لم تمض سوى فترة قصيرة عن نشر حوار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع مجلة “لوبوان” الفرنسية، حتى ظهر في حوار تلفزيوني هو الأول مع قناة الجزيرة منذ ما يزيد عن 21 سنة عن حوار أجرته مع عبد العزيز بوتفليقة.
وقال الرئيس الجزائري، بشأن ملف الصحراء المغربية، إن موقفه ثابت بشأن هذا الملف، مؤكدا دعم بلاده لجبهة البوليساريو الانفصالية، وجاء على لسانه: ” موقف الجزائر ثابت ولم يتغير من الصحراء”، مضيفا “لا نقبل بالأمر الواقع مهما كانت الظروف”.
وكان تبون قد قام بزيارة إلى المستشفى العسكري عين النعجة لزيارة إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو بعد عودته من اسبانيا، في إعلان رسمي عن وقوف النظام الجزائري وراء تنظيم رحلته العلاجية التي مرّت في سرية تامة قبل أن تكشفها مجلة “جون أفريك” التي قالت عنها وسائل إعلام إسبانية إن المخابرات المغربية هي من اخترقت العملية ومكّنت المجلة من هذه المعطيات.
وفي حديثه عن الملف الليبي، قال “تبون” بأن الجزائر “دافعت باستماتة لرفض سقوط طرابلس”، مضيفا أن بلاده رفضت أن تكون طرابلس أول عاصمة عربية ومغاربية يحتلها من سماهم المرتزقة.
وأوضح الرئيس الجزائري، أن بلاده كانت على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس، وأنها حين أعلنت أن طرابلس خط أحمر كانت تقصد ذلك جيداً، معتبرا أن الرسالة وصلت لمن يهمه الأمر.
وقد جاء تصريح عبد المجيد تبون٬ على خلفية حوار مطول للصحيفة الفرنسية بقصر المرادية بالعاصمة الجزائرية، حيث قال إن “الحدود البرية بين البلدين ستبقى كما هي عليه”، معللا قراره بـ ”مهاجمة” المغرب للجزائر، قائلا: ” لا يمكن فتح الحدود مع جار يهاجمك”.
وفي رده عن سؤال حو احتمال وقوع حرب في المنطقة، قال تبون إن بلاده “لن تهاجم جيرانها أبدا، لكنها سترد حال تعرضت للهجوم”، في إشارة إلى المغرب.
وقد أوضح في هذا الصدد بالقول: “لن نهاجم جيراننا أبدًا، سوف نرد إذا تعرضنا للهجوم. لكني أشك في أن المغرب سيحاول ذلك، خاصة فميزان القوى على ما هو عليه”.
وقد فاجأ الرئيس الجزائري الجميع، في وقت سابق، في خطاب متلفز، لم يتم إعلانه من قبل، بالاستفاضة في تاريخ الصحراء، معترفا مرة بالتمليح ومرة بالتصريح بأن جذور الصحراء مغربية.
ورغم كون خطاب الرئيس الجزائري جاء أساسا من أجل كشف ما أسماها إصلاحات سياسية واجتماعية ستقبل عليها الحكومة من أجل التجاوب مع الحراك الجزائري، إلا أنه عرج على قضية الصحراء والمسارات التي قطعتها إلى اليوم.
وشكلت تصريحات الرئيس الجزائري صدمة غير متوقعة لدى الطبقة السياسية، خصوصا في البلاد، بينما لم تفاجئ الشعب لأن أغلب أفراده يعلمون بأحقية المغرب في السيادة على صحرائه. لكن للجنرالات رأي آخر.
وفور حديث تبون سرت في الكواليس السياسية خشية تكرار سيناريو الرئيس الجزائري المغتال محمد بوضياف، الذي أنهت الأجهزة العسكرية الحاكمة في الجارة الشرقية حياته بسبب ميوله إلى المصالحة مع المغرب في ملف الصحراء، وتصريحاته أكثر من مرة بشأن تصحيح مسار النزاع من خلال اتخاذ قرارات كان يصفها بالجريئة.