زايو سيتي.نت : بلجيكا / تقرير: يحيى عواج / تصوير: عبد الرحمن بعيري
في إطار الأنشطة الرمضانية المتنوعة التي دأب مسجد المسلمين بمدينة أنتويرب البلجيكية على إحيائها طيلة أيام و ليالي الشهر الفضيل، حيث كانت تنصب موائد الرحمن عند كل مغرب أيام رمضان، لتقديم ما لذ و طاب من أطباق إفطارالصائمين، هذه الموائد تعتبر أحد أبرز مظاهر التكافل الإجتماعي التي يتميز بها شهر الصيام، و إلى جانب إطعام الطعام الذي هو غذاء الجسد، كان لغذاء الروح النصيب الأوفر في برنامج أنشطة هذا المسجد، جسده سلسلة الدروس و المواعظ الدينية، التي تناوب على إلقائها نخبة من العلماء و الفقهاء و المرشدين، أناروا بعلمهم جنبات هذا الصرح العظيم.
و يوم الإثنين 29 رمضان 1440 الموافق 3 يونيو 2019، و مباشرة بعد صلاة العصر، كان الختام مسكا على مسك لهذه المجالس الربانية، و الكواكب النورانية،
و اللآلئ الإيمانية، عطر جنباتها في هذا اليوم المبارك، ابن مدينة زايو، الداعية الإسلامي عبد الكريم الداودية، تناول بالدرس و التحليل موضوع رحلة الإنسان من الدار الفانية إلى الدار الباقية.
يقول داعيتنا في توطئة موعظته: إن الإنسان في هذه الأرض محكوم عليه بالرحيل، كل إنسان مهما طال مقامه في دار الدنيا، لابد من يوم يرحل فيه
إلى الدار الآخرة، فالدنيا ليست دار خلود، بل هي قنطرة عبور للآخرة، يقول تعالى: ((و للآخرة خير و أبقى))، فأنت أيها الإنسان من الله و سترجع إلى الله، يقول الحق سبحانه: ((و أن إلى ربك الرجعى))، و قد طرح السيد المحاضر أسئلة محورية ثلاثة، من أجل تسهيل عملية الفهم و الإستيعاب على المتلقي،
و هي:
1) ما هو الموت ؟
يعرف الشيخ الموت و يقول بأنه مفارقة الروح للجسد، أو خروج الروح من الجسد، يتكفل بهذه المهمة ملك الموت مع أعوانه بأمر الله سبحانه و تعالى، مصداقا لقوله تعالى: ((قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم
ترجعون))، فالمؤمن يوقن بأن الحياة الدنيا مهما طال أمدها فهي قصيرة، لأنها حياة يعقبها موت و فناء، و المؤمن يعتقد جازما أنه خلق من أجل الآخرة، و هي الحياة الدائمة السرمدية، يقول الله تعالى: ((و إن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون))، و لكن بين عالم الدنيا و عالم الآخرة، يوجد بينهما عالم البرزخ، أو نعيم القبر و عذابه، فيه يتنعم المؤمن الذي عاش في الدنيا على وحدانية الله، و التقرب إليه بفعل الطاعات و ترك المعاصي و المنكرات، و في القبر أيضا يعذب الكافر الذي عاش على معصية الله، و إنكار عالم البرزخ و البعث.
2) كيف تخرج الروح من الجسد؟
يقول الرسول صلى الله عليه و سلم: (إن للموت لسكرات) إن الروح تخرج من الجسد بقوة، و تختلف درجة قوة سكرات الموت من شخص لآخر، فعلى قدر قرب المسلم من الله تكون سكرة الموت هينة عليه، فمن عاش في الدنيا و قلبه معلق بالمساجد، محافظا على الصلوات الخمس، صائما صيام الأبرار، مكثرا للطاعات، مبتعدا عن كل ما يغضب الله، فهؤلاء يخفف الله عنهم سكرات الموت، يقول المولى سبحانه و تعالى: (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون))، و يقول أيضا: ((ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لاهم يحزنون الذين آمنوا و كانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا و في الآخرة)).
3) عندما تخرج الروح من الجسد إلى أين تذهب؟
يقول داعيتنا: إن أرواح المؤمنين عندما تفارق الأجساد، تصعد بها الملائكة إلى أعلى عليين، تتنعم في جنات و نعيم، أما أرواح الكافرين فتنزل بها الملائكة إلى أسفل سافلين، و هي في عذاب مقيم، يقول الحق سبحانه: ((فأما إن كان من المقربين فروح و ريحان و جنة نعيم))، و يقول أيضا: (( و أما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم و تصلية جحيم)).
و قبل أن يختم الشيخ درسه، تساءل عن تعريف النجاح، و أعقب سؤاله جوابا شافيا و مقنعا قائلا: إن السواد الأعظم يعرف النجاح بأنه امتلاك للثروة بما في ذلك المال و العقار، إلى غير ذلك من الماديات ، و بعضهم يرى النجاح في الحصول على الشواهد العليا، أو ديبلومات التخرج، و بعضهم يرى النجاح في الزوجة الصالحة أو الذرية، نعم، يقول داعيتنا، هذا نجاح مادي محض،و لكن النجاح الحقيقي نحن المسلمين هو الذي حدثنا عنه الله سبحانه و تعالى في القرآن، و ليس الذي حدثنا عنه زيد أو عمرو، يقول الله تعالى: ((و من يطع الله
و رسوله و يخش الله و يتقه فأولائك هم الفائزون)) فهذا هو النجاح الحقيقي المطلوب من كل مسلم و مسلمة، فهل نحن لهذا الفوز و لهذا النجاح عاملون؟ يتساءل شيخنا الكريم.
قال صلى الله عليه وسلم «إذا مررتم برياض الجنةفارتعوا،قالوا :وما برياض الجنة؟قال:حلق الذكر» درس مهم عن تعريف الموت وحياة البرزخ الذي يجهله الكثيرون، جزا الله الشيخ عنا كل خير على شرحه الواضح وطريقته الجيدة في القاء المحاضرة •واقول للسيد عواج يحيا كفيت ووفيت كعادتك في هذا المقال الذي لخصت فيه كل النقاط التي ذكرت واديت حقها•
موضوع قيم، جزاكم الله خيرا. وبارك في مجهوداتكم