بقلم: سعيد قدوري
يشكل قطاع السياحة بإقليم الناظور مجالا اقتصاديا واعدا يراه الخبراء بديلا حقيقيا لاقتصاد التهريب المعيشي الذي طبع المنطقة لعدة عقود، وقد بدأت الدولة المغربية تولي اهتماما كبيرا بهذا القطاع بالإقليم، من خلال مجموعة من التدابير والقرارات التي تروم تطوير السياحة وجعل مؤهلات الإقليم وسيلة لجلب الزوار من داخل أو خارج المملكة.
جهود الدولة بالإقليم لسوء الحظ قابلها انتشار جائحة كورونا، والتي ضربت أقوى البلدان في المجال السياحي، وحدت من تنقلات الأفراد، سواء داخل الدولة الواحدة أو بين الدول، ما أدى إلى ركود سياحي تام، كان للناظور نصيبه الأوفر منه.
ويتوقع خبراء أن تكون لكورونا آثار اقتصادية واجتماعية سلبية كبيرة على قطاع السياحة بإقليم الناظور، خاصة أنه قطاع يشغل أزيد من 5 آلاف شخص بين مناصب مباشرة وغير مباشرة، ويساهم في جلب عائدات مهمة من العملة الصعبة.
فجائحة كورونا ضربت منذ بداية العام وقد تستمر إلى ما بعد ذروة الموسم السياحي، لذلك نتساءل عن الاستراتيجية الموضوعة بإقليم الناظور لمواجهة آثار الجائحة؛ فكيف سيتم تدبير الأزمة؟ وتحديد الأوليات؟ والحفاظ على تحقيق الأهداف بعيدة المدى؟
وتبرز حاليا ضرورة العمل على تحسيس المهنيين بالإقليم بمخاطر الجائحة وسبل الوقاية منها، والتواصل مع الفاعلين الاقتصاديين حول آثارها المرتقبة، وترسيخ قيم التضامن، في أفق الحفاظ على بعض المكتسبات التي تحققت.
وفي خضم هذه الأزمة، لا بد للمندوبية الإقليمية للسياحة أن تشتغل على برنامج متكامل (الترويج، التكوين، النقل، الضرائب…) وطرحه على وزارة السياحة والسلطات المعنية والمكتب الوطني المغربي للسياحة على المستويين الوطني والجهوي من أجل توضيح الرؤية ودعم القطاع قبل حلول موسم الاصطياف.
وإذا كانت كورونا قد أوقفت حركة الطيران العالمي والأنشطة السياحية، فإن ذلك يقتضي تعديل مخطط عمل المندوبية الإقليمية للسياحة للتركيز على السياح الداخليين، خاصة أن نسبة مهمة من السياح المغاربة أعربوا عن تفضيلهم لوجهة البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يمكن أن يشكل بديلا لمهنيي القطاع، علما أن إجمالي نفقات السياح المغاربة بالخارج تناهز 20 مليار درهم سنويا.
في هذا السياق، لا بد من حملة علاقات عامة وتواصل لتقوية “علامة إقليم الناظور السياحية”، وإبراز الإجراءات المتخذة لاستقبال السياح الداخليين، والتعريف بمختلف شواطئ ومناطق الجذب السياحي، مع الحرص على حث المغاربة على الإقبال على استهلاك المنتوجات السياحية المغربية، وعلى رأسها منتوج الناظور.
من المهم في هذه الظرفية الحفاظ على الأهداف الكبرى للمخطط السياحي الإقليمي على المديين المتوسط والبعيد، من قبيل تعزيز سياحة الرحلات البحرية، وإحداث جيل جديد من أدوات الاشتغال السياحي، وإطلاق منظومة رقمية للسياحة بالإقليم تبرز التنوع الجغرافي والمؤهلات التي تزخر بها المنطقة.
وفي سياق متصل؛ فإن قطاع السياحة بالعالم تأثر بشكل كبير، حيث يقدر تراجع الوصولات بين 20 إلى 30 في المائة أي ما يعادل خسارة بين 300 و 400 مليار دولار خلال 2020، مع تسجيل تراجع مختلف المؤشرات المتعلقة بقطاع السياحة بالمغرب بسبب الجائحة، لاسيما حركة النقل الجوي والحجوزات عبر الوكالات الدولية والتطبيقات المعلوماتية، وأثر ذلك على المقاولات السياحية وقدرتها على التشغيل.