تهافت تهافت
قد يأخذ العنوان بالكثيرين الى ذاك الكتاب الفلسفي الناقد لابن رشد العالم المسلم في رده على الغزالي، غير أن كنه الحال لا يمت بصلة في ضمنيته لماهوا دقيق من حيث إشكالات الحدث المراد نبش فحواه حتى نعي بحجم رغباتنا تجاه ما نصبو اليه, وقد يكون غير لائق.
انه تهافت من نوع أخر تهافت طلاب العلم على العلم في حد ذاته لذا البعض، مرورا بالتهافت على المؤسسة القريبة الى الكتب والى الشهادة الى أن يجدوا أبوابا متعددة الألوان وصولا بهم الى الجامعة في تجليها اللوني الغير محبذ لذا فئة مهمة منهم.
وهاهنا قِرَبُ المال تتراءى في لونها الكريستالي الشفاف لمواكبة ذلك الطالب أو تلك الطالبة حتى يتم اجتياز الموسم الدراسي الجامعي بنجاح، انه دور المال في احتواء الأسر لحاجياتهم وموازنتها بحاجيات فلذات أكبادهم من طلاب العلم.
وأمام هذه الإكراهات التي يكون للأسر تخطيط مسبق لها في مسعا لتجاوز هذا العبء يضطر الكثير منهم الى التفكير في طرق التخفيف من تكلفة إقامة هؤلاء الطلاب والطالبات في مؤسساتهم الجامعية حتى يهتدوا الى بديل المنزل في تمثلاته الكبرى ألا وهو “الحي الجامعي“.
هذا المرفق الخاص بطلاب العلم والذي يحظى لذا الكثير من الأمم المتقدمة برعاية خاصة تجعل منه قلعة محاطة بالخضرة والمياه والمكتبات وساحات التناظر العلمي والتلاقح الفكري مع توفر كل ما من شانه خلق جو السكينة والطمأنينة والجد والمثابرة في تحصيل العلوم وتدقيق البعض منها وتبويب أحدها الى ضحد ماجدات بها فرائس نبهاء طلابها منها.
غير أن ما باتت عليه بعض من الأحياء الجامعية لم يترك لمعنى “تهافت تهافت ‘ من قيمة. فتجوالك في بعضها أصبح لا يبشر بنور العلم. إذ أن الكثير من أزقة بعضها خالية من مصابيح الإنارة والوان الجدران المحيطة بها كئيبة وحزينة تنفر النفس المرهقة للطالب من استرجاع أنفاسه ناهيك عن غياب الزهور والأشجار التي كثيرا ما نراها في الجامعات الغربية والتي تتسربل ألوان أوراقها وأشكالها مع فصول السنة وهكذا فصول النفس من حالات شعورية الى مواسم وفصول دراسية متعاقبة. علاوة على أعمال الصيانة الغائبة عن مرافق سكن هؤلاء الطلاب. فيا ترى هل أصبح من الأهم أن نتحدث عن سيارات إسعاف لإنقاذ الضحايا لا قدر الله أو المروحيات لإسعافهم، أم كان من الأجدر أن نحاسب المسؤولين وأدوارهم في تحقيق المطلب الطلابي القيم والأول ألا هو السكن اللائق؟
بقلم الأستاذ نبيل الموصدق