قبل البدء، أود شكرك عزيزي القارئ لأنك فتحت هذه النافذة لقراءة هكذا مقال ساخر، وهذا طبعا ينم عن سعة فكرك وثقافتك الواسعة ويملي علي إحساسي أن لك لغة قويمة، ولابد أنك مميز ومن الأشخاص الذين يهتمون بمقالاتي، لا يسعني إلا أن أقول أنك رائع وجميل ولديك عينان جميلتين، لدى يرجى أن تحافظ عليهما وذلك بتخفيض ضوء الحاسوب أو الهاتف –إن كنت تقرأ المقال ليلا- وابق في منزلك من أجل سلامتك…
اعذرني عزيزي القارئ إن كنت قد شعرت بنوع من المبالغة أو شيئا من التزلف و المداهنة والتي يسميها المغاربة “كولورادو” ، بيد أن ما باليد حيلة، فهذه عادت المتملقين، وفي الحقيقة لا أحد محصن ضد التملق أو بالأحرى كلنا متملقون لكن بأشكال ودرجات مختلفة، هنالك من يتملق لخطيبته وهنالك من يتذلل لمديره والكل قد يداهن عندما يفقد الأمل أو ليرضي من يحب، ولذلك قد يعد التملق كلمة السر والمفتاح الأساسي للوصول السريع، كل يسعى لهدف ما وجلنا يتملق من أجل غايته، سواء بالمدح والثناء وأحيانا قد تضطر لتكون خادما أو قد تصبح أذن رئيسك في العمل، لكن هذا التملق إن زاد عن حده قد يجعلنا نشك في كل تصرفاتنا ولا نميز بين التقدير والتزييف أو لا نميز بين الابتسامة الحقيقية من الزائفة، وعلى حد وصف “ريتشارد ستينغل” في مقال له على مجلة “Time ” نشر سنة 2000، اعتبر فيه أن “التملق قد أضحى بمثابة وباء خطير بالنظر إلى السخف والليونة الذي يحملها للمشاهير” ويبدو أن الجميع يعجزون عن إيجاد لقاه فعال لمثل هكذا وباء بل عللا النقيض تماما، صارت الحكومات تشجع من يتملق ويثني عليها ويحاول تلميع صورتها، وهو ما يسمى “التطبيل” والذي يعد ابنا شرعيا للتملق، حيث تجد خلف بعض الكيانات طوابير من المحللين والإعلاميين والأقلام المأجورة الذين يلطخون أوجههم بالتراب من أجل تلميع صور شخصيات غالبا ما تكون رموزا سياسية، بل وحتى الفاهمين بدواليب لاقتصاد والسياسة ليسوا بغرباء عن هذه المهنة، مهنة “قرار حكيم”، و أغلبه هؤلاء يوفرون قوت عيشهم من خلال تمجيد كل خطوة وهمسة لمموليهم –وهم رموز سياسية مرموقة- ولا يقف الأمر هنا بل يتعداه إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتجمهر الذباب الالكتروني حول غائط السياسات الارتجالية للحكام، وذلك من أجل إعادة الاعتبار لكيان معين أحيانا أو ضرب كل من يقف في وجه تلك الكيانات، وربما في أحيان كثيرة تكون مهمتهم الرئيسة هي تشتيت الرأي العام لتفويت أمور أكبر من تلك الموضوع التي تغيّب الرأي العام وتلهي الشعب في سفاسف الأمور، أو ربما تكون من أجل جسّ نبض الشارع و معرفة مدى تقبله للموضوع…
وهذه ببساطة سياسة الضحك على الذقون وتكميم الأفواه واستيلاب العقول، وكلها من أدوات الديكتاتورية…
المتملقون الأوائل
والتملق ليس حكرا على ذوي الدخل المحدود، لأن المشاهير أيضا يمكنهم أن يتملقوا الناس لتحقيق أهدافهم، ونذكر من ذلك كون دونالد ترامب قد بلغ منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تملق الشعب الأمريكي، وبالخصوص عندما لعب على وتر القومية، وأن الخيرات يجب أن تذهب للأمريكيين وأن على الأجانب العودة لبلدانهم…
ومنهم من تملق على شعبه بأنه قد من على نسائهم بقيادة السيارة، ومنهم من تملقوا للصهاينة وتصهينوا أكثر من الصهاينة أنفسهم، لكن التملق أقدم من الاحتلال الاسرائيلي بكثير، بحيث أنه عند الفرنسيين يأتي الجذر اللغوي لكلمة التملق من التمسيد و المداعبة –التملق غير اللفظي-، أما المصريون القدامى فقد تملقوا أنفسهم بأنفسهم بأنهم يمكن أن يتفوقوا على الموت، كما تملقوا سادتهم بأن أرسلوا معهم كنوزهم إلى القبر، وفرعون ذاته تملق عندما أدركه الغرق
يقول الله عز وجل: “وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ” ‘سورة يونس الآية 90’
بينما كان يعتبر الإغريق أن الديماغوجية وتملق الحاكم للشعب هو أكبر خطر على الديموقراطية التي صنعوها،
لذلك لا تفرط في التملق وتوكل على الله تزل كل الصعاب.
شكرا اخي على المقال اصعب انواع التملق هو التملق السياسي الذي اصبح يفسد العلاقات بزايو اسماء مستعارة وسب وشتم و تبخيس عمل الاخر لفاءدة سياسي اخر علما ان البعض ينتمون إلى احزاب في التحالف الحكومي وفاشلين في قطاعاتهم ومع ذلك لا ينتقدون ذلك للاسف زايو تلوث هواءه بفعل التملق السياسي
,السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
شكرا للكاتب الكريم على هذا الموضوع المعاش المنتشر بين الناس في دروب الحياة كلها وكل ذلك راجع إلى ضعف في الشخصية، أو ضعف في التكوين المعرفي والمهني،أو يرجع أساسا إلى نقص في التربية، وهذا ما يؤدي الى قلب الحقائق، بحيث يخون الأمين، ويصدق الكاذب، وتتعطل مصالح الأمة، وتضيع حقوق كثيرة… الرجوع إلى الله تعالى لا يسمى تملقا، يسمى توبة، إصلاحا، ندما، استغفارا، ما فعله فرعون لا يخرج عن هذا المفهوم الإسلامي،ولو كان ادعاء كما في حالة فرعون هنا، أيضا عليك أن تعتني بلغة الضاد حتى تجنب كتاباتك أخطاء لغوية لا بجب أن تقبل ممن سلك هذا السبيل…
مثلا :عينان جميلتين الصحيح:عينان جميلتان =توافق الوصف مع الموصوف، فهذه عادة المتملقين عادة بتاء مربوطة…
لا اتعالم عليك في تنبيهي وإنما إصلاح الخطإ خير من ترك الأمور وآلة سنكون من المتملقين.
شكرا لزايو سيتي على هذه البوابة النافعة.