سلكت إسبانيا من جديد طريقا قضائيا يخدم مصالح جبهة البوليساريو ضد شكاوي تقدم بها مجموعة من الصحراويين بشكل متفرق ضد زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي الذي أشرف على تعذيبهم، وذلك في ظل استمرار حبل الأزمة مشدودا بين الجانبين الإسباني والمغربي.
وقرر القاضي الإسباني؛ سانتياكَو بيدراز، أمس الخميس 29 يوليوز الجاري، حفظ الملف الذي يتابع على خلفيته زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية؛ ابراهيم غالي، والمتعلقة اساسا بالتعذيب والاغتصاب والإبادة الجماعية، مبررا ذلك “بعدم وجود الادلة، معتبرا أنه “لم يتم إثبات التعذيب لوجود تناقضات بين الشهود فيما يتعلق بمشاركة زعيم البوليساريو في هذا الفعل الاجرامي”.
ويشكل هذا القرار القضائي الإسباني منعطفا جديد فيالأزمة بين الجانبين، خاصة أن الملف الذي تم حفظه قضائي “بلبوس سياسي” وكان فتيلا أساس في إشعال الأزمةبين مدريد والرباط، مايجعل خلفيات هذا القرار القضائي لصالح إبراهيم غالي، مفتوحة على أوجه متعددة.
وفي هذا الإطار، اوضح أستاذ العلاقات الدولية وألخبير في الشؤون الأمنية وتسوية النزاعات، عصام لعروسي، ، أن “ما يفهم من هذا الأمر أن إسبانيا تحاول إغلاق هذا الملف بشكل نهائي، باعتبار أن الملف سياسي بامتيار وليس قضائيا صرفا، نظرا لإغلاق الملف بسبب عدم كفاية الأدلة حسب القضاء الإسبان”.
واعتبر لعروسي، أنه “لو كان للقضاء الإسباني نية في تعميق البحث القضائي في هذه النوعية من القضايا، خاصة أن هناك مجموعة من الصحراويين المتضررين من جرائم إنسانية وتعذيب وغيرها، ولو كانت الرغبة السياسية لدى إسبانيا متوافرة، لكان السيناريو الأسلم هو متابعة غالي وتعميق البحث، والانتقال إلى مرحلة أخرى لأن القول بـ”عدم وجود أدلة” هو بمثابة هروب إلى الأمام بإقفال هذا الملف وإعطاء الكلمة للمفاوضات وللحوار السياسي بين المغرب وإسبانيا خاصة بعد إقالة ويرة الخارجية الإسبانية آرانتشا غونزاليس لايا”.
ويرى الخبير في الشؤون الأمنية نفسه، أن “إسبانيا لعبت بهذا الملف وانتهى وقته بالنسبة للسلطة السياسية في إسبانيا، والتي أصبحت ترى أنه حان الوقت لإقفال هذا الملف بشكل لا يطيل الأزمة، وفي اعتقاد القضاء والحكومة الإسبانيتين، فإن استمرار التحقيق في هذا الملف يطيل الأزمة، وإقفال ملف غالي بالنسبة لهم قد يدفع المغرب إلى اللجوء إلى الحل السياسي والمفاوضات، خاصة مع وجود وساطات في الموضوع، كما رأينا بأن حتى الولايات المتحدة الأمريكية كانت معنية بهذا الخلاف المغربي الإسباني، في حاولت قوى أخرى التوفيق بين الطرفين”.
وشدد الخبير في تسوية النزاعات، عصام لعروسي، أن “الوضح الحالي بعد الالتفاف الإسباني على القضية، واختيار إسبانيا لهذا المسلك القضائي، سيظل المجال الدبلوماسي هو الأرحب لمعالجة مثل هكذا قضايا، علما أنه في مجال العلاقات الدولية ليس هناك دائما رابح وخاسر، وإنما يوجد بعض التنازلات تقدم والتنقيحات والوساطة، مع تقديم بعض التنازلات من هذا الطرف او ذاك للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف”.
وأكد لعروسي، على أن “الوضع الجالي للأزمة يظهر أن الأزمة تعرف نسبيا عدم التصعيد مجددا، وقد يتجه الطرف الإسباني للتعقل بعد كل هذه الخسائر الدبلوماسية التي تكبدها، إضافة إلى خسائره على الصعيد الاقتصادي، إذ هناك العديد من الضربات خاصة في قضية الغاز، المهاجرين والتهريب الذي كان ينشط في المدينتين السليبتين سبتة ومليلية”.
وخلص أستاذ العلاقات الدولية نفسه، إلى أن “إقفال هذا الملف في اعتقاد إسبانيا هو طي لصفحة من صفحات الأزمة التي تتجدد كل فترة وأخرى، باعتبار أن الجغرافيا تحكم، وكون الآخرين يرون في المغرب جارا مزعجا في الشمال والشرق، وهذا من قدر الجغرافيا”.
أحمد الهيبة صمداني