بقلم : سعيد قدوري
أعلنت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني يوم أمس السبت نتائج امتحانات نيل شهادة الباكالوريا ببلادنا، والتي بلغت نسبة النجاح فيها 80 بالمائة، فيما تتبقى دورة استدراكية للذين لم يسعفهم الحظ في النجاح.
بثانويتي زايو، وفي ظل عدم تأكيد نسبة الناجحين يبدو أن الرقم تجاوز بقليل نسبة 80 بالمائة، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بما كان يحصل خلال السنوات الماضية، والتي كانت خلالها الباكالوريا جسرا يصعب عبوره لباقي المستويات التعليمية.
ردود الفعل وسط تلاميذ زايو وأسرهم تباينت حسب هاجس ورغبات كل تلميذ وما يتطلع إليه مستقبلا، سواء على المستوى التعليمي أو على المستوى المهني، باعتبار سنوات ما بعد الباكالوريا محددة بنسبة كبيرة لمستقبل الأبناء مهنيا ووظيفيا.
محمد تلميذ بثانوية حسان بن ثابت التأهيلية، حصل على معدل تجاوز 13 على عشرين، وهو معدل جيد جدا بالنسبة لتلميذ يدرس بشعبة العلوم الرياضية، لكن حالة من الغضب والاستياء سيطرت على هذا التلميذ، خاصة أنه كان يتطلع لتحقيق أكثر من ذلك.
غضب محمد نابع من كونه كان يطمح لولوج إحدى المدارس العليا والتي تتطلب معدلات أكثر من 14 على عشرين، رغم أن الكثير من المؤسسات العليا تفتح أبوابها في وجهه، لكن هذا التلميذ يرى أن جانبا من طموحه لم يتحقق، فيما أعلن بكل عزيمة مواصلة الاجتهاد والجد في باقي سنوات التحصيل.
ومن خلال متابعتنا وترقبنا لنتائج الباكالوريا بزايو، بدا أن الكثير من الأسر كانت تعيش رفقة فلذات أكبادها على وقع الانتظار والرغبة في تحقيق معدلات مرتفعة، فيما لم يشكل النجاح ونيل الشهادة هاجسا كونه مضمونا بنسبة مائة بالمائة، وهذا ما تؤكده النتائج المحصلة، علما أنه يتبقى الاستدراك.
فإذا كان التلاميذ والآباء في السابق يبذلون قصارى جهودهم من أجل الظفر بالباكالوريا، بل كانت تقام الولائم للحاصلين عليها، فإن اليوم صار بإمكان الكل الحصول ختم الشهادة، حتى أولئك الذين يسجلون أنفسهم أحرارا بنية نيل اللقب لا أكثر، ولنا في كثرة البرلمانيين المسجلين هذه السنة خير مثال.
الواقع أن الباكالوريا لم تعد هاجسا للتلاميذ وأسرهم، لكن تبقى الكيفية التي تم من خلالها الحصول على هذه الشهادة هاجسا كبيرا، وخاصة على مستوى النقاط المحصلة.
سألنا إحدى التلميذات والتي تدرس بثانوية حسان بن ثابت، وقد حققت معدلا جاوز 16 على عشرين في شعبة العلوم الفيزيائية، عما بذلته من مجهودات لتحقيق أكبر معدل ممكن، فأقرت أن مستقبلها الدراسي والعملي رهين بما تحققه من معدلات مرتفعة، لا بنيل شهادة الباكالوريا فقط.
التجارب السابقة بزايو أكدت أن النجاح يرافق كل من جد من التلاميذ الحاصلين على الباكالوريا، سواء على المستوى الدراسي أو العملي، كما أن الكثير من هؤلاء التلاميذ صاروا أطرا بمؤسسات كبرى ببلادنا، وهذا نجاح يحسب للتلميذ وأسرته ومؤسسته.
بمقابل النجاح؛ لا يمكن أن ننكر أن هناك فشلا ذريعا على مستوى محاربة الغش بزايو، حيث أن الكثير من التلاميذ لا يمكنهم من الأصل أن يصلوا لمستوى الباكالوريا لو لم يكن الغش وسيلتهم، فما بالك بقدرتهم على الدراسة ما بعد الباكالوريا.
الواقع أن لنا تجارب سيئة لتلاميذ نالوا الباكالوريا بزايو وطافوا على مختلف الشعب بالجامعة ليعودوا إلى مدينتهم دون الحصول على أي شهادة، ومنهم من واصل الغش حتى نال شهادة جامعية لا هي تعطي لصاحبها قيمة ولا هي تساعده على البحث عن وظيفة.
الحقيقة أننا إن كنا نبحث عن مستقبل أبنائنا الدراسي والمهني عبر الباكالوريا أن نشجعهم على الجد والاجتهاد، وأن نربيهم منذ الصغر على أن الغش طريقه قصير لا طائل من ورائه.
تهنئة خاصة لكل التلاميذ المتفوقين الذين نالوا الباكالوريا بثانوية حسان بن ثابت وثانوية زايو، كما نهنئ كل من نال هذه الشهادة بالمدينة، ومتمنياتنا لهم بمواصلة سنين التحصيل بكامل الرغبة في الجد والاجتهاد، على أمل مستقبل مهني واعد.