بقلم – فاطمة الزهراء
تنتشر بالمجتمع العربي ظاهرة تعدد الزوجات. و برغم تفشي الظاهرة بحكم التشريع الإسلامي، إلا أنها تعرف جدلا كبيرا بين مختلف شرائح المجتمع، إذ هناك من يؤيد الظاهرة و هناك من يرفضها رفضا باتا، و لكل دوافعه و مبرراته.
في مقالتي هاته، سأحاول توضيح وجهة نظر معظم النساء إن لم أقل كلهن من فكرة التعدد.
قلة قليلة جدا من النساء من ترى التعدد مباحا وتسمح للزوج بذلك اقتداءً بالسنة النبوية وبالآية القرآنية 《وَإنْ خِفْتُم ألاّ تُقْسِطوا في اليتَامى ،فانْكِحُوا مَا طَابَ لكُم منَ النّسَاء مثْنى و ثُلاث و رُباع فإن خِفتم ألاّ تعدِلوا فَوَاحِدةً أوْ مَا مَلَكتْ أيمانكُم ذَلِك أدْنى ألاّ تَعدِلوا 》 إذ تمنع نفسها حق القرار في هذا الموضوع بما أن الله تعالى أجازه وأباحه في كتابه العزيز . إلا أن هذا الوضع لا يمكن تفسيره على أنه قَبول للتعدد إنما مجرد تَقَبُّل تستصعبه وينخر داخلها وتكبته خوفا من غضب الله أولا ثم غضب الزوج ثانيا .ولا تقبل التعدد من قرارة نفسها ومع ذلك تبقى هذه النسبة من النساء ضئيلة جدا تكاد لا تذكر ، وشتان بين القبول والتقبل .
وتعبّر الأغلبية من النساء عن موقفها من التعدد بالرفض القاطع الغير قابل للنقاش وتعتبره خطاًّ أحمرا لا يمكن تجاوزه . إذ ترى معظم النساء أن فكرة تعدد الزوجات تساوي الطلاق .إذ لا تتقبل المرأة بفطرتها الغيورة وحب التملك هذه الفكرة وترى من وجهة نظرها أن مجرد فكرة الرجل في الزواج من جديد إشعار بانتهاء الحب وانطفاء شعلة العشق الحلال الذي هو أساس نجاح كل أسرة صغيرة للاستمرارية والمواصلة في تشارك الحياة .
كما أن المرأة ترفض تجاوزها وتغييرها بواحدة أخرى لكونها تعلم أن زوجها يبحث بعيدا عن حب جديد وأن حبهما لم يعد كافيا لمواصلة الحياة الزوجية. وتتوصل لنتائج قبل حصولها كالاهمال وعدم الاهتمام والتجاهل و تجدد اهتماماته وهي أمور مرفوضة قطعا عند جل النساء .إذ أن المرأة إن لم تكن أساسا ومركزا ومحطة اهتمام وحيدة لا تقبل أن تكون هامشا … وغالبا ما تفضل الطلاق على أن يتم استبدالها بطريقة مُهينة إذ ترى أن التعدد إهانة واحتقار لها وتجاوز لمشاعرها الصادقة والنبيلة . إذ لا تتقبل مقارنتها بواحدة أخرى .
ويبقى هذا الموضوع حساسا وموضع نقاش واختلاف بين جميع فئات المجتمع ، إلا أن الله تعالى حسم فقال : 《وَلَنْ تَستَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بيْنَ النّسَاء وَلَوْ حَرِصْتُمْ فَلاَ تَميلُوا كُلّ الميْل فَتَذَرُوها كَالمُعلَّقةِ وإن تُصْلِحُوا وَ تتّقُوا فإنّ الله كَانَ غَفُوراً رَحيماً》 وتنفي الآية القدرة على المساواة بين الزوجات في المودة والحب، فليس من الممكن أن يُساوي أحد عنده أكثر من زوجة بينهما في الميل القلبي والوجداني ، ذلك أن الميل النفساني أمر خارج عن السيطرة والاختيار وهذا معنى قوله سبحانه 《وَلَنْ تَسْتَطيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النَّساء 》