زايوسيتي
في الماضي كانت حافلة “السداروي” المعروفة ب”بالينسيانا”، تنطلق على الساعة السابعة صباحا من المحطة التي كانت متواجدة بساحة البريد بزايو، وتقضي حوالي ساعتين تتسلق بهدوء وثبات الطريق الأفعوانية لتصل إلى مدينة مليلية المحتلة.
تقول الرواية أن سائقي حافلات “السدراوي” بعد وصولهم إلى الثغر المحتل كانوا يتناولون فطورا شهيا بمقهى شهير داخل مدينة مليلية، وكان الفطور مكونا من فنجان قهوة غنية المذاق، مع الخبز المحمص المدهون إما بزبدة الزهرة المملحة، أو بزيت الزيتون مصحوبا بالطماطم المفرومة والجبن الهولندي، وفي بعض الأحيان كانوا يفضلون أن يفطروا ب “الشوروس” وهو نوع من الإسفنج الاسباني اللذيذ، وكانوا يغمسونه داخل كوب من الشوكولاتة المذابة.
رغم أن حافلة “السدراوي” كانت تحمل لوحات ترقيم مغربية إلا أنه كان مسموح لها بدخول مليلية دون شرط توفر التأشيرة وجواز السفر بالنسبة للسائقين، أو ورقة التأمين الخضراء بالنسبة للحافلة، وغيرها من المستلزمات البيروقراطية، وهذا دليل قاطع على انعدام وجود أي نوع من المشاكل أو المخالفات القانونية في تلك الحقبة صادرة عن سائقي حافلات “السدراوي” والذين كانوا يعاملون عند المعبر الحدودي لباب مليلية أفضل من المعاملة التي يتلقاها الدبلوماسيون وسفراء هذا العصر.
كان سائقو حافلات “السدراوي” حتى أواخر السبعينات يعاملون باحترام كبير، من طرف عناصر شرطة الحدود الإسبانية باعتبارهم رجال محترمون ومسؤولون، يمثلون أهم شركة ناجحة بالمغرب في ذلك الزمن.
أكثر من ذلك كانت حافلات “السدراوي” تبيت بمرآب بمدينة مليلية حيث تخضع للصيانة والمراقبة من طرف ميكانيكيين إسبان، في حين كان السائقون يخلدون للراحة بسكن وظيفي داخل مدينة مليلية، مخصص لفائدتهم من طرف الشركة، وربما هذا ما يفسر قلة حوادث السير في تلك المرحلة رغم وعورة المسالك الطرقية.
آه إنه الزمن الجميل حقا
و أنا طفل صغير في بداية الستينيات كنت أنتظر فصل الصيف بفارغ الصبر لأنني سأسافر من القصر الكبير إلى تطوان في طرامبيا د السدراوي التي يسوقها سائق يظهر الوقار و الحنكة في قيادته، كان يعمل سائقا في المحلة الخليفية قبل الاستقلال…كم كانت تنعشني تلك السفريات في تلك الحافلات الخضراء وبخطوط حمراء نسبةللعلم المغربي..رحم الله ذالك السائق و تلك الأيام الجميلة.