سعيد قدوري
تعتبر منطقة مصب نهر ملوية من المناطق الرطبة المهمة بالمغرب، حيث أصبح الموقع يندرج ضمن اتفاقية “رامسار” الدولية منذ 2005، ويعد اليوم على الصعيد العالمي موطنا نادرا لأكثر من 201 نوع من الطيور أي ثلثي أنواع الطيور بالمغرب، ومنها المقيمة بالمنطقة، والمهاجرة إليها من شتى جهات العالم، بل منها النادرة جدا، ويعتبر الموقع أيضا أكبر منطقة رطبة في العالم تحتضن طيورا بهذا العدد وبهذا الشكل الفريد من حيث التنوع البيولوجي والإيكولوجي.
ورغم الأهمية الكبرى التي يحظى بها مصب ملوية عالميا إلا أن ذلك لم يكن محفزا للحفاظ عليه وعلى مكانته، حيث أصابه الإهمال بشكل كبير، كما أن تصرفات الزوار من خلال عدم الالتزام بنظافة المكان أدت إلى قتل السياحة في هذا الموقع الهام.
أولى معاول الهدم التي أصابت مصب ملوية هي السماح لشركة “فاديسا” لنقل الرمال من أجل بناء المنتجع السياحي بالسعيدية، ما جعلها تقضي على الكثبان الرملية للشاطئ وأدى ذلك إلى تسوية منطقة واسعة من الشاطئ، خاصة الشاطئ الغربي للسعيدية بجوار المصب حيث تقلص كثيرا، وفي ذلك مخالفة للقانون المغربي الذي يوجب حماية الكثبان الرملية لما لها من دور مهم في المحافظة على التوازن البيئي.
ما أقدمت عليه “فاديسا” وأدى إلى الإضرار بالمصب تواصله “لوبيات” مقالع الرمال برأس الماء والتي لا تحترم المعايير المعمول بها وطنيا في هذا المجال، ما أدى إلى اختفاء عدد من البحيرات المجاورة للمصب، وهي بحيرات شكلت مرتعا لعدد من الطيور النادرة على المستوى العالمي.
وبموازاة الإهمال برز خلال السنين الأخيرة الإقبال الكثيف للمواطنين على زيارة مصب ملوية، غير أن هذا الإقبال لم يقابله تأهيل للمكان يجعله قادرا على استقطاب المصطافين في أحسن الظروف.
وعلى سبيل المثال؛ فإن غياب المراحيض العمومية بالموقع يؤدي بالناس إلى قضاء حاجتهم بالقرب من المصب، ما يساهم في تلويث المكان، كما أن السماح للسيارات بالعبور إلى غاية المصب يؤدي إلى تلويث المياه جراء ما تفرزه محركات السيارات، ناهيك عن التأثير الذي يلحق بالرمال المجاورة للواد.
وقد لاحظنا خلال عدة زيارات قمنا بها للموقع أن المصطافين بالمكان يتخلصون من بقايا الأطعمة التي جلبوها معهم بالقرب من المصب، في صورة تنم عن غياب الوعي بأهمية هذا المكان والقيمة التي يتمتع بها.
مصب ملوية بات اليوم في حاجة إلى مشروع يرمي إلى حمايته وحماية تنوعه البيولوجي، عبر انخراط فعلي لمختلف المتدخلين كالفاعلين المحليين والجمعويين والجماعات والمصالح الخارجية للقطاعات المكلفة بمجال البيئة.
إن الإهمال الذي يعاني منه مصب ملوية يؤثر على مردوديته السياحية ويشكل عائقا أمام تصنيفه ضمن الأماكن السياحية ببلادنا رغم أهميته، لذلك وجب التنبيه إلى ضرورة إطلاق مشروع ينقذ الموقع.