امحمد بن عبد القادر لمريض/ حفيد القائد لمريض الوزير المفوض سابقا بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون
أتوخى في هذا المقال تسليط الضوء على بعض الجوانب من مسار أحد الرجالات البارزين من أبناء وطننا العزيز الذي وسم المنطقة الشمالية من المملكة، على مر أربعة عقود، بتاريخ حافل بفضل حكمته وبعد نظره وكفاءته والتزامه الصادق في خدمة قضايا الوطن والمواطنين. إنه القائد الحاج امحمد بن مبارك بن المختار بن رمضان لمريض، رحمه الله.
وفي هذا استجابة لوعد قطعته على نفسي مع عدد من شباب العائلة الذين طلبوا مني، بحكم توفري على رصيد لا بأس به من المعطيات والمعلومات عن هذا القائد الفذ، أن أقربهم أكثر من سيرة جدهم الحافلة بالعطاء الوطني وما كانت تمتاز به شخصيته من ملكات وتجليات قيادية مؤكدة ومن خصال إنسانية رفيعة. ولعل في ذلك أيضا استحضارا لجزء هام من تاريخ هذه المنطقة، لاسيما ما حفلت به إبان حقبة الاستعمار الإسباني، واستقراء موضوعيا قد يشكل إضافة ومرجعية بالنسبة للأساتذة والباحثين والمهتمين بالتاريخ المحلي، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ الحسين أجعير والأستاذ محمد مومني.
ميلاد ونشأة
هو الحاج امحمد بن مبارك بن المختار بن رمضان العبادي، ولد على الأرجح في الأربعينات من القرن التاسع عشر، وتوفي في يوم 7 يوليوز 1957 عن عمر يزيد على 110 سنوات. عاش في كنف والدته ابنا وحيدا؛ إذ إن والده انتقل إلى دار البقاء وهو لا يزال صبيا يافعا. ولعل هذا الحدث الأليم كان له بالغ الأثر في بناء شخصيته وصقلها في ما بعد.
وقد ذكر القائد لمريض لأهله أن جماعة “العباد” التي ينتمون إليها هي أول جماعة استوطنت منطقة زايو؛ حيث أشار إلى أن أصول الجماعات المكونة لقبيلة أولاد ستوت تختلف من جماعة إلى أخرى. وأكد، في الوقت ذاته، أن جذور جماعة “العباد” تمتد إلى الأندلس.
ومن جميل الصدف أنني التقيت، في بداية الألفية الحالية، بالدكتور احمد عويدي العبادي، وهو أستاذ جامعي أردني، كان يقوم بزيارة إلى سفارة المملكة المغربية لدى الأردن واغتنمتها فرصة لأسأله عن أصل الإسم الذي يحمله، أي العبادي. وقد أبلغني أن العباد أو العبابدة هم أصلا من قوم النبي شعيب عليه السلام. وقد شاركت أعداد منهم في الفتوحات الإسلامية الأولى في مصر وشمال إفريقيا إلى أن انتهى بهم المطاف فى الأندلس حيث أسسوا فيها، زمن ملوك الطوائف، مملكة اشبيلية العبادية.
وكان من أشهرهم الملك والشاعر المعتمد بن عباد الذي أسره يوسف بن تاشفين، زعيم المرابطين، عقب غزوه للأندلس ووضعه في سجن أغمات إلى أن وافته المنية هناك. وبعد سقوط الأندلس على يد الملك فيرناندو والملكة إيزابيلا، تم طرد بنو عباد، لاسيما الذين رفضوا منهم الدخول إلى المسيحية، وتفرقوا على بلدان شمال إفريقيا والسودان والعراق وغيرها.
نشأ الطفل الصغير بمعية والدته في سهل صبرة في ظل ظروف صعبة بل وقاسية تحت الخيمة التي ورثها عن والده، وكانت اهتماماته منصبة كليا على رعي قطيع من الغنم والاعتناء ببعض البهائم إلى أن اشتد عوده. وقد أدرك، في سن مبكرة، مدى أهمية تربية الماشية بما تمتاز به من سرعة دورة رأس المال فيها نظراً لارتفاع كفاءتها التناسلية وتكاثرها الجيد وسهولة تربيتها، وبالتالي أصبح هذا النشاط الاقتصادي يحتل مكانة مركزية في حياته.
ومع مرور السنين، تشكلت روح المبادرة لدى القائد لمريض، الشاب الواعي، وظهرت ملامح شخصيته القوية، ونضجت قدرته على كسب العلاقات الاجتماعية، وكبر طموحه في الارتقاء بمشاريعه الاقتصادية إلى مستويات أعلى. ولم تعد أنشطته التجارية تقتصر على المناطق المغربية فقط، بل خاض تجربة جديدة في معاملاته قادته إلى مدن تلمسان ومغنية وسيدي بلعباس وغيرها من مدن وبلدات الغرب الجزائري.
وقد مهد له هذا التوجه الجريء سبل النجاح وفتح له أبواب الثروة؛ حيث أصبح يمتلك قطيعا كبيرا من رؤوس الماشية يقدر بنحو 2300 رأس من الغنم والبقر والماعز والخيل والجمال، كان يطلق عليه لكثرته وتنوعه اسم “الدولة”.
إن القراءة الاجتماعية والنفسية لهذا الرجل، الذي عاش يتيما وحيدا مستكينا لوالدته التي وجد فيها كل السند، تؤكد أن الحرمان من الحنان الأبوي والحرمان من سبل العيش الكريم كان لهما وقع خاص على نفسيته. فبدل أن يركن ويستسلم لواقع أمره، انتفض بطريقة تدعو إلى التأمل، واستطاع بفضل عمله الجدي والدؤوب أن يحقق وينجز الكثير من المكتسبات الهامة في حياته.
صلة بالأرض
لم يكن حب القائد لمريض للماشية يضاهيه أمر آخر سوى حبه للأرض. فقد كانت تعني له الشيء الكثير، فكان يعتبرها فضاء مثاليا لتوسيع وتنويع أنشطته في مجال الفلاحة وتربية المواشي ووسيلة كفيلة بتحقيق ذاته وتطلعاته. ولذلك ركز على استثمار العائدات والفوائض المالية المترتبة عن تجارة المواشي في شراء الأراضي والعقارات، سواء في سهول صبرة أو في بلدة زايو ومحيطها أو في منطقة كارت وغيرها.
وقد استمر على هذا المنوال حتى بعد احتلال المستعمر الإسباني للمنطقة الشمالية من المغرب سنة 1912. وقد عرفت هذه الحقبة مجيء العديد من المعمرين والمستثمرين والشركات الإسبانية وعينهم على خيرات المنطقة؛ حيث استولوا على مساحات واسعة من أراضيها بطرق وصيغ مختلفة مستغلين في ذلك ظروف الفاقة والعوز التي كان يعاني منها الأهالي.
وفي هذا السياق، حل بالمنطقة مستثمر فرنسي أتى بحثا عن أراضي يقيم عليها مشاريعه الفلاحية ومن ضمنها إنشاء ضيعة لتربية الخنازير، فوقع اختياره على سهول صبرة، وبصفة خاصة على أراضي تعود ملكيتها للقائد لمريض وأبناء عمومته من العباد، تفوق مساحتها 5000 هكتار. وقد تمكن هذا المستثمرمن إقناع أبناء عمومة القائد ببيعه العقار المذكور باستثناء هذا الأخير الذي ظل رافضا لفكرة بيع حظه الذي ورثه عن والده.
وحين تمت الصفقة لجأ القائد لمريض إلى المحكمة في ممارسة لحقه الشرعي في شفاعة الأرض المذكورة، فانطلقت معركة قانونية شرسة بين الطرفين إلى درجة أن المستثمر الفرنسي هدد، من شدة غضبه، القائد لمريض بالتصفية الجسدية. وفي نهاية الأمر ساد العدل وقضت المحكمة بصحة الشفاعة، وبالتالي أحقية القائد في ملكية تلك الأراضي؛ حيث عمد، بعد دفع التعويضات اللازمة للمستثمر الفرنسي، إلى تحفيظها باسمه سنة 1917 – رسم خليفي تحت رقم 073.
وكان القائد يستقرئ، بفكره الثاقب، مستقبل المنطقة؛ حيث كان يؤكد لأهله أن تلك الأراضي ستستفيد من مياه الري مستقبلا وستتحول إلى جنة خضراء مثلما كان عليه الحال في المنطقة الشرقية لوادي ملوية، كما كان يوصيهم بالحفاظ على مخلفات المواشي أو ما يسمى “بالغبار” إلى حين استعماله كسماد طبيعي حين يحل موعد الري.
صعود في السياسة
حظي القائد لمريض بأرفع المراتب في قبيلته بفضل عمله واجتهاده المتواصل، وبفضل ما كان يتحلى به من رجاحة فكر ورأي ومن دماثة خلق وكرم وافر. وقد تنبأ له سلفه، القائد أحمد موسى البزايري، الذي كان حاكما لقبيلة أولاد ستوت، بمستقبل مشرق؛ حيث كان يردد على مسامع المحيطين به بأنه سيكون القائد الذي سيخلفه على رأس القبيلة.
وقد تعززت مكانته في ربوع المنطقة بعد الإنتصار القانوني البين على المستثمر الفرنسي، وكانت لهذا الحدث نتائج هامة انعكست إيجابا على صعود نجمه في الحقل السياسي؛ إذ بعد سنوات قليلة أصدر مولاي المهدي بن اسماعيل بصفته، آنذاك، نائبا للسلطان محمد بن يوسف على المنطقة الشمالية التي كانت خاضعة لنفوذ إسبانيا ظهيرا خليفيا، يوم فاتح أبريل 1922، تم بموجبه تعيينه قائدا جديدا على قبيلة أولاد ستوت.
ومما جاء في هذا الظهير أنه “اقتضى نظرنا الشريف أن نولي عليكم خديمنا الأرضى الغالب امحمد بن مبارك بن المختار بن رمضان لثبوت أولويته وكفاءته عند جنابنا الشريف وأن نسند إليه النظر في مصالحكم وشؤونكم تحت رعاية نظرنا المنيف”.
حظي تعيين القائد لمريض بتأييد كافة أعيان القبيلة، واستبشر المواطنون بتحمله مسؤولية تدبيرشؤونهم ومصالحهم نظرا لما كان يمتاز به من صفات القيادة ولما كان يعرف عنه من عدل وكرم ونكران للذات، فأقاموا الإحتفالات على مدى عدة أيام احتفاء به وبهذه اللحظة التاريخية.
وبعد استلامه لزمام الأمور على رأس قبيلة أولاد ستوت عرفت المنطقة الشمالية فترة عصيبة؛ إذ انتقل الخليفة مولاي المهدي بن اسماعيل إلى جوار ربه، يوم 24 أكتوبر 1923، وبقي منصب الخليفة شاغرا إلى غاية سنة 1925. وقد أرادت سلطات مدريد، في خرق لاتفاقيات الحماية، أن تعين فيه خالد الريسوني الذي كان باشا للعرائش، إلا أن هذا المسعى الإستعماري جوبه بالرفض من قبل العديد من القياد والأعيان بالمنطقة الشمالية، ومن ضمنهم القائد لمريض الذي كان يصر على أن السلطان محمد بن يوسف هو وحده الذي كانت له الصلاحية لتعيين من ينوب عنه في المناطق التي كانت خاضعة للنفوذ الإسباني ليس فقط في منطقة الشمال بل أيضا في كل الأقاليم الأخرى مثل سيدي إفني، آيت باعمران، طرفاية، الساقية الحمراء ووادي الذهب.
وتفاديا للفراغ السياسي الذي خلفته وفاة مولاي المهدي بن اسماعيل، تم الإتفاق على أن يتولى مهام النيابة، مؤقتا، باشا تطوان. وفي 26 يونيو 1925 تولى الخلافة مولاي الحسن بن المهدي، وهو في سن الخامسة عشرة؛ وذلك بموجب ظهير صدر عن السلطان محمد بن يوسف. وقد حرص القائد لمريض على الانتقال إلى مدينة تطوان، رفقة أبنائه وعدد من أعيان القبيلة، لتقديم التهاني والولاء للخليفة الجديد ومن خلاله لجلالة السلطان، قائد البلاد.
سلطات الحماية
ظل القائد لمريض يحتفظ بعلاقات جيدة مع سلطات الحماية إدراكا منه بأن ذلك سيسهل عليه مأموريته في تسيير ورعاية شؤون قبيلته. وقد كان محط تقدير من طرف هذه السلطات لما أبان عنه من حنكة وجدية وإخلاص في تأدية مهامه. كما أنه كان رجل ثقة لدى المسؤولين الإسبان الذين لم يكونوا يترددون في استشارته في عدد من القضايا المتعلقة بالقبيلة وبالمنطقة الشمالية ككل.
ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل حاول المسؤولون الإسبان كسب وده، أكثر فأكثر، من خلال اللجوء إلى بعض المبادرات التفضيلية لصالحه، ومنها على سبيل المثال أنهم اقترحوا عليه تزويد مسكنه، الواقع على بعد ثلاثة كيلومترات من بلدة زايو، بالماء الصالح للشرب انطلاقا من منابع سيدي عثمان، بواسطة إقامة قنوات خاصة، لكنه اعتذر عن الفكرة.
وفي اعتقادي، فإن مرد رفض القائد لذلك يعود إلى سببين: أولا، لأنه لم يكن يحب، بطبعه، أن يستأثر بأية امتيازات دون غيره من أفراد القبيلة. وثانيا، لأنه كان على وعي بأساليب المستعمر التي كانت تروم استدراج المسؤولين والأعيان المغاربة عن طريق الإغداق عليهم بمثل هذه الامتيازات توطئة لكسب عطفهم وولائهم ومن ثم توريطهم في خدمة أجنداته السياسية. ولذلك ظل القائد لمريض حريصا على ترك مسافة بينه وبين هذه السلطات حتى يحافظ على استقلاليته.
دفاع عن المواطنين
كان القائد لمريض معروفا باستماتته في الدفاع عن أفراد قبيلته وعن مصالحهم دون كلل ولا وهن. وهناك الكثير من الحكايات والنوادر التي لا زال الناس يتداولونها إلى اليوم، وهي تؤرخ لفترة هامة من تاريخ قبيلة أولاد ستوت بصيغة تحيلنا على ذكاء وفطنة القائد في التعامل معها.
ومن تلك الحكايات ما دار في لقاء جمع قياد المنطقة الشمالية في تطوان بالمقيم العام الإسباني الذي كان يسأل عن الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية للقبائل والأهالي. وحين جاء الدورعلى القائد لمريض قال، إنه والشيوخ والمقدمين يعيشون في ظروف جيدة، أما باقي أفراد القبيلة فإنهم يرزؤون تحت وطأة الفاقة، مشيرا إلى أن الكثيرين منهم هاجروا شرقا إلى منطقة الحماية الفرنسية، وإن استمر الحال على ما هو عليه فلن يتبقى أحد من القبيلة تحت سلطته.
فاستغرب المقيم العام لهذا الأمر وتساءل، كيف ذلك ونحن نبعث إليكم بما يلزم من المؤونة والتموين؟ فأجابه القائد لمريض، بحكمته المعهودة، إن أكياس المؤونة هذه يبدو أنها تأتينا مثقوبة فلا تكاد تصلنا من تطوان إلى زايو حتى تكون قد فرغت من محتوياتها. فضحك المقيم العام وأمر بتخصيص إعانات جديدة لفائدة قبيلة أولاد ستوت.
وعلى صعيد آخر، كانت السلطات الإستعمارية الإسبانية صارمة في قراراتها وأحكامها في القضايا الجنائية والجنحية. ولكن قراراتها ضد المتهمين لم تكن في بعض الأحيان تستند إلى أدلة وبراهين دامغة مما كان يعرض هؤلاء المتهمين لأبشع أصناف الظلم. ولحسن حظ هؤلاء، كانت هذه السلطات تطلب رأي القائد لمريض في هذه النوازل قبل تنفيذ القرارات والأحكام؛ وذلك بحكم معرفته الدقيقة بأفراد قبيلته. وقد تمكن بفضل ذلك من إنقاذ عدد من المتهمين كانوا معرضين للإعدام.
ولدينا في ذلك ثلاث حالات. الحالتان الأولى والثانية تتعلقان بالمواطنين الحاج المامون نوري، وأحد أقرباء أمحمد بن بلعيد البزايري، اللذين كانا متهمين باقتراف جريمتي قتل في نازلتين منفصلتين عقوبتهما الإعدام. وقد تمكن القائد لمريض من إنقاذهما بفضل شهادته في حقهما؛ حيث أكد للسلطات الإسبانية أنهما بريئان من تهمتي القتل باعتبارهما مواطنين صالحين وعلى خلق عالٍ.
أما حالة المدعو أحمد الركيك فتختلف عن الحالتين السابقتين؛ إذ كان هذا الشخص لا يكاد يبرح السجن حتى يعود إليه مجددا بسبب سرقاته المتكررة، ولاسيما سرقة المواشي. وهذا العود أدى به إلى عقوبة الإعدام. وحين علم القائد لمريض بالأمر أكد للمسؤولين الإسبان أن هذا الشخص يستحق فعلا العقوبة الصادرة في حقه، ثم استدرك قائلا بأن هناك لصوصا آخرين يتعين التخلص منهم كذلك. فسألوه، ومن هم هؤلاء؟ فقال، لويس.
ولويس هذا مواطن إسباني كان مالكا للمطحنة الوحيدة آنذاك بزايو. استغرب المسؤولون الإسبان لما ذهب إليه القائد، وقالوا، إن هذا الرجل مواطن صالح فلماذا تتهمه بالسرقة؟ فأجاب، إذا كان أحمد الركيك يسرق من حين إلى آخر، فإن لويس يسرق يوميا من حبوب القمح والشعير التي ترد عليه من المواطنين من أجل طحنها. ظل هؤلاء المسؤولون مشدوهين أمام المقاربة الذكية للقائد لمريض، فانتهى بهم المطاف إلى العفو على أحمد الركيك. والغريب في الأمر أن القائد لمريض، نفسه، كان ضحية لهذا اللص الظريف.
مواقف عادلة
من الصفات النبيلة التي لازمت القائد لمريض طيلة حياته صفة العدل. فقد كان رجلا عادلا يمقت الظلم ويناصر الضعيف قبل القوي. ولعل قصة نجله المختار مع المواطن علي بلغيس تعد أبلغ مثال على ذلك. فذات يوم، دخل المختار على القائد في مكتبه ليشتكي المواطن المذكور موضحا أنه سلم المعني بالأمر مبلغا ماليا ليشتري له “جلابة زناسنية”، وهو جلباب من صوف معروف بجودته العالية تنتجه قبائل بني يزناسن بتافوغالت، لكنه نقض عهده ورفض إعادة ما تسلمه منه من مال. فسأله القائد، هل لديك من شهود يابني؟ فأجاب المختار، لا. فقال ذكرني باسمه يا بني. فأجاب المختار إنه يدعى بلغيس. فضحك القائد وقال، على سبيل الدعابة وحتى يخفف الوطأة على ابنه، قم يا بني هذه “غيسة” وقد سقطت فيها.
في قضية فلسطين
كان القائد لمريض على إلمام واطلاع واسع بقضايا الأمة العربية والإسلامية وانشغالاتها. وكان الحدث الأبرز في تلك الفترة، الإعلان عن قيام الكيان الصهيوني في فلسطين سنة 1948 تنفيذا لوعد بلفور المشؤوم، وما استتبع ذلك من مقاومة شرسة من قبل الفلسطينيين والعرب لإجهاض المشروع الإمبريالي الصهيوني.
وخلال اجتماع لقياد المنطقة الشمالية مع المقيم العام الإسباني بتطوان، توجه هذا الأخير للقائد لمريض، بما كان يعرفه عنه من إلمام بمختلف القضايا، وسأله عن رأيه بشأن ما كان يدور من اقتتال بين العرب واليهود حول فلسطين. فأجابه القائد، إن فلسطين مثل تلك المرأة الجميلة التي يرغب فيها كل واحد لنفسه، مضيفا أن الصراع عليها سيدوم طويلا ولن يحل إلا بإرادة من الله.
الاستقلال
بعد الحرب العالمية الثانية، تولدت لدى القائد لمريض قناعة ثابتة بأن المغرب كان في طريقه، لا محالة، إلى الاستقلال. ولذلك، فقد انخرط مبكرا في جهود المقاومة من أجل تحرير المغرب واستقلاله.
إن لقب “لمريض” هذا اكتسبه القائد في سنة 1953، وهو التاريخ الذي يتذكره كل المغاربة الأحرار لأنه ارتبط بالنفي الجائر لسلطات الاستعمار للعائلة الملكية الشريفة. في هذا الوقت، وفي رده على قرار السلطات الاستعمارية، اعتكف القائد لمريض في بيته ورفض مزاولة مهامه الرسمية بمكتبه. وفي كل مرة كان المراقب العسكري الإسباني يبعث في طلبه، كان يقول للرسل: “اذهبوا وقولوا له إنه مريض”. فمرض القائد كان مرضا سياسيا.
في هذه الفترة المصيرية من المسيرة النضالية من أجل التحرير والاستقلال أمر القائد لمريض كافة أئمة المساجد بالمنطقة الترابية التابعة لنفوذه بتخصيص دعوات الصلاة، ولاسيما صلاة الجمعة، للسلطان محمد بن يوسف ولا أحد غيره. ومن جهة أخرى، قام بتزويد رجال المقاومة بالأسلحة والعتاد والتموين ووضع رهن إشارتهم كل ما يسهل نضالهم البطولي من أجل وطنهم وملكهم. وقد كان القائد لمريض يستعين ببعض الوطنيين المخلصين لربط الاتصال برجال المقاومة، أذكر منهم الحاج امحمد البدوي اليزناسني والسيد أحمد الدراز رحمهما الله.
وعرفانا بما قدمه القائد لمريض لوطنه ولملكه، تفضل مولاي الحسن بن المهدي، خليفة السلطان، وأنعم عليه بأحد أرفع الأوسمة. وقد جاء في كتابه المؤرخ في 18 يوليوز 1954، بهذا الشأن، أنه “بمقتضى حسن الأعمال التي قام بها قائد أولاد ستوت السيد الحاج امحمد مبارك رمضان وبقصد تقديم البرهان له على فائق اعتبارنا قد قلدناه الوسام المهدي من درجة السعادة”.
في ربيع سنة 1999، كنت بصدد توديع السيد عباس الجراري، مستشار الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه والملك محمد السادس حفظه الله، بمطار عمان الدولي في ختام زيارة رسمية له إلى الأردن والأراضي الفلسطينية. وفي تلك الأثناء، دخل علينا، في القاعة الشرفية، المؤرخ والدبلوماسي الدكتور عبد الهادي التازي رحمه الله، الذي وصل لتوه إلى المطار قادما من جنوب شرق آسيا في طريق عودته إلى المغرب. فسلم على مستشار الملك، وسلمت عليه بدوري وقدمت له نفسي وكنت حينذاك مستشارا بسفارة المملكة المغربية لدى المملكة الأردنية الهاشمية.
وبعد تبادل التحية وكلمات المجاملة مع السيد عباس الجراري، توجه إليّ، بحس المؤرخ، سائلا لماذا هذا الإسم، أي “لمريض”؟ فقلت مازحا “جدي هو الذي كان مريضا مع الإسبان”، وحكيت له ملابسات اكتساب جدي للقب “لمريض” وكيف أن العائلة قررت تبني هذا اللقب كاسم عائلي لما يحمله من دلالات وطنية. ابتسم الدكتور عبد الهادي التازي وقال: “كنت على يقين أن هذا الاسم وراءه قصة”، مضيفا: “عليك أن تحمله بفخر واعتزاز وبارك الله في روح جدك”.
إنني، وأنا أكتب عن القائد لمريض، بكل تجرد وموضوعية، أجد نفسي أمام شخصية عصامية أصيلة ذات مناقب عديدة، قدمت الغالي والنفيس من أجل وطنها وملكها ودافعت بكل قوة عن مصالح قبيلتها. ولي كامل الشرف أن أكون سليل هذه الشخصية الوطنية الرائعة التي لم تنل، مع كامل الأسف، ما تستحقه من اعتراف وتقدير وتكريم من طرف السلطات المعنية ومن المسؤولين والقائمين على الشؤون الجهوية والمحلية.
تحياتي إلى السيد محمد لمريض وفوق كل هذه العبارات الذي ذاكرت كان من أشد الناس حبا لبني وكيل أولاد الزاوك ولا زال عايلة لمريض يحبون بني وكيل ونحن نبادلهم الحب كلك شكرا .استاذي الكريم على هذه النبذة من حيات رجل طيب والسلام
سلامي اليك ابن العمومة اخي محمد فرقتنا الايام ولم نلتق منذ ٤٠ سنة مرت كالساعقة كما ارفع سلامي للاخ علال والاخت مليكة جارتنا بهولندا وشكرا على المقال التريخي لجدنا لمريض الذي ارعب الاستعمار الفرنسي والاسباني وكان بجانبه جدي الحاج الكوراري رحمهم الله جميعا
Alah irahmo waiwasa3 3lih waijadad 3lih arahamat ajad alkhalok wachoja3 inchalah kanat alfirdaws ya rab
اي موضوع بدون مصادر لا قيمة له
يبدو ان البعض يستصغر ما يقوم به أناس شرفاء لهم من المصداقية و حفظ الأمانة و الإخلاص في القول و العمل ما يوءهلهم بحكم مسارهم الدراسي المتفوق و المهام الوظيفية التي شغلوها عن جدارة و استحقاق سرد احداث و وقاءع اطلع عليها اغلب الناس الذين عايشوها عن قرب و نقلوها الى بناءهم و احفادهم و بقيت متجذرة في التاريخ الجماعي لهم و لمدينتهم ، و ما قام به السيد امحمد لمريض احد حفدة هذا القاءد الفذ الا جزء يسير من سيرته الفذة و ذلك حفظا لذاكرة هذه المدينة المناضلة برجالاتها عبر التاريخ و انصافا لهم و تعريفا بما قاموا به من جليل الأعمال،هذا من جهة و من جهة اخرى فان البعض يتساءل عن المصادر المصادر و كأنه يشكك في مصدر موثوق وعلى علم تام بما يسرده من احداث ووقاءع بعد التأكد من مصداقيتها. كتابة التازيخ ليست حكرا على فءة معينة من الأشخاص بل تستمد صدقيتها من الشخص الذي يسردها و يعرضها على التمحيص و التنقيب و الإشارة بالإشادة او الرفض بالمصادر و الروايات المضادة…اقول للشخص الذي أراد من خلال اثارته للمصادر انه حق تريد ان تثبت به باطلا و ذلك بغرض التشويش على كل من يحاول تسليط الضوء عالى بعض رجالاتنا الذين بصموا التاريخ بحروف من ذهب و كانني بك لا تملك تاريخا و لا مصادر تحدثك عنهم،و من لا تاريخ شخصي له لا قيمة له و لحكمه على الاخرين …
لدينا و نحتفض برسالة ملكية كتبها السلطان الحسن الأول يعين فيها أحمد موسى البزايري كقائد لأولاد ستوت
جدي رحمة الله عليه