محمد أعراب / أوسترهاوت، هولندا
أن نحكي عما نريد أو بما نحلم أو كيف نحلم أمر صعب في مجتمعنا وهذا يخص جميع المواضيع، حين يسأل طفل من باب الأسئلة الإستشراقية ماذا تريد أن تصبح حين تصبح رجلا فإن أجاب بشيء غير معتاد تسمع ضحكات وغمزات ويصير حديث الجميع من باب التهكم وإن كان حلمه كبيرا يُستهزء به إما بكلمة محبطة أو حتى نظرة دونية تُقزّم حجم الحلم تحت طائلة (ألبس قدك ايواتيك) وليس: إجْعل آفاقا أكبر لحلمك حتى تصل لأبعد مدى وقِس عليها الحب والجنس والعلاقات الزوجية.
فالبنت دائما تحلم بينها وبين نفسها بالفارس المغوار وحتى إن لم يأتي بفرس لكن يتعامل كفارس في معاملتها كأميرة زمانه والرجل أكيد يهتم بالشكل وبعدها المضمون إن خُيّر، أما إن كان زواج عائلات فما عليه إلا الردوخ ومن هنا تبدأ التنازلات لكليهما حتى نصل إلى الجنس .. فالفتاة أول ماتبدأ تحس بتغيرات فيزيائية وبأحاسيس داخلية لاتجد مرجعا لشرح مايقع؛ أي لا أم تفهمها ولا مدرسة توعيها فيصبح كبح الشعور والخوف من بوحه لكي لاينظر إليها بعين التقويم ولا تصبح حديث الكل، فتنتج تراكمات من داخلها على عيش ذاك الشعور لحالها وهاهي تتقدم في السن ولا شيء يحدث ليغير هذا بل العكس تبدأ مواعض الإخافة من الرجال ومن أن تبوحي لرجل فتصبحي لقمة سائغة وأن تكبحي الشعور لأن الأمر عيب ومنافي للأعراف فيزيد التضييق فتدخل مرحلة أخرى وهي الزواج وإن كان عن حب (بدائي) أو رباط من العائلة فالنصائح لن تكون إلا في السمع والطاعة والنظافة والسماع للزوج وراحته ووو ..
لكن لاشيء عن الممارسة ولا عن هي وذاتها في هاته العلاقة، فتدخل في هذه الدائرة التي يكون تواصل الزوجين في كل المواضيع إلا الجنس لأنه إن تطرق له أحد الطرفين فقد أتى شيئا نُكرا برغم أن لا أحد يعرف ميول الآخر ولا مايفضل وكيف يريده فتبدأ الرحلة في الأيام والأشهر الأولى يتبين الأمر جد عادي مابين الحشمة والتعرف على أجساد بعضهما البعض وتذوّق ذلك يأتيانه ويحسّانه حلوا لأن الأشياء لا تزال في أولها لكن مع الوقت يتغير، فالمرأة كما الرجل قد تكون ممن يريد أن يأتي شهوته بكل جوارحه وأن يعيشها بكل تفاصيلها؛ بقوتها وليونتها برعشاتها وحرارتها أن يعيش تلك الآونة وهو لا يفكر في شيء غير الذي بين يديه أن يحس ما يفعل ويتلذذ به، أن يجعل من المعاشرة رحلة إلى عالم الأحلام ترفعه من واقعه، أن يحسها بكل تفاصيلها وصراخها وأنينها؛ أي أن العالم الخارجي يتوقف في تلك الآونة فيصبح العالم كله هما معا لكن هيهات فإن أخبرته بما تود لربما يقول عنها أنها جنسية وصاحبة ماض أو قد لا يكفيها فتتلعثم وتسكت فقد تفصح وتصبح محطة أنضار دونية منه وتفقد شخصيتها وهو قد يخبرها بهواجسه فتسميه نفس الشي وقد تنعثه بما لا ينتظر ولا يحمد عقباه، فيكتم الجميع شعوره فتكثر الخلافات إن لم يستطع أحدهما الصبر وإلا سيصمت وسيعيشوا في روتين الحياة ويصبح الشيء الجميل والحميمي فقط فرض عين؛ أي واجب يشترط فعله لتفريغ رغبة ويفقد إحساسها حتى تضمحل مع الزمن.
طابوهات مفتعلة جعلت غالبية الزّيجات تعيش الروتين وتفتح باب البحث عن عيش ذاك خارجا ..