بقلم: علال زوهري
كالعادة دائما، كلما وقعت حادثة أو مصيبة في بقعة ما تسمع “الأنبياء” و”المرسلين” يطربون مسامعك بتأويلات وشروح حاسمة وبديهية بالنسبة لهم، كيف لا وهم يتلقون الوحي بشخصهم لدرجة يمكن القول معها أن الله سبحانه وتعالى يتشاور معهم في أفعاله ويخبرهم بحيثياتها كلها قبل أن يقوم بها، أو أن الله يعرف هؤلاء دون غيرهم سبب قيامه بما قام به عبر تكليمهم مباشرة، كما فعل مع سيدنا موسى أو عبر إخبارهم بالرؤيا كما فعل مع سيدنا إبراهيم، هؤلاء الذين اعتبروا كورونا أول ما ظهرت انتقاما من الله ضد الصين لأنها تعتدي على الروهينغا المسلمين، فما إن صارت الكعبة خالية من المصلين حتى ابتلعوا ألسنتهم وغابوا عن الساحة لأن الانتقام الإلهي عندهم لا يسري إلا على غير المسلمين فقط، أما إذا أصاب المسلمين شيء فألف تأويل وألف تبرير سيطفو على السطح، منهم من قال إن تركيا دولة فساد فهي تستحق ما جرى بها، بالله عليك يا مؤمنا بالعاطفة ألا تدري أن الأتراك أكثر تدينا والتزاما منك ؟، أليس في علمك أن الرئيس التركي هو أول من هاجم السويد وانتقد سلوكها بالسماح بإحراق المصحف الشريف ؟، ألم تر أن الشعب التركي هو الشعب الوحيد الذي حرق العلم السويدي أمام السفارة السويدية بعد عملية الحرق ؟، إذا استخدمنا منطقكم الأعرج هذا فسيأتي أي مسيحي الآن ويقول إن زلزال تركيا انتقام إلهي لأن تركيا هاجمت السويد التي حرقت القرآن وبالتالي فالمسيحية هي الدين الحق وليس الإسلام، وقد يأتي أيضاً يهودي ليقول إن هذا انتقام إلهي من المسلمين لأنهم يعادون اليهودية ويحاربونها، فما الحل إذن ؟.
الحل أن نفسر الأحداث والأمور التفاسير الملائمة لها والأكثر واقعية ومنطقية وعقلية ثم علمية، فالزالازل أسبابها علمية جيولوجية وجغرافية معروفة جدا والأماكن التي تشهد نشاطا زلزاليا في العالم أيضا معروفة، وإذا كانت الزلازل تربطها علاقة بالفساد فلماذا لا تدمر أمريكا وأستراليا وكندا والصين وروسيا، ولماذا لا تدمر إسرائيل مثلا ثم السويد بعدها، السويد التي لو كان الزلزال قد ضربها لقالوا مباشرة ودون تردد بأن هذا انتقام إلهي.
الحمد لله كثيرا أنّ الله لا يفكر مثلكم، فلو كان كذلك لدمر كل شيء تدميرا، فالفساد موجود في كل بقاع العالم وبكل أنواعه، ولو كان الأمر كذلك وبهذه السهولة فالمفروض أن نرى الدولة الفاسدة مدمرة عن آخرها ولا سبيل قط لإعمارها أليس كذلك ؟، لكن المشكلة العظمى والحقيقية هي أن كل شخص يستغل أدنى فرصة كي يشعر فيها بأنه أفضل والآخرين مذنبون وبأن الله راض عنه وساخط على الآخرين… هي أنانية ونرجسية وعقد نفسية متنوعة تلبس غطاء الدين وتستدعي التحليل العلمي والموضوعي بعيدا عن دغدغة العواطف وعن الكلام المعسول الذي ترافقه الموسيقى التصويرية.