د. يوسف توفيق
ايها المعلم ..تحية طيبة وبعد
اعرف انك لست على مايرام وانك تتخبط في مشاكل مادية لا حصر لها واعرف خصوصا انك مستاء جدا من نظرة المجتمع اليك وصورته عنك التي تطورت بشكل درامي بل مأساوي وامتلات بمجموعة الكليشيهات التي الصقت بك الصاقا حتى تنهار صورتك وتنهار معها منظومة القيم التي تتشرف بحملها والسهر عليها ..اعرف كل ذلك لكن
رجاء عندما تدخل الى حجرة الدرس ارفع راسك .. ارفع راسك لانك تشغل اشرف واقدس مهنة في التاريخ..
لا تهتم كثيرا لوضعك الطبقي ولا لما ينتظرك من استحقاقات اجتماعية ولا تفكر في الراتب الهزيل الذي راح اكثره قبل استئنافك العمل ولا في الغرفة البئيسة التي تقتسمها مع زملاء آخرين في حي في ضواحي المدينة او في قمة جبل او في مكان مهجور..لا تهتم لكل ذلك ..فكر فقط في التلاميذ الذين امامك .. لان اي تهاون او تقصير منك سوف يصيبهم في مقتل ويتسبب في اهدار مستقبلهم.
وتذكر انهم سيصبحون رجالا بعد عشر سنوات او اكثر ..سوف يتذكرونك ان قمت بمهمتك على اكمل وجه ..سوف يذكرونك بخير. ..كثيرا ما سيأتي ذكرك على لسانهم ..سوف يحدثون ابناءهم عنك وعندما تموت سيضعون ازهارا على قبرك ..يضعونها لانك زرعت الامل في طريقهم وأنرت لهم طريق المستقبل ..
ايها المعلم
كم من تلميذ سوف تغير حياته ..كم من واحد ستكون سببا في نجاحه في الدراسة والحياة بكلمة تشجيع ..بعبارة ..بسلوك ..بحركة صغيرة من يدك تربت بها على كتفه ..
عندما تدخل الى القسم ارفع رأسك ..ادخل بهمة الانبياء وعزم الرجال المصلحين وخيلاء الابطال الفاتحين ..سوف تفتح عقولا اغلقها الجهل و تطأ ارضا قاحلة جرداء ستغرسها وتتعهدها بالرعاية والعناية وتسقيها من عرقك وصبرك وتضحياتك حتى تصير روضة من رياض العلم والمعرفة ..
رجاء ايها المعلم ارفع رأسك وانت تجتاز عتبة قسمك .. وامسح من وجهك كل علامة تدل على الضعف والوهن والتخاذل ..يجب ان يرى التلاميذ في عينيك الامل والاصرار
انت وحدك القادر على جعل التغيير ممكنا والغد مشرقا..رجاء ارفع راسك ..ارفع راسك ..عندما ستفعل ذلك ..سيفعل الجميع ذلك
ايها المعلم
عندما ارادوا ان يخلقوا جيلا من الضباع استهدفوك انت..قزموا راتبك ..حرموك من التعويضات ..جعلوك في اسفل الهرم الاجتماعي ..نشروا نكتا وتفاهات عنك ..لكن رجاء قاوم ولا تستسلم ..وارفع راسك ..ارفع رأسك ..واجعلنا نرفع رؤوسنا معك.
يتبع
شكرا جزيلا استاذنا الفاضل على هذه الإلتفاتة الطيبة وعلى هذا الموضوع القمة في الروعة سلامي الحار الى والدك العزيز الذي تتلمذت على يديه سنة ١٩٧٩ مستوى الخامس نعم الرجل نعم الأستاذ ونعم المربي تحياتي الصادقة السي يوسف أخوكم جمال الداودي
بارك الله فيك وفي امثالك أيها الاستاذ الفاضل والشاعر الكبير
كلام في الصميم وفقكم الله أيها الأساتذة الكرام
إن من يكتب مثل هذا الكلام الذهبي لا يمكن الا ان يكون معلمنا ومثالنا وقدوتنا .
رفع الله قدرك وزاد علمك