بسم الله الرحمن الرحيم
في ذلك اليوم المشؤوم، شوهدت وأنت تقود سيارتك بجنون غير عابئ بمن حولك الى أن صدمت ولدي وأرديته قتيلا… ابني الوحيد… فلذة كبدي… أملي.
-أنا…أنا لم أقتله.
-لكنك تسببت في موته ، فلو أنك أسعفته بسيارتك على الأقل لنجا من النزيف الذي تعرض له ، لكنك لُذت بالفرار وتركته حتى فارق الحياة في المستشفى بعدها، ولكي تتستر على الحادث وتُجنب نفسك المتابعة القضائية ، توجهت الى مخفر الشرطة وهناك قدمت رشوة وجعلتهم يغلقون الملف وكأن شيئا لم يكن. أليس هذا صحيحا؟.
وعبثا حاولتُ متابعتك واثارة ملف الحادث مجددا لكني لم أفلح ، فأي انسان أنت وأي قلب تحمل في صدرك بل من أين لك بحنان الأبوة وأنت أصلا رجل عاقر ، فكيف تُسعف طفلا جريحا… كيف ؟
توقف الطبيب لحظة أمام نافذة مكتبه تأثرا، بينما الرجل المتسلط منحني الرأس يستمع في صمت و ذهول وتأثر وربما لأول مرة في حياته. فقام من مكانه متوجها نحو الطبيب يقبل يديه:
-سامحني…أرجوك أن تسامحني، فكوني رجل ميت على كل حال، سأمنحك بقية ممتلكاتي كتعويض مني على كل ألم سببته لك جراء وفاة ابنك اذا كان هذا يُرضيك ، لكن صدقني أنا لم أتعمد صدمه، وموته كان قضاء وقدرا …
دفعه الطبيب جانبا ليعود للجلوس أمام مكتبه ماسكا رأسه بيديه صامتا ،وما هي الا لحظات حتى أشار اليه بالخروج دون أن يتكلم أو يتخذ قرارا، فما كان على الرجل المتسلط الا أن ولى ظهره عائدا متأزم النفس محطما انطفأت لديه كل رغبة في الحياة.
في منزله، حكا كل ما دار بينه وبين الطبيب لزوجته ، فقررت الأخيرة أن تتدخل لإنقاذ زوجها بحيث أدخلته المستشفى هذه المرة وهناك أجريت له الاسعافات اللازمة فشُخص مرضه وحدد الطبيب المعالج الدواء .
في رُدهة المستشفى، ارادت الزوجة التأكد من مرض زوجها فقررت أن تسأل الطبيب عن طبيعة مرضه فجاء الرد صادما مفاجئا:
-لا يا سيدتي ، فزوجك لا يعاني أبدا من التهاب الكبد بل هناك تكتل للدهون على كبده بسبب السمنة، وهذا هو مصدر الألم، لكن اطمئني ستتحسن حاله بإذن الله، لكن عليه القيام بحمية غذائية أيضا الى جانب الدواء الذي وصفته له.
لم تُعقب الزوجة على كلام الطبيب الذي ولى عائدا الى عمله، بل بقيت صامتة من شدة الدهشة والذهول وقد ارتسمت ابتسامة عابرة على وجهها.
في اليوم التالي، فكرت في زيارة الطبيب الذي أشرف على علاج زوجها أول مرة في عيادته:
أيها الطبيب ، أُعذرني لأنني سآخذ شيئا من وقتك لكن اعلم أنه ليس من باب اللوم والعتاب أردت زيارتك لتقصيرك في علاج زوجي كما يجب ، بل أتيت لأشكرك وتصرفك الحكيم ازاءه وأقدم مواساتي وتضامني معك جراء فقد ابنك الوحيد، بسبب تصرف زوجي الارعن.
قاطعها الطبيب قائلا :
اختصري يا سيدتي فهناك حالات لا تحتمل الانتظار.
لم أكن أتوقع أن يكون هناك طبيب بمثل صبرك بمثل حكمتك و ذكائك وأنت تلقن درسا قاسيا لشخص مثل زوجي ، فلا أحد يمكنه لن ينكر تسلطه وتكبره وحبه للمال على حساب المستضعفين ، لكنك عرفت كيف تأدبه وتجعل منه شخصا مختلفا أكثر ايمانا وورعا.
قال الطبيب مقاطعا:
اختلاق قصة ذلك المرض مجرد خدعة أردت أن أقوض بها تسلط زوجك وأكسر شوكة تجبره وتكبره وتصرفاته ويحس بمن حوله مع أنه يستحق أكثر من ذلك، السجن.
أفهم شعورك جيدا أيها الطبيب ، لكن لدي طلب من زوجي فلقد أوصاني أن أحمل اليك هذه الامانة كتعويض مادي متواضع على فقدان ابنك ، فهو طريح الفراش لا يقوى على زيارتك، ولديه أمل كبير في أن تعفو عنه وتسامحه.
اسمعي يا سيدتي، ان مال الدنيا كلها لا يمكن أن يعوضنا خسارة شخص عزيز فقدناه في حياتنا، وحده الله تعالى القادر على تعويضنا بالصبر والايمان واحتساب الامر قضاء وقدرا، أعيدي اليه نقوده وقولي له أن ليس كل شيء يمكن شراؤه بالمال. الان وقد اصبح رجلا مؤمنا كما قلت فالدعاء يكفيني.
مرت شهور عدة ، رُزق الطبيب بمولود آخر ذكر اختصر تواجده في حياته السعادة والرضا ، وكان الرجل الذي لقب بالمتسلط أول المهنئين وهو بمعية زوجته لحضور حفل العقيقة.
النهــــايــــة
حسناء القادري تكتب.. الرجـــل المتســـلـــط —الجزء الأول—
حسناء القادري تكتب ..الرجـــل المتسلـــط – الجزء الثــــاني –
حسناء القادري تكتب.. الرجـــل المتســـلـــط -الجزء الثالث
موضوع جيد و نشكر كاتبة الموضوع.
أسلوبك في القصص التي قرأتها الى حد الآن، دائما يكون سهلا واضحا وليس فيه تلك المتاهات والاحداث المتشابكة التي تجعلك تضيع وسطها، دون ان تصل الى هدف واضح.
وقصتك الاخيرة”الرجل المتسلط” شخصياتها كلها لديها دورها المحدد تقوم به لتشكل أحداث القصة، وفي الأخير تتلاحم مع بعضها البعض لتجعل نهاية معقولة ومنطقية للقصة.
وفقك الله، والى قصص أخرى ان شاء الله.
Bonjour
ce me fait un très grand plaisir de lire et de relire vos écrits claire et nette
Salutations
هذا الفصل من قصتك الرائع و واضح بفضل اسلوبك الغير متشابك
وانا متشوقة لارى الكثير من قصصك ان شاء الله
اسال الله ان يوفقكي
c est une fin tres touchante merci beaucaup et je te souhaite des bonnes continuations mes salutations ma cherie
bonne chance .tous mes respects
bonjour .c est la plus belle histoire que j ai lue dans toute ma vie elle est touchante vraiment tu as une bonne narration