بقلم : سعيد قدوري
انتهت “رئاسيات” جماعة الناظور ومعها المكتب المسير للمدينة، لكن تداعيات هذه الانتخابات وما حصل خلال فترة المفاوضات سيجعل الحديث طويلا حول الخصوصية الفريدة للعبة الديمقراطية بالناظور.
ورغم تبقي سنة أو يزيد بقليل للانتخابات، سواء التشريعية أو الجماعية، إلا أن منصب الرئاسة استأثر باهتمام كبير من لدن الأحزاب، حيث أن أربعة مرشحين قدموا ترشيحهم ممثلين لأربعة مكونات سياسية. ما يطرح التساؤل حول جدوى ترأس مجلس لسنة؟
الأحزاب التي قدمت مرشحيها للرئاسة بدون استثناء تشكل قوة انتخابية معتادة بالناظور، وكلها ممثلة بأسماء من هذه الدائرة داخل قبة البرلمان، ما ينم عن وجود تنافس شرس، حيث يحاول كل طرف إثبات ذاته كبروفة للانتخابات المقبلة.
فسليمان أزواغ يتحسس مكانه داخل حزب التجمع الوطني للأحرار، محاولا الانقضاض على مكانة عدد من الشخصيات التجمعية القوية في الساحة السياسية الوطنية، ونذكر هنا مصطفى المنصوري وعبد القادر سلامة، مستغلا عامل السن الذي يلعب في صالحه، خاصة أن باقي الوجوه التي تزعمت لائحة الناظور لسنوات قد تكون هذه الفترة الانتدابية هي الأخيرة بالنسبة لها.
أزواغ بدا غاضبا اليوم، وما كان لهذا أن يحدث لولا نيته وعزمه على التموقع على رأس جماعة الناظور، ومن ثم تسجيل اسمه بين أقوياء “الأحرار” بالإقليم، فهو بذلك يربح مقعدا مهما وفي الآن ذاته يزيح من طريقه مجموعة من الأسماء التي تحاول نيل ثقة كبار حزبه وترأس لائحة أتباع أخنوش بالناظور.
ليلى أحكيم كانت بدورها ذكية، فرغم علمها بعدم قدرتها على الظفر بالمقعد الرئاسي إلا أنها بقيت مصرة حتى آخر لحظة على تقديم ترشحها، وهو ترشح تريد من خلاله تسويق صورتها على المستوى الحزبي على أنها الشخصية الناظورية الجديرة بتمثيل الحركة الشعبية، سواء خلال التشريعيات أو الجماعيات.
الفائز بالرئاسة، رفيق مجعيط، لم يكن اسمه بارزا فيما قبل، لكن الأصالة والمعاصرة والتي تحاول إثبات جدارتها بالناظور منحته الدعم الكافي، وقد لعب الرئيس المقال، سليمان حوليش، دورا محوريا في إفراز “البام” لمرشح قوي نافس على الرئاسة ونالها.
رفيق مجعيط عكس أحكيم وأزواغ لم يكن اسما يتردد على الألسن انتخابيا بالناظور، لكن اسم حزبه لم يكن ليترك الرئاسة تفلت من بين يديه، فصارع بشتى الوسائل، حتى يبقى “البام” قويا بالناظور، وحتى لا يفقد مكانته في ظل التراجع القوي لشعبية هذا الحزب.
العدالة والتنمية هو الآخر ناضل بكل قوته من أجل أن ينال مرشحه، عبد القادر مقدم، رئاسة الجماعة، لكن ومنذ البداية ظهر ضعف هذا الحزب الذي لم يستطع استقطاب أصوات مستشارين من أحزاب أخرى، ليفضل الارتماء في أحضان مرشحين آخرين ومحاولة الخروج بأقل الخسائر عن طريق نيل بعض النيابات، وهو ما لم يتحقق.
قد يكون فشل مقدم بداية على فشل “البيجيدي” في الحفاظ على اسمه بين أكبر الأحزاب بالناظور، وهو ما يظهر من ردة فعل فريق العدالة والتنمية، الذي قرر عدم الحضور لجلسة انتخاب الرئيس، في خطوة غير مفهومة لم تكن معتادة إلا من الأحزاب التي ألف الناظوريون لعبها على أكثر من وتر.
انتخابات الناظور كشفت لنا مجموعة من الحقائق المهمة، ولعل أبرزها أن سليمان حوليش لا زال صاحب الكلمة العليا داخل حزب الأصالة والمعاصرة، كما كشفت لنا حجم الخلافات داخل مجموعة من الأحزاب. ومما كشفته لنا هذه الرئاسيات أن المال لا زال هو المحرك الرئيسي لكل عملية انتخابية ناظورية.