بعد استقبال المغرب لأطراف النزاع الليبي، بعد سقوط نظام القذافي، وتوقيع اتفاقية الصخيرات برعاية الأمم المتحدة سنة 2017، قامت دول مجاورة بإذكاء الصراع ووأد الاتفاقية، وذلك من أجل وضع موطئ قدم لها بليبيا، فظهرت قمم جديدة بجنيف وموسكو وبرلين والقاهرة من دون إرساء هدنة او اتفاقيات سلام، وهو ما انتهى بليبيا إلى ما هي عليه الآن من انقسامات وموالاة لعدة أطراف إقليمية متنازعة.
* محور مصر والإمارات والسعودية والأردن:
تدعم مصر والإمارات والأردن والسعودية وكذلك روسيا قوات الجنرال المتقاعد المشير خليفة حفتر عسكريا، كما تمده بالأسلحة والعتاد الحربي برا عبر مصر بالسلاح المصري والقوات العسكرية المصرية وجوا عبر الطائرات الإماراتية كما تم إمداده بدبابات وطائرات الدرون الأردنية وأسلحة فرنسية وعتاد حربي إسرائيلي وروسي، وميليشيات سودانية وأخرى روسية.
بعدما قاد الجنرال خليفة حفتر قوات ليبيا في التشاد، زمن حاكمها أنذاك العقيد معمر القذافي، وأسره سنة 1987، وتخلي القذافي عنه، وبصفقة أمريكية تشادية، انتقل خليفة حفتر من سجون تشاد للعيش بأمريكا ليتحول إلى عميل لها بعدما قامت المخابرات المركزية بتجنيدها له. وبعد أكثر من 20 سنة، وأثناء انفجار الأوضاع في ليبيا سنة 2011، يعود خليفة حفتر لإسقاط نظام معمر القذافي عبر تمويل وتسليح المعارضة الإسلامية، وفي 2015 تم تعيينه قائدا للجيش الوطني الليبي من طرف مجلس النواب.
هذا الأخير سيصبح العدو الأول لحفتر لكونه يضم تيارات إسلامية سياسية موالية لقطر وتركيا، لا ترغب قواة مجاورة بتواجدها أو تقوية شوكتها، مما دفع الرئيس الامريكي ترامب، بإيعاز من حاكمي الإمارات ومصر أثناء تواجدهما بالبيت الأبيض كل على حدة بأن حكومة السراج ضعيفة وتضم جماعات الإسلام السياسي، وبأنها لن تصمد أمام قوات حفتر، بمدح الجنرال حفتر ومنحه بذلك ضوءا أخضرا ليطلق الأخير العنان للهجوم البري والجوي على العاصمة طرابلس وقتل المدنيين والإجهاز على حكومة شرعية منتخبة ومعترف بها دوليا حتى من أمريكا.
* محور تركيا – قطر
تعمل قطر في غالب سياساتها على زرع جماعات إسلامية تتبنى الإسلام السياسي، على حد قول السيسي، موالية لها كحركة الإخوان المسلمين التي ترعى أعضاءها إلى جانب تركيا، وتمول حروب تركيا عنها بالوكالة. فكما لمصر ممول خليجي، لتركيا أيضا ممول خليجي وحام عسكري لها من حصار الإمارات والسعودية ومصر.
أما تركيا فلها مصالح اقتصادية وجيوسياسية في البحر الأبيض المتوسط وفي ليبيا.
فهي تحاول قطع الطريق على تحالف مصر وإسراءيل واليونان إلى جانب الإمارات والسعودية، لإنشاء أنابيب النفط نحو أوروبا وتقاسم آبار الغاز المنتشرة في البحر المتوسط، مما دفعها لتلعب ورقتها الرابحة حاليا، وهي الاتفاق مع حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج في نونبر 2019 وتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني بطلب من الشرعية الليبية، حماية للحكومة الليبية الرسمية بحرا وجوا وبرا من جيش حفتر الوطني التابع لبرلمان طبرق والذي كان قريبا من دك أسوار العاصمة طرابلس، وتوقيع مذكرة التفاهم حول مناطق السيادة والنفوذ في البحر المتوسط من أجل التنقيب عن الغاز بما يضمن حقوقهما الإقليمية المنبثقة عن القانون الدولي المتعلق بقانون البحار.
مذكرتي التفاهم هاته مكنت تركيا من كسر التحالف المصري اليوناني ضدها وبسط سيطرتها في البحر الأبيض المتوسط، وضمان موطئ قدم لها ولشركاتها بليبيا (غير معلنة)، هذا ما يفسر تدخل ليبيا عسكريا وبشكل علني بكل ترسانتها العسكرية متفوقة على الدعم غير المعلن لحفتر برغم عدده وقيمته الكبيرة وكثرة مموليه.
* محور روسيا
بالرغم مما حققته تركيا من انتصارات كبيرة على الأراضي الليبية ضد جيش حفتر المدعوم عسكريا من الإمارات ومصر وفرنسا والأردن والسعودية وحتى إسرائيل، فإن الدعم العسكري الذي تقدمه روسيا هو الأكبر والأضخم، (بالرغم من إنكارها للأمر) ويتعلق بمد حفتر بطائرات الميغ والسوخوي، والتي كشف عنها تقرير الجيش الأمريكي، وبميليشيات فاكنر الروسية التي تضم بليبيا وحدها 3500 عنصرا من المرتزقة. هذه الإمدادات العسكرية هي لدعم قوات حفتر عسكريا، وبطبيعة الحال، لحماية شركاتها النفطية الثلاث العاملة بليبيا، مع ما يتضمن ذلك من استعادة عقود نفط جديدة خسرتها بعد سقوط نظام معمر القذافي سنة 2015 وظهور حكومة جديدة.
أما أقوى أهداف روسيا بليبيا فهو توسيع نفوذها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (كما فعلت بجزيرة القرم، والتي ضمتها لها عبر انتخابات بروتوكولية رغم أنف الأمريكيين والأوروبيين الذين قلبوا نظام الحكم بأوكرانيا الموالي لها بنظام آخر موال لهم، وبما تقوم به حاليا في سوريا من امتلاك للأراضي السورية إلى جانب القاعدة العسكرية بميناء طرطوس) وتحقيق حلمها بضمان موطئ قدم لها في المياه الدفيئة، ونقصد هنا توسيع نفوذها جنوب دول أوروبا، مربط فرسها الأكبر، مما يرفع من عقودها لضخ حصص بترول وغاز أكبر نحو أوروبا وكسر هيمنة الولايات المتحدة عليها فيما يخص عقود الغاز والبترول.
الواضح ان جل اللاعبين الإقليميين يلعبون على حبل طرفي النزاع الليبي.
فروسيا وقعت مع حكومة السراج اتفاقيات استغلال النفط والغاز الحكومي وفي نفس الوقت تمول الجيش الليبي بزعامة حفتر، كما قدمت نفسها كوسيط بين حكومة السراج وبين قبائل جنوب ليبيا، وبين السراج وحفتر في لقاء جمع الأخيرين بموسكو رفض إثره الجنرال حفتر التوقيع على اتفاقية المصالحة، دون إغفال صفقات التسلح العسكرية وما تدره من أموال طائلة.
اما تركيا فتدعم السراج لتربح حرب المواقع ضد مصر واليونان والإمارات بشكل غير علني ولدعم حكومة الوفاق الشرعية علنا، ولتطلق العنان
لشركاتها للتنقيب على مصادر الطاقة في المياه الإقليمية المشتركة، ولتكسب أيضا حليفا لها على ضفاف البحر المتوسط وتضع موطئ قدم لجماعات الإسلام السياسي بدلا من مصر. هذا ولا ننسى ان استعمال تركيا لترسانتها العسكرية المصنعة محليا، يبرز قوة أسلحتها ويجعل صناعتها الحربية مركز جذب وعقود وصفقات أسلحة بمليارات الدولارات.
أما مصر فتبدي قلقها من صعود دولة حدودية إخوانية أو ذات ميول لتركيا وقطر، ولا تريد أن تصبح تركيا قوة إقليمية بالمتوسط والشرق الأوسط شأنها شأن إسرائيل واليونان والإمارات، ولذلك وقعت اتفاقا يسمح لها باستخدام المجالات الجوية والبرية الليبية في الاستخدامات العسكرية وملاحقة “الإرهابيين”، كما تقوم حاليا بدور الوساطة مع دفع الجنرال حفتر ( بعد مسلسل هزائمه) ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح بالمطالبة بتوسيع حكومة السراج لتضم حفتر وأطراف نزاع ليبية أخرى ورعاية مصالحة تحت غطاء الأمم المتحدة.
أما الإمارات، عرابة الحروب في الدول العربية والقرن الإفريقي، فهمها إيجاد موانئ لها على البحار المتوسطية وقواعد عسكرية وولاءات حكومية كما تفعل باليمن، من استيلاء على موانئها وجزرها، ودول القرن الإفريقي من صفقات استغلال موانئها عسكريا، وتوطين آلاف المرتزقة للقيام بالحروب بالوكالة عنها. إذ تمتلك منذ سنة 2014 قاعدة الخادم الجوية العسكرية بليبيا وتدير من خلالها عملياتها العسكرية الداعمة لقوات حفتر، كما تعمل على تجنيد ميليشيا سودانية عبر شركة بلاك شيلد الإماراتية والمستقرة بالسودان. دون أن ننسى إعطاء الضوء الأخضر من السعودية لحفتر (تمويل وتسليح) للانقلاب على الشرعية الليبية وتجميد المسار الدستوري وقصف طرابلس.
كما قامت الأردن بتسليح حفتر بدبابات ومقاتلات ومدرعات، وكانت أيضا مسرحا لاتصالات بين حفتر وإسرائيل الذي عبر عن رغبته في التطبيع مع الكيان.
إيطاليا وفرنسا لديهما أيضا شركات بترول بليبيا وتحاولان أيضا ضمان استمرار استثماراتهم البترولية بتشجيع الطرفين على الحوار ( بتنظيم لقاءات لطرفي النزاع بباريس وروما) مع تمويلات خفية لطرفي الصراع كبيع فرنسا أسلحة لحفتر وامتلاكها لغرف عمليات داعمة لحفتر انطلاقا من مدينة غريان.
الولايات المتحدة الأمريكية، بالرغم من ابتعادها في عهد أوباما عن الحرب في ليبيا من أجل التركيز على حرب داعش بالعراق وسوريا آنذاك، لا تخفي، هي أيضا، نيتها في تقسيم كعكة ليبيا وتحاول فرض أجندتها على الجميع بالتهديد تارة بتوطين قوات الأفريكوم على الحدود التونسية، وتارة أخرى بالعودة إلى طاولة المفاوضات وإعادة توسيع قاعدة الحكومة لتضم أطراف نزاع أخرى، ولا تخفي توجسها من أهداف روسيا في ليبيا.
آخر الأحداث، تشير إلى انتصار حكومة السراج في الشرق بدعم تركي كبير جدا على برلمان طبرق وجيش حفتر الذي خسر مطار الوطية ومدينة ترهونة مما يبدو أنه انهزام له ما بعده، إذ ستأتي خلفه تنازلات كثيرة من أجل تحقيق المصالحة وتوحيد البلاد من الانقسام والتشتت وإبرام اتفاقيات تسيل لعاب الأطراف المتدخلة في فض النزاع الليبي، وخصوصا اللاعبين الإقليميين الجديدين، تركيا وروسيا.
لم يذكر صاحب المقال انا توركيا تستعين بالمرتزقة السوريين لقتال الليبين.وأن الأسلحة التي تستعملها توركيا في ليبيا تنتجها مع شركات إسرائيلية.ولم يذكر ايذا ان توركيا عراب الشرق الأوسط الجديد وشمال افريقيا.كما صرح اردغان بنفسهه.
تركيا دولة قوية يقودها رئيس قوي وسياسي من الطراز الاول جاء الى الحكم بطريقة دمقراطية لا لبس فيه،يدافع عن مصالح بلده وشعبه بشرف ونزاهة بخلاف الحكام العرب الفاشيين الانقلابيين الذين يفرطون في مصالح شعوبهم ارضاء لاسرائيل والغرب الاستعماري وأقبح مثال على ذلك السيسي الذي فرط في
غاز المتوسط،جزيرتي تران وسنافير،ومياه النيل،الخ….. من اجل البقاء جاثما على صدور المصريين.أما زعم أن قطر وتركيا يقومان بتفريخ الجماعات الاسلامية في المنطقة فهذا كلام غير صحيح لأن الكل يعرف أن هذه الجماعات هي من رحم هذه الامة تفرح لفرحها وتبكي لبكائها، هذه الجماعات المعتدلة اجتهدت وانخرطت في مؤسسات وكونت احزابا سياسية فالتف الناس حولها لنزاهتها وصدقها وعندما فازت في الانتخابات ونالت ثقة المواطنين تم القضاء عليها بشتى أنواع المؤامرات الداخلية والخارجية للاسف.
اعتقد جازما إن محور الشر بقيادة مصر سينهزم بإذن الله على يد الابطال المخلصين بمساعدة محور الخير بقيادة تركيا.
(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)صدق الله العظيم.
الحمد لله اصحاب الأرض الأمازيغ راهوم قايمين بالواجب في ليبيا على ما اراه في الصفحات الحقيقية