أعادت فاجعة احتراق الحي الجامعي بوجدة، والتي ذهب ضحيتها طالبين وإصابة آخرين، إلى الواجهة، نقاش شروط السلامة والأمان بالأحياء الجامعية التي تضم عشرات آلاف الطلبة، في ظل شهادات صادمة عن غياب قنينات الإطفاء وإغلاق أبواب الإغاثة بالمفاتيح خلال حادثة وجدة.
وفي الوقت الذي وصل فيه الملف إلى قبة البرلمان، أثارت إفادات شهود عيان حول غياب قارورات إطفاء النيران بالحي الجامعي لوجدة، وتعذر فتح منفذ الإغاثة، ووجود شبابيك حديدية بالنوافذ، (أثارت) تساؤلات حول مدى احترام شروط السلامة في الأحياء الجامعية، ومن يتحمل مسؤولية مراقبتها.
وأجمعت طلبة يقطنون بأحياء جامعية مختلفة في المملكة، في تدوينات لهم، على أن ظروف السلامة بتلك الأحياء تعتريها مجموعة من النقائص والإشكالات، تجعل حياة الطلاب معرضة للخطر في حالة وقوع أي كارثة محتملة.
ووفق ما أورده شهود عيان في تصريحات بالحي الجامعي لوجدة، فإن أسباب الحريق تعود لتماس كهربائي بالطابق الأول للجناح “E” المخصص للذكور، حيث بعث القاطع الكهربائي شرارة سقطت فقو عدة أسِّرة إسفنجية قديمة غير صالحة للاستعمال، كانت موضوعة بجانب القاطع الكهربائي دون أن يتم نقلها لمكان آخر.
وعن محاولات إنقاذ الطلبة، ذكرت الشهود أن الباب المخصص للإغاثة كان مغلقا بإحكام ومفاتيحه غير موجودة، حيث اضطر الطلاب لكسر زجاج الباب من أجل الهروب، كما قاموا بجر زملائهم عبر الدرج، ومنهم من داهمته ألسنة النيران وألقى نفسه من الطابق الثاني وتعرض لكسور على مستوى مختلفة.
واعتبر معلقون أن عدم توفر هذه الوسائل الوقائية الضرورية، إلى جانب غياب جناح مخصص لتلقي الإسعافات الأولية، ساهم في ارتفاع ضحايا الفاجعة، متسائلين عن سبب عدم وجود مخطط واضح يجب اعتماده في الأحياء الجامعية في حالة وقوع كوارث معينة.
وإلى جانب ذلك، فإن معظم الأحياء الجامعية بالمغرب تواجه اكتظاظا كبيرا بسبب الإقبال الكبير للطلبة على التسجيل لها، كما أن تقادم البنايات وعدم صيانتها باستمرار يزيد من معاناة الطلاب وخطورة الوضع، وسط اتهامات للوزارة بنهج “نوع من الاستهتار” بحياة الطلبة.
وبحسب الأرقام الرسمية التي قدمها وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، يوم أمس الثلاثاء، فإن الطاقة الاستيعابية للأحياء الجامعية خلال الموسم الحالي، بلغت 35 ألف و653 سريرا، خصصت %63 منها للإناث، مقابل 15 ألفا و630 سريرا خلال الموسم المنصرم.
وفي هذا الصدد، وجهت النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، حورية ديدي، سؤالا إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والإبتكار حول ظروف الطلبة والطالبات في الأحياء الجامعية ومعايير السلامة المعتمدة.
وقالت ديدي إن حريق وجدة أعاد النقاش حول وضعية الأحياء الجامعية، والظروف التي يتم فيها إيواء الطلبة والطالبات، خصوصا على مستوى شروط الصحة والحماية من مختلف الحوادث”.
وتساءلت النائبة “البامية” عن التدابير والإجراءات المتخذة لتعزيز منظومة السلامة واليقظة في الأحياء الجامعية، وتحسين شروط الإيواء بما ينسجم مع المعايير المعمول بها في هذا الباب.
من جانبها، طالبت البرلمانية فريدة خنيتي عن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، بضرورة التحرك وإعادة تأهيل الأحياء الجامعية لضمان ظروف إقامة وتغذية جيدة للطلبة، مشددة على ضرورة الكشف عن ظروف وملابسات فاجعة وجدة.
وقالت خنيفي إن هذا الحادث المأساوي أعاد إلى دائرة النقاش، ظروف إقامة الطالبات والطلبة بهذه الأحياء الجامعية، ومدى توفرها على الشروط الضرورية واللازمة، من تغذية وفضاءات ثقافية ورياضية ومعرفية وصحية، وكذا توفرها على شروط السلامة الصحية المعمول بها في مثل هذه الفضاءات العمومية.
وأوضحت أن الأحياء الجامعية تعتبر الفضاء المناسب لاستقبال وإقامة العديد من الطلبة، خاصة المنحدرين من الأسر الهشة والفقيرة، والذين من المفترض أن تكون لهم الأسبقية والأفضلية، في الحصول على غرف داخل هذه الأحياء الجامعية، لا سيما الراغبين في استكمال تحصيلهم العلمي في مدن غير مسقط الرأس.
وطالبت الوزير ميراوي بضرورة التحرك واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة بخصوص الحادث الذي تعرض له الحي الجامعي بوجدة، مسائلة إياه عن برنامج وزارته بخصوص تأهيل الأحياء الجامعية الوطنية، خاصة أن جلها تعرض للترهل والتلف على مستوى بنياتها وتجهيزاتها الأساسية، وفق تعبيرها.