زايوسيتي
كما لا يخفى على متتبعي الشان السياسي الإقليمي و الوطني فإن تجربة التوجه العام لساكنة و مناضلي مدينة جرادة الأبية تجربة منقطعة النظير في التاريخ السياسي المعاصر للمغرب. تجربة التوجه العام كفكرة تستحق الدراسة و التعميم في تقدير الكثيرين، خاصة بعد ما حققته هذة التجربة من نتائج على جميع المستويات المحلية، الاقليمية، الجهوية و كذا على مستوى الانتخابات التشريعية. حيث حصل التوجه العام بعد الانضمام الى حزب التقدم و الاشتراكية على اغلبية ساحقة تتكون من 27 من اصل 30 مقعد على مستوى جماعة جرادة بالاضافة الى مقعد واحد على مستوى المجلس الاقليمي و مقعد على مستوى مجلس جهة الشرق بالاضافة الى الحصول على المركز الثالث في الانتخابات التشريعية الاقليمية بفارق ضئيل من الاصوات يفصله عن الحزب المتحصل على الرتبة التانية.
نضرا لما سبق ذكره فقد يتبادر لدهن القراء بعض الاسئلة الملحة من قبيل ما هو التوجه العام و من اسس للفكرة و كيف أنزلت و لماذا وكيف وقع الاختيار على حزب التقدم و الإشتراكية؟
سنستعين في خط أسطر هذا المقال بالتقارير التي صاغتها لجنة الاعلام الناطقة بإسم التوجه العام قصد الاجابة على الاسئلة المطروحة في التقديم اعلاه.
ما هو التوجه العام؟
هو أرضية مشتركة تمكن من التنسيق لخدمة الصالح العام منفتحة على كل الشرفاء، ويساهم فيها الجميع عن طريق خلق نقاش جاد ومسؤول وموحد بالمدينة حول الإنتخابات وصحة المشاركة فيها من عدمه، و إشراك أكبر عدد ممكن من الساكنة في النقاش وفي اتخاذ القرار (الاختيار الحزبي، المرشحين…) ودعوة كل الفاعلين السياسيين ومختلف الفعاليات النقابية والمدنية الى توحيد الرؤية و تغليب مصلحة الاقليم على المصالح الحزبية الضيقة، فهو دعوة إلى الوحدة ورص الصفوف ضد الفساد و المفسدين، ولبنة للتأسيس لتجربة شبابية متميزة ورائدة على المستوى المحلي والوطني في ممارسة الديموقراطية، لا تنتهي بانتهاء الإنتخابات فهي مجرد فاصل ونواصل، لرسم خريطة المستقبل في إطار جماعي مشترك يضع مصلحة المدينة فوق كل اعتبار ويعطي لكل ذي حق حقه وقدره، ويقطع الطريق على رموز الفساد بعيدا عن المزايدات الفارغة والتسابق لحملات انتخابية والصراع على الكراسي. فمخطئ من يعتقد أننا قطعنا الواد وجفت أرجلنا.
فجاءت فكرة التوجه العام للم الصفوف اقتناعا منا بأن كل من أراد التحليق خارج السرب بما فيهم المعتقلين أنفسهم (من منظور المصلحة العامة) فلن يقدم إلا خدمة مجانية ‘للأباطرة’ والفاسدين، فالمرحلة تقتضي تغليب المصلحة العامة من أجل جرادة المستقبل جرادة النموذج.
من أسس لفكرة التوجه العام؟
الفكرة نتاج تراكمات وأحداث عرفها الإقليم على مر السنين، وهي إجابة مرحلية تأخذ بعين الإعتبار الظروف الخاصة لجرادة وشروط الساحة السياسية في المرحلة، وقد تبنى الفكرة مجموعة من الشباب بدرجة أولى وعملوا على تطويرها، وهم مناضلون مستقلون و أغلبهم نشطاء الحراك ضمنهم معتقلين على خلفيته.
التوجه العام ملك للجميع باعتباره يعطي حق الرأي والتعبير للكل، ويتقبل النقد البناء ومنفتح على كل طاقات المدينة، فبمجرد تقاسم الفكرة مع فرد أو مجموعة إلا وتصبح ملكا مشتركا، إنخرطت فيه مختلف شرائح المجتمع (عمال، فلاحين، طلبة، موظفون، شباب، شيوخ، نساء، رجال، أجراء، مثقفون، وفنانون….) كل من موقعه ساهم بطريقته.
وهنا لا بد من الإشارة إلى سؤالين فرعيين والتجاوب معهما؛
أ-هل التوجه العام توجه معتقلين فقط ؟
الإجابة واضحة وشافية أن التوجه العام هو توجه نابع من نقاش ميداني أشرك أكبر قاعدة جماهيرية بطريقة تشاركية، والمعتقلين لا يمثلون إلا جزءا بسيطا من هذا التوجه، وإضافة نوعية؛ لها رمزيتها وحمولتها، إذ تبقى الساكنة سيدة نفسها وصاحبة القرار في كل مراحل بناء التوجه العام، لأن جرادة تحتاج لأبنائها النزهاء والشرفاء، تحتاج إلى حس التضامن والتكافل والتضحية الذي كان حاضرا بقوة أيام الحراك. فنضالات المدينة يجب استثمارها في ما يعود بالنفع وأن لا تذهب تضحيات الساكنة في مهب الريح.
ب- هل التوجه توجه أشخاص ؟
لا، بدليل أن إتخاذ القرارات والنقاشات تكون بحضور منسقين عن كل النقط والأحياء، تم فرزهم بشكل جماهيري ديموقراطي تشاركي، ولا يتم الحسم في أي خطوة إلا بالرجوع إلى القواعد والأخذ برأي واقتراحات الساكنة. وسيتم التطرق للكيفية التي تمت بها مناقشة التوجه العام مع الساكنة في المنشور اللاحق.
كيف تم تنزيل فكرة التوجه العام للوجود؟
كانت الانطلاقة من بعض المعتقلين والنشطاء، منهم من لايزال ناشطا في التوجه العام ومنهم من توقف لظروف شخصية بعدما قدم ما عليه، في البداية تمت دعوة بعض المناضلين و بعض النشطاء البارزين بالنقاط الخمس في نقاشات ممركزة حول هذا التوجه من أجل تنزيل النقاش إلى الأحياء التابعة لكل نقطة و إشراك الساكنة في ذلك و جعلها صاحبة القرار النهائي حول المشاركة في الإستحقاقات أو مقاطعتها.
وفعلا كان التفاعل و ردود الأفعال جد إجابيين ، حيث افتُتحت كثير من النقاشات واللقاءات والحلقيات الأولية بالأحياء و تم اختيار منسقين عن كل حي و منهم منسقين عن كل نقطة.
و قد استمرت النقاشات لأكثر من أربعة أشهر مع الساكنة و جُمعت خلاصات كل اللقاءات المنعقدة، و بناء عليها أُخرِجت الخلاصة النهائية بشكل ديمقراطي شفاف ونزيه، والتي تمثلت في ضرورة “المشاركة في الإستحقاقات المقبلة لأسباب تختلف بإختلاف خلفية المشاركين في النقاشات”. وبالموازاة مع ذلك كانت نقاشات و لقاءات مع القيادات الوطنية، الجهوية و المحلية لبعض الأحزاب السياسية من أجل تقديم عروض.
لماذا و كيف وقع الاختيار على حزب التقدم و الاشتراكية؟
بناءًا على العروض التي قدمتها بعض الأحزاب لمناضلي التوجه العام، والتي تم طرحها للنقاش بكل أمانة داخل أحياء المدينة ، من أجل مدارستها واختيار الحزب الذي تراه الساكنة