زايو سيتي – خاص
منذ سنة 1958 وإلى الآن مرت أكثر من خمسين سنة على إنتهاء رحى الحرب الفيتنامية الأمريكية التي شارك فيها المغاربة إلى جانب فرنسا حليفة أمريكا آنذاك مرغمين، دون أن يحقق قدماء المحاربين أي إمتياز يذكر، خصوصا الذين كانوا ينتمون إلى مناطق يصعب على الإنسان بها معرفة ما يجري ويدور في هذا العالم الذي أصبح اليوم قرية صغيرة.
كانت فرنسا تأخذ معها محاربين مغاربة تابعين لمناطق نفوذها الاستعماري في المغرب، لكن شاءت الأقدار أن يكون ابن زايو، الهبري الدريسي، واحدا من المغاربة الذين سيتوجهون إلى فيتنام للمشاركة في الحرب هناك.
اختار الهبري التوجه إلى إقليم بركان للعمل في إحدى الضيعات الفلاحية التي يديرها الفرنسيون، وسرعان ما أقنعه أحفاد نابوليون بونابارت بالانضمام للجيش الفرنسي، وقد كان عمره آنذاك 24 سنة.
تم اقتياد الهبري عنوة للمشاركة في حرب بعيدة عن بلده، إنها حرب الهندوصينية، والمعروفة ب”لاندوشين”.
كانت نزاعا بين جمهورية فيتنام الديمقراطية (فيتنام الشمالية)، المتحالفة مع جبهة التحرير الوطنية، ضد جمهورية فيتنام (فيتنام الجنوبية) مع حلفائها (وكانت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا إحداهم بين سنتي 1956 و 1973.
بدأت الحرب في 1956وانتهت في 1975وفي عام 1957م بدأت قوات الفيت منه في الجنوب في التمرد على حكومة ديم، وقد عُرف هؤلاء بالفيت كونغ، وفي عام 1959م أعلنت فيتنام الشمالية تأييدها لهذه الفئة وأمرتها بشن كفاح شامل ضد حكومتها، سنة 1960م شكل الثوار جبهة التحرير الوطنية التي أوكلت إليها مهمة قيادة الثورة، ورويداً رويداً تشعبت الحرب وازدادت ضراوة، وفي الخمسينيات كانت الولايات المتحدة قد شرعت في إرسال مستشارين مدنيين وعسكريين لفيتنام الجنوبية، وبحلول عام 1965م بدأت في إرسال قوات عسكرية وشن غارات جوية على فيتنام الشمالية حيث إستمر التورط الأمريكي في هذه الحرب حتى عام 1973م بعد أن سحبت فرنسا جنودها وفيالقها المسماة “الكوم” بشكل مفاجئ حيث تكبدت خسائر كبيرة في العدة والعتاد، وللإشارة فإن فرنسا إستعانت بجنود مغاربة وصل تعدادهم كما ذكرت مصادر إلى أزيد من 28 ألف جندي وهو ما تنفيه دوما السلطات الفرنسية، أغلبهم أقتيد عنوة لتلك الحرب ولم تكن أعمارهم تتجاوز حينئذ السابعة عشر سنة.
شارك الهبري في حرب لم تكن تعنيه من قريب أو بعيد، وترك خلفه زوجة وابنا وبنتا قاطنين بزايو، فقد أِرغم على كل شيء.
في إحدى المعارك التي دارت رحاها على مشارف العاصمة الحالية لفيتنام، وضع الجنود الفرنسيون المغاربة في الصفوف الأمامية، وكان الهبري بينهم، وبينما الرصاص سجال بين الطرفين سقطت قنبلة أمام ابن زايو، لترديه قتيلا رفقة سبعة جنود آخرين.
توفي الهبري مخلفا وراءه أرملة ويتيمين، وكما هي عادتها تنكرت فرنسا لمن حارب بجانبها، ولم تتكفل بإعالة أسرته، وهذا شأنها مع المقاتلين المغاربة الذين حاربوا بجانبها في عدة حروب.