يحي انهاري / زايو
من الذاكرة
أتذكر وأنا صغير سنوات الستينات من القرن الماضي في زايو التي كانت حينئذ بلدة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها بعض المئات زائرا كان يزورنا مرة أو مرتين كل سنة.
وكان هذا الزائر يملأ علينا حياتنا بالسعادة والفرح ويغمر قلوبنا بمتعة وابتهاج لا يوصف.وكنا ونحن صغار نترقب حلول هذا الضيف بشوق وشغف لا حدود لهما.
والغريب في الأمر أن خبر قدوم هذا الزائر الى البلدة كان ينتشر بسرعة البرق لدرجة أن الجميع كان يعرف إطلالته وخاصة نحن الأطفال الذين كنا نتسابق بعفوية لاخبار اصدقائنا ومعارفنا بقدومه.كما كنا نمضي بحلول هذا الزائر يوما هو واحد من أجمل أيامنا إن لم يكن أجملها على الاطلاق.إن الاحساس بحلول هذا الزائر يستحيل وصفه لما كان يغمرنا به قدومه من سعادة جارفة.
حتى لا أطيل لم يكن هذا الزائر سوى سينما عمومية متنقلة بواسطة عربة متوسطة الحجم (forgonette)كنا نطلق عليها اسم (السينما انتاع باطل)
في ذلك الوقت كانت الدولة تقوم بجولات تحسيسية عن أهمية النظافة مثلا او كيفية انتشار بعض الامراض…ثم في الاخير تبث فيلما من أجل المتعة والتسلية.وهذا ما كان يهمنا نحن الاطفال.
أتذكر عددا من الافلام التي شاهدتها في هذه السينما المتنقلة مثل الوردة السحرية،ساحر جهنم،طرزان،شارلو…
هذه الافلام كنا نحن الاطفال اول مرة نشاهدها ونتمتع برؤيتها مع العلم أننا كنا لا نميز في ذلك الوقت بين التمثيل والحقيقة.
وكان يخال لنا أن كل ما نشاهده هو حقيقة.فكانت هذه الافلام تفتح لنا عوالم لم نكن نعرفها. ناهيك عن الالوان ووسامة الممثلين ولباسهم….
والشيء الآخر الذي اتذكره جيدا هو المكان الذي كانت هذه السينما تبث فيه أشرطتها. فلم يكن سوى فضاء رحب وهو بالضبط المكان الذي توجد فيه المساحة الخضراء في وسط زايو قبالة المركب التجاري.
كانت كل العائلات تحضر هذا الحفل رجالا ونساء واطفالا في بوتقة رائعة لا تسمع فيها لا كلمات نابية ولا تدافع على الاماكن بل الكل راض ومنشرح ومتفهم.
فكما لكل بداية نهاية كانت هذه السينما تختم علينا اطلالتها بكتابة كلمة النهاية في آخر صورة تعرضها.
هذه الكلمة أتذكر رؤيتها جيدا كما اتذكر الحزن الذي كان ينتابنا نحن الاطفال بمشاهدتها لانها كانت تعني بالنسبة إلينا إنتهاء رحلة السعادة التي جاءت بها السينما انتاع باطل حيث لم تعد سوى ذكرى من ذكريات الزمن الجميل..
معلومة لم اكن اعرفها شكرا لك استاذ يحيى
شكرا جزيلا اخي يحيى على هذه النوستالجيا الرائعة التي جعلتنا نسافر عبرها الى الماضي الجميل،فانا تذكر جيدا اول مرة اشاهد فيها السينيما نتاع باطل وكانت بالقرب من البريد تحديدا بالقرب من المكان الذي كانت تقف فيها الحافلة الرمادية ذات المحرك البارز للناظور،وكانت السينما برعاية شركات لزيت لوسيور او كريسطال ومرة ثانية برعاية وزارة النقل،فلم اعذ اذكر تحديدا فكل ماكان يهمنا هو الفيلم