الأمريكية على “المدينتين الإسبانيتين” حسب تعبيرها.
وأشارت “الإسبانيول” بأن “غوغل” في تعريفها للخط التي تقوم بها لتحديد المناطق الجغرافية لسبتة ومليلية، يعني بأنه لا يوجد لحد الآن اتفاق دولي نهائي يحدد لمن تنتمي سبتة ومليلية، مضيفة بأن “غوغل” تشير في تعريفها إلى المطالب المغربية بشأن المدينتين منذ استقلال المملكة المغربية في سنة 1956.