زايو سيتي
تواصل زايوسيتي.نت النبش في تاريخ مدينة زايو، من خلال نشر مجموعة من الوثائق والصور والقصص حول أحداث وقصص جرت أطوارها في هذه البقعة ومحيطها.
قصة اليوم لرجل مغوار سَطَّرَ تاريخا مجيدا، لكن لا يتذكره الكثيرون بسبب ندرة أو بالأحرى انعدام المصادر التي تتحدث عنه. وقد ذكره الباحث قدور الورطاسي في كتابه “المطرب في تاريخ شرق المغرب”.
إنه محمد بن جلول، المولود سنة 1900 بزايو، والذي ذَكَرَ قدور الورطاسي حوارا دار بينه وبين أحد القواد الإسبان خلال فترة الاستعمار الإسباني لشمال المغرب.
فقد قال المؤلف: “وأنني لا زلت أذكر جيدا أحد القواد الإسبان قال لأحد رجال التحرير (محمد بن جلول): هل أنت تفهم الاستقلال؟ ففهم جلول من القائد أنه يسخر من بساطته وأميته فأجابه ساخرا: نعم إني أفهم الاستقلال كامل الفهم، إن معنى الاستقلال أن تفارق أنت هذا الكرسي وأجلس عليه أنا.
وعلى الرغم من قساوة أسلوب الجواب ضبط القائد الإسباني أعصابه وسأله مرة ثانية: هل أنت يا جلول تستطيع أن تجلس مكاني هذا وتستطيع أن تضطلع بما أضطلع به من مهام عظيمة تحتاج إلى ثقافة وخبرة؟
ابتسم محمد بن جلول وأجابه: لا تتخيل قصدي أن تقوم أنت يا سيد “كالديرون” وأجلس أنا محمد مكانك. لا، وإنما ضربت لك مثالا بهذه الجزئية فقط. وإلا فإني أقصد -وأنت تعلم ما أقصد، أن يسلم الإسبان حكم البلاد لأهل البلاد وحينما يحدث ذلك، فإنه ليس من شأنك أن تعرف هل أنا الذي سأجلس مكانك أو غيري، فهذا شأن الشعب المغربي وشأن جلالة الملك محمد الخامس نصره الله. وزاد محمد قائلا: أنا أعلم أنني إنسان بسيط ولا أستحق أن أدير شؤون القيادة ثم إننا إذ نريد استرجاع سيادتنا نريد أن لا يحكمنا الأميون البسيطون مثلي كما هو أسلوب الاستعمار في إسناد الأمور إلى مواطنينا الأميين بل يتولى أمرنا ذوو الخبرة والكفاءة والنزاهة.
ولقد أعجب القائد الإسباني ومساعدوه من هذا الجواب العميق الصريح الواضح البين وهذا الموقف الوطني الصادق أيما إعجاب فابتسموا جميعا، وحكم على محمد بن جلول بخمسة عشر يوما حبسا.
فابتسم محمد وقال تعليقا على هذا الحكم: إن أقسى من هذا الحكم لا يؤثر على عقيدتي التي شرحتها لكم، ففي سبيل استرجاع سيادة البلاد سأتحمل كل تضحية إلى نهاية الحياة.