كان في عمري أربع سنوات حين إصطحبني والدي معه إلى المسرح . حينها قد قدم عرضا فنيا خلال فعاليات مهرجان سباق المدن بمدينة بركان سنة 1987 التي فازت بالجائزة الأولى لما قدمه جميع المشاركين (ات) من عروض و لوحات فنية و مسرحية و غنائية و فلكلورية.
ذكرني والدي بالمسرحية التي عرضت و نالت إعجاب لجنة التحكيم و الحضور، مسرحية تحت عنوان “الهجرة”، وتدور أحداثها حول الموضوع تفسه الذي حتمه الواقع الغامض و المر لشباب عرف عنهم الإبداع والتميز ..إلخ
بإختصار.
الأحداث تدور داخل مقهى شعبي، بطل المسرحية شاب عاطل عن العمل كباقي الشخصيات، ذكي و مرح رغم الظروف، لكنه إستطاع أن يغير فكرة الشباب الغاضب من الواقع لأن يصبحوا في وقت وجيز مختصين في مجالات عدة.
كالعادة دخل المقهى ليجد بعضهم جالسين يلعبون أوراق اللعب على نغمات أغاني ناس الغيوان الثورية و أخرين بين القهقهة و (تقرقيب الناب) ثم نادى عليهم جميعا:
جبت لكم خبار زينة إن شاء الله.
شنو أبا منير ،خطينا عاودتاني؟
غير الخير يا خاوتي، واحد السيد زماكري(مهاجر ) من العائلة جاب عقود عمل، و في سبيل الله لا ريال لا جوج و قال لي باش نقلب على الشباب اللي بغى يخدم في أوروبا و لكن الشرط الوحيد هو الذكاء و الكفاءة المهنية.
قال أحدهم: أبا منير الذكاء و الإخلاص راك تعرف بلي موجود و لكن الحرفة راك عارف بلي والو.
رد عليه : داك الشي علاش جيت نخبركم و نقول لهم بلان نعملو عليه…
قال آخر : فيدنا يا أخي فيدنا…
رد عليه : من هاد النهار كل واحد ياخذ كتاب من المكتبة ،
أمين أنت كتاب سرعة البديهة .
المختار أنت كتاب العائدون من السماء.
البكاي أنت دمعة و إبتسامة.
عبد المجيد أنت سير تسجل في التكوين المهني.
ثم قال صاحب المقهى : وانا أبا منير فين حقي من الوزيعة؟
قال له نتا عندك حرفة المقهى و صنعة بوك لا يغلبوك ، حتى هي حرفة إلى ما شبعاتك ربما تنقذك.
بعد مدة، كل راح يبن كتاب و آخر، بين تعلم اللغات و إتقانها ، مبحربن عبر الجرائد و المجلات العلمية إلى أن أكملوا مستواهم المعرفي لتحين ساعة الحسم في توقيع عقود العمل التي لم يروها بعد، تائهين يبن حلم الهجرة الفورية و البعيدة دون رجعة.
ها حنا أبا منير. واجدين الذكاء و الإخلاص و الكفاءة غي طلقها خلاص فهاد البلاد ماكان والو.
فقال لهم بخفته المعهودة لكن بكل جدية:
يا حبابي يا صحابي، هذه الأرض محتاجة لشباب مثلكم، و هذا الوطن لن يعول على غيركم، إن فقدناه فقدنا و إن أعطيناه أعطانا، كنا نحلم بالهجرة لكننا هنا باقون كبقاء محراث أجدادنا يحفر التراب، كأشجار الزيتون في أرض فلسطين، نحن باقون يا أصدقاء لا مفر، فأنت الممرض و أنت المهندس و أنت النجار و أنت المعلم و فوق كل مهنة أنت المواطن.
اسدل الستار. (تصفيق)
عصام الهرامية
جميل جدا ان تذكرنا بالعمل الجاد والمثمر ، وبإنجازات السيد حميد الهرامية .كما أذكرك عزيزي عصام أن آخر مرنامج والذي حصل على اعلى نقطة وطنية لم يعجب الرباط وبسبب نجاح كفاءات البركانيين في ذلك تم توقيف البرنامج نهائيا. لك مني كل التقدير والإحترام سي عصام