زايو سيتي
“كوثر”.. فتاة من مواليد غشت سنة 1996.. كان عمرها 15 سنة و11 شهرا حين تقدم لخطبتها شاب يكبرها بواحد وعشرين سنة.
طلب الشاب يد كوثر، الساكنة بأولاد ستوت قرب زايو، من والدها، ودون استشارتها وافق الأب على زواج ابنته، غير أنها انتفضت رافضة الزواج في سن مبكر، ومن رجل فارق السن بينها وبينه كبير جدا.
لم يغر المال الكثير كوثر للقبول بالزواج من الشاب، كما لم تكترث لسيارته الفارهة، فهي في سن تحتاج فيه حنان الأم والأب ورعايتهما، ولا تقوى على مسؤولية أكبر من سنها.
اعتقد الأب أنه يرعى مصلحة ابنته أحسن رعاية، فواصل اتفاقه مع أسرة الشاب، داعيا زوجته لإقناع البنت بالزواج من رجل يملك كل سبل الحياة السعيدة في نظره.
واصلت كوثر رفضها، وسط إصرار من والدها الذي لا تستطيع مجابهته، وكل ما تفعله هو البكاء بين يدي والدتها، التي لا تستطيع بدورها الجهر برفض ما يُخطط له الأب.
زاد الأب في تجاهله لموقف البنت وقَرَّرَ، باتفاق مع الشاب إقامة حفل الزفاف خلال أيام غشت من سنة 2012، وهي تبلغ حينها 16 سنة.
تسارعت التحضيرات والبنت القاصر لا تعرف خطة للنجاة من “سجن” فُرض عليها، حتى قررت تنفيذ خطة تُفسد فيها ما يرغب فيه الشاب ووالدها.
تم نصب خيمة أمام منزل والديها، وشرعت نسوة الدوار في الغناء والرقص قبل ثلاثة أيام من موعد الزفاف، واختارت كوثر الصمت وانتظار ما يُخبئه القدر.
بَقِيَتْ ليلة واحدة على موعد الزفاف، وبعد سهرة على أنغام الأهازيج الشعبية، تَوَجَّهَ الكل للنوم، وكانت الساعة فجرا. عندها بدأت كوثر تنفيذ خطتها.
نام الكل فحملت كوثر حقيبة صغيرة فيها بعض من أغراضها، لتشق الحقول، وصولا إلا زايو، فاعترضت أول حافلة لقيتها، لتتوجه صوب بركان ومنه إلى وجدة.
اختارت كوثر التوجه نحو منزل خالتها القاطنة بعاصمة الجهة الشرقية، كونها تعلم أن الخالة رفضت منذ البداية إجبارها على الزواج، بل قررت عدم حضور الزفاف احتجاجا على ما اعتبرته “زواجا بالغصب”.
أَنْكَرَت الخالة وجود كوثر في منزلها، في وقت شرع فيه الأب في البحث عن ابنته، بل صار يتمنى، على الأقل، رؤيتها مجددا، لكنه شعر باليأس. أما العريس فقد ذُهِلَ لجرأة كوثر وتحديها للكل.
أخبرت الخالة والدة كوثر أن ابنتها في منزلها ولا مكروه أصابها، واتفقا الاثنان على إعلان العثور عليها بعد انتهاء موعد العرس الذي كان مزمعا إقامته.
شعر الأب بالحرج الشديد مع أصهاره المفترضين، ولم يقو على إخبار المدعوين بالأمر، فتَكَلَّفَ أحد إخوته بالأمر، ليتم نزع الخيمة. والهم الكبير هو العثور على كوثر بالنسبة للأب.
استشاط الأب غضبا حين علم بأن ابنته هربت إلى منزل خالتها، فصار يتوعد كوثر بمعاقبتها، بل عَبَّرَ عن غضبه في وجه الخالة التي اتهمها بالتواطؤ في نسج خيوط هذا السيناريو.
ولأن الأب لم يتقبل الأمر، لجأت الخالة إلى القضاء، وأشركت إحدى الجمعيات التي تُعنى بموضوع زواج القاصرات في هذا الملف، ليصبح الأمر بين يدي المحكمة.
عادت كوثر لمقاعد الدراسة في إحدى الثانويات التأهيلية بوجدة، تحت رعاية الجمعية، وعادت معها الحياة لمحيا الفتاة، بل صارت متفوقة في دراستها.
ذات صباح، ودون سابق إنذار، توجه إمام الدوار نحو منزل الأب، وهو الذي يعلم تفاصيل هذا الملف، فكان بينهما نقاش قَلَبَ كل شيء رأسا على عقب.
اقتنع الأب أن ما يقوم به خطأ فادح، فقرر مصالحة ابنته وخالتها، والسماح لزوجته بلقاء فلذة كبدها، وهو ما تم.
انتقل الأب وزوجته نحو منزل خالة كوثر، وهناك انتهى الخلاف، وسط اعتراف من الأب بالخطأ الذي ارتكب، فعادت المياه لمجاريها.
اتفقت العائلة على مواصلة كوثر للدراسة بوجدة تحت رعاية الخالة، حتى حصلت على الإجازة في شعبة الأدب الإنجليزي.
وفي سنة 2019 تزوجت كوثر من شاب تعرفت عليه بوجدة، حيث استقرت هناك. وخلال هذه السنة، تمكنت كوثر من اجتياز امتحان أساتذة اللغة الإنجليزية، حيث تجري حاليا التداريب لتبدأ العمل بداية الموسم المقبل.