بقلم: علال زوهري
طفح كيل ساكنة مدينة زايو وضواحيها بسبب رداءة الخدمات الصحية، فبعد جهد ونضال كبيرين قام بهما الساكنة من أجل بناء مؤسسة تعنى باستشفائهم وعلاج آلامهم، إذ نظموا أشكالا احتجاجية كثيرة ومختلفة من مظاهرات ومسيرات ووقفات احتجاجية ناهيك عن الأشكال الأخرى التي قامت بها كثير من هيئات المجتمع المدني بالمدينة.. نرى كيف يتغاضى المسؤولون عن هذا الجهد وعن هذه المطالب وعن هذا النضال غاضين الطرف عن المآسي التي يتسبب فيها هذا الوضع المزري من آلام ومآسي عظام للمرضى والمصابين بالإضافة لأهلهم وذوويهم، وهم ينتظرون من يرفق بحالهم ويُشخص مرضهم ويسهر على شفاءهم.
فمنذ 15 سنة تقريبا، بدأت ساكنة زايو والضواحي مسيرة المطالبة الشديدة بإنجاز مستشفى متعدد التخصصات بدلا عن المركز الصحي اليتيم الذي لا تتوفر به أدنى الخدمات والتجهيزات اللازمة للعلاج والاستشفاء، وخاصة المرتبطة بحالات المستعجلات حيث اعتاد الناس وفاة الأشخاص الذين يتوجهون إلى هذا المركز في حالة خطرة إذ لا يجدون لا طبيبا ولا أدوية ولا لوازم طبية ضرورية من أوكسجين ومحاليل وحقن، بل لا يجدون حتى الأجهزة البسيطة لقياس الضغط والسكري مثلا، وكل ما يجدونه هو ورقة ترسلهم إلى المستشفى الإقليمي بالناظور، وذلك في حال توفر سيارة إسعاف، أما في حال عدم توفرها وهي الحالة الأغلب فالمرضى يضطرون لتوفير وسيلة نقل لأنفسه بهدف إنقاذ حياتهم.
ومن أجل تهدئة غضب الساكنة انطلقت حملة إطلاق الوعود من طرف المسؤولين المحليين والمركزيين، وعود رنانة بإنجاز مستشفى عصري يوفر أفضل الرعاية للمواطنين، وفعلاً بدأت الأمور تهدأ قليلا وقل الحديث عن القضية على أمل تنفيذ هذه الوعود، لكن هيهات فقد طال الانتظار جدا، وفي كل مرة كان يتم إعطاء تبريرات حفظتها الساكنة عن ظهر قلب كعدم توفر الميزانية وعدم وجود مساحة عقارية يتم إنشاء البناية عليها، وفي ظل هذا الوضع عادت الساكنة للاحتجاج من جديد إلى أن تبدأ أشغال البناء التي انطلقت فعليا ولكن بعد انطلاقها لم تنتهي إلا بعد مرور خمس سنوات، رغم أن المفروض في هذه الأشغال هو أن تستمر لسنة أو سنتين على الأكثر، لتستمر بذلك معاناة المرضى المعتادة وهم ينظرون أمامهم مستشفى لا يريد أن يكتمل ليفتتح أبوابه، لتنظم بذلك الساكنة مسيرة حاشدة أخرى يدعون فيها إلى تسريع وتيرة الأشغال وافتتاح المؤسسة مجهزة بجميع التقنيات والأطقم الطبية اللازمة، ليتم الافتتاح فعلا لكن ليس للمشفى كله بل فقط لبعض الأقسام البسيطة كقسم المستعجلات ولكن هذا الافتتاح لم يوت أكلا يذكر لأن الأقسام التي تم تشغيلها تفتقر للأطر الطبية الضرورية، رغم وجود تجهيزات يقال أنها من أفضل الأنواع، ليبقى السؤال هنا، ما فائدة وجود الأحهزة دون وجود من يقوم بتشغيلها؟.
وتبقى هنا الأسئلة الأكثر جوهرية وهي من ذا الذي يقف وراء هذا التماطل غير المفهوم وغير المبرر؟، لماذا هذا الإصرار الشديد على عدم الإنصات لمطالب الساكنة؟، وبمعنى أدق لماذا الإصرار على عدم الإنصات لمعاناتهم وآلامهم؟، إذا تمت الإجابة على هذه الأسئلة ربما قد يعرف المواطنون إلى من يوجهون حديثهم ومطالبهم، لذلك فإن المطلوب الآن هو تفسير ما يقع وليس تشغيل المستشفى، لأن هذا الأمر ربما قد أصبح شيئا لا أمل فيه بتاتا.. لتستمر معاناة الساكنة ويستمر معه تجاهل المسؤولين، والأمر الأخطر هو بدأ تجاهل الساكنة وفقدانهم للأمل مما سيضطرهم للعودة للوضعية التي كانوا يعيشونها قبل افتتاح “مستشفى القرب” وكأنه فعلا لم يفتتح بل كل ما في الأمر هو أنه قد تم خداعم وتسكيت احتجاجاتهم، وهذا لا يعني سوى شيء واحد هو أن حياة المواطنين لا قيمة لها عند مسؤولينا الأفاضل.