زايو سيتي: نور الدين شوقي/ باحث في التاريخ والتراث الكبداني
قديما كانت جبال كبدانة تعد من بين المناطق التي عرفت توسعا غابويا مهما بجهة الريف الشرقي، إذ أنها كانت تحتوي على أنواع كثيرة و متنوعة من الأشجار والنباتات تتفاوت مساحتها من صنف لأخر كشجر العرعر، البلوط ،الخروب وغيره..، إلا أن هذا الإرث الغابوي قد تعرض إلى إجتثاث ممنهج، أستغلت غلته بشكل مفرط مما أثر سلبا حتى على الثروة الحيوانية التي كانت تزخر منها البلدة..
وكما هو معلوم لدى المؤرخين وعموم الناس، فإن لهذا الإستغلال قصة، كانت مرتبطة بالتواجد الإسباني بالمنطقة.
..فبعد توقيع معاهدة الحماية سنة1912م والمعاهدات التي وقعت من قبلها، شرعت إسبانيا في إستغلال الثروة الإقتصادية للمغرب خاصة في المناطق الخاضعة لنفوذها وسلطتها، إذ عمدت إلى خلق أجهزة إدارية وهياكل إقتصادية لتحقيق أهدافها، ومن بين مظاهر الإستغلال ألتي إتخذتها كإجراء أولي لحملتها الإستعمارية في الريف عامة وفي كبدانة خاصة هو تركيع السكان بلغة السلاح لفرض هيمنتها وسيطرتها وكانت أولى خططها فرض السياسة الجبائية، حيث فرضت على المواطنين ضريبة تؤدى على المواشي والمزروعات حسب المساحة والإنتاج والمردود وكانت تسمى أنذاك” بضريبة الترتيب”impuesto del tertib” التابعة للمالية الخليفية”hacienda jalifiana” والذي كان مقر إدارتها بمركز زايو” zaio”.
وبسبب جهل السكان ببعض القوانين التي كانت تصدرها سلطات الحماية، ساهم ذلك بشكل كبير في إغراق المزارعين بالقروض، بدعوى المشاركة في عملية الإنتاج الزراعي وتربية المواشي، وهذا ما جعلهم يرهنون أراضيهم أو يتخلون عنها قسرا في حالات عجزهم تسديد الديون. فهيمنت القوات الإسبانية بذلك على أجود الأراضي، وقامت بتوزيعها على المستوطنين الجدد وعلى الأعيان والقياد الذين إستقطبتهم لخدمة مصالحها المختلفة، فتدهورت الفلاحة المعيشية التقليدية مما ساهم في إفلاس الجميع وتضررت به الفئات الإجتماعية.
وعلى هذا الحال ولتفاقم الوضع وتوالي سنوات الجفاف على المنطقة لم يجد السكان بدا للرجوع إلى إستغلال الثروة الغابوية من جديد، والتي أضحت المصدر المعيشي الوحيد لدى غالبيتهم، فكثرت ما كان يعرف أنذاك بـ” إفورن” وهي عملية حرق جذوع الأشجار لإنتاج الفحم الخشبي الذي كان بدوره يباع للأجانب بمركز رأس الماء ليتم نقله في قوارب نحو جزر شفارينا بعده إلى إسبانيا، أما الأخرون فلجؤوا إلى بيع الحطب بأثمنة بخسة مرغمين على ذلك لظروفهم المعيشية الصعبة.
هذا ما جعل هكتارات من أصناف الأشجار تندثر ولم يعد لها وجود في جبال المنطقة إضافة إلى سماح السلطات الإسبانية للرعايا الأجانب من إنجاز أشغال عمومية على أراضي السكان الأصليين لتشجيع الفلاحة التسويقية وتصديرها نحو الأسواق الأروبية كما هو الحال لشركة ” فيرما ؤ ليمان” “ferma u liman” ناحية تيجوت، التي كان يديرها مستثمر من أصول ألمانية.
وإعتمد هذا الأخير على تقنيات وآلات عصرية في تجميع شجر الحلفة والدوم بعد شرائهما من المحليين وتصديرهما مباشرة إلى ألمانيا لبيعهما لشركتي صناعة كراسي السيارات والأسرة، مما جعله يحصل على إستغلاليات مهمة فاقت أحيانا إستغلاليات المستعمر الإسباني فيما يتعلق بإستهلاك المنتوج الغابوي وما زاد أيضا في إتلاف الثروة الغابوية بجبال كبدانة هو ظهور نظام ” أراضي إفوراس”، وهو الترخيص بكراء أراضي مخزنية في أعالي الجبال بموافقة المعمر ليتم جردها من الأشجار وتنقيتها من النباتات من أجل إستغلالها في زراعة الحبوب، دون أن ننسى كذلك رغبة الأهالي في هذه الموارد الطبيعية نظرا للإحتياجاتهم اليومية لغرض التدفئة والبناء والطهي وكذا إستهلاكها في الصناعات التقليدية اليدوية..؟!
Tahyati khoya nordin tbarkalah alik WA Ramadan mobaRak
شكرا استاذي العزيز شوقي على هذه المعلومة التاريخية