زايو سيتي : اياو حكيم
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلين، نبيِّنا محمد صلى الله عليه وآلهِ وصحبهِ أجمعين، وبعد.
أيها الاخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أينما كنتم.
أولا أتقدم بالشكر والتقدير والامتنان إلى رجال الأمن الساهرين على أعراض وحياة المواطنين، أشكرهم لما يقدمون به من عناية ورعاية ومواساة، وما قاموا به من جهود في سبيل أن يتوصلوا إلى الجناة.
كما أتقدم بالشكر إلى جميع أبناء الوطن من رجال الأمن المرابطين في كل مكان، يعملون تحت أية ظروف مناخية (البرد والمطر و الحرارة و…) و ليس لهم من غطاء يحميهم إلا مواطنتهم، وحبهم للوطن.
فشكرا لهم كثيرا ودائما، ولولا الله ثم وجودهم إلى جانبنا نحن المواطنين، لأكل القوي منا الضعيف.
شكر بلا حدود ولا نهاية له، شكر متواصل ودائم على جهودهم التي يبذلونها وخدماتهم الجليلة التي يقدمونها لأبناء الوطن.
شكراً لكم أيها الأوفياء وأنتم تؤدون مهامكم ومسؤولياتكم الوطنية بإيمان لا يتزعزع أو ينكسر، بإدراك حقيقي لمعنى المسؤولية الوطنية، ولواجباتكم التي تقدمونها دون أن تنتظروا جزاءً أو شكوراً من أحد.
شكراً لكم لتضحياتكم التي تقدمونها وبطولاتكم التي تسجلونها على دفتر الأيام مجداً لا ينسى، و لتعاملكم اللائق مع أبناء الوطن.
كما أتقدم بالشكر إلى الاخوة بموقع زايو سيتي .نت شكر بلا حدود ولا نهاية له، شكر متواصل ودائم على جهودهم التي يبذلونها وخدماتهم الجليلة التي يقدمونها لنا” لا يشكر الله من لا يشكر الناس”.
أخي أختي في الله:
إن جريمةَ التحرشِ الجنسي بالأطفالِ من القضايا الّتي تؤرق العالم أجمع، وتعد من أخطرِ القضايا الاجتماعيةِ الّتِي
يتم التكتُّم عليها خشيةَ الفضيحةِ العائليةِ أوالعارِ الاجتماعيِّ، دون بذلِ الجهود لاستئصالِها من مجتمعاتنا مما يجعلُها ماضيةً في الاستفحالِ، غيرَ مستجيبة لما يقدَّم حيالَها من حلول، مما دفع بعض الدولِ لسن قوانين رادعة للمتحرشين بالأطفالِ.
لقد اختص اللهُ سبحانه وتعالى هذا العصر بأدوات وثقافات وإمكانات لم يعهدها آباؤنا ولا أمهاتُنا، فقد كانت حياتُهم بسيطةً غيرَ معقَّدة، كان همهم طاعةَ اللهِ جل وعلا وكسب رضاه والسعي في طلبِ رحمتهِ وجنتهِ.
أما نحن فقد ظهرت عندنا وسائل التكنولوجيا والمخترعات التي ساهمت بشكل كبيرٍ في نفعِ الناسِ، لكنّها شغلتهم عن الغاية الكبرى التي خلقوا من أجلها، ألا وهي عبادةُ الله جل وعلا وتوحيدهِ وتعظيمِه.
ومنْ أهم تلك المخترعاتِ التي سخّرها اللهُ لنا: شبكةَ الإنترنتِ العنكبوتية، والّتي يسرها اللهُ لنا من أجلِ توظيفِها فيما يلبي حاجاتنا ومتطلباتنا، ويساعدُنا على الانتفاعِ بها في حياتنا.
وقد نفع اللهُ تعالى بهذا الانترنتِ البشريةَ نفعاً عظيماً، بزيادةِ سرعة التواصلِ بين الناسِ، وسهولةِ التّجارة، وتحصيلِ المعلوماتِ المفيدةِ، ومعرفةِ الكثيرِ من أمورِ الدولِ الأخرى في سائرِ أنحاءِ العالم.
وعلى الرغمِ من تلكَ الفوائدِ العظيمةِ إلا أن صنفاً من البشرِ قد استغلوهُ استغلالاً سيئاً، عن طريقِ تصميمِ برامجَ وقنواتٍ ساعدتْ في نشرِ ما يروّجونَ له من الإباحيّة، والجنسِ، والاختلاطِ، والشذوذِ، والفواحشِ والمنكراتِ، وصرفِ الناسِ عن دينهِم، وإشغالهِم بالدنيا عن الآخرةِ، حتى أصابَ ذلك بعض أبناءِ المسلمين، ولا حول ولا قوةَ إلا باللهِ.
ولقدْ أدَّتْ تلك البرامجُ والقنواتُ إلى تأثُّرِ كثيرٍ منْ أطفالِ المسلمينَ تأثّراً عظيماً بما يُعرض عليهمْ من ألعابٍ وصورٍ ومقاطعَ وأفلامٍ تحتوي على أمورٍ جنسيةٍ لمْ يعهدوها في حياتِهم من قبلْ، والتي يتمُّ استدراجُهم بها من خلالِ مواقعَ مخصوصةٍ لإفسادِ أخلاقهِم وصرفهِم عن دينِهم، مما ساعدَ على ظهورِ جريمةِ التحرشِ الجنسي بهم وتعريضِهم للوقوعِ في المحرماتِ والفواحشِ، والتعلِّق بأشياءَ خبيثةٍ غابتْ ثقافتُها عن حياتِهم.
لقد استغل الأعداء تلك الوسائل في غزو أبناءِنا وبناتِنا، وإيصالِ هذا الكم الهائلِ من تلك المؤثّراتِ الّتي أشغلتْهُم، وأوْقعت بعضهم في حبائلِ الشهوات، والسير وراءها، لنيلِ رغباتهم ونزواتهم بطرق محرمة وغير شرعيّة.
فالأمر جد خطير، ويحتاج ليقظة الجميعِ، والانتباه لما يحاك بأولادنا، وأنْ تتضافر الجهود من أجلِ التصدّي لهذه الأمور
التي تعرض على أطفالنا بمختلف الوسائلِ والطرق.
إنَّ جريمةَ التحرش الجنسي بالأطفالِ، آفةٌ خطيرةٌ وداءٌ عضالٌ في مجتمعات المسلمينَ، ومنْ أسبابِ وقوعِهَا.
1. ابتعاد كثيرٍ منَ المسلمين عن دينِهم، وضعف علاقتهمْ بربّهم، حيث فرطوا في طاعة اللهِ، وقصّروا في الاستجابةِ
لأمرهِ، ووقعوا في معصيتهِ، وغفلوا عن ذكرهِ وشكرهِ وتلاوةِ كتابهِ، وانشغلوا بالدنيا عن الآخرةِ، فتمكنَّ منهم الشيطان،
فأرسلَ عليهم خيلَه ورجلَه وأصبح قرينَهم وصاحبهم فصدهم عن الطريقِ القويمِ، قال تعالى في سورة الزخرف:
( وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ).
2. تقصيرُ بعضِ الآباءِ والأمهات في تربية أبنائِهم؛ وعدم القيام بالمسؤولية المنوطة بهم؛ فلم يعرفوا من يجالسون، ومع من يخرجون، ولم يراقبوا تلك الأجهزةَ التي بين أيديهم، ولم يأخذوا بأي سبب يساعدهم على حفظِهم من تلك الفتنِ والشرور، بل تركوها بين أيديهم دونَ حسيب أو رقيب فدمَّروا أخلاقَهم، وحطَّموا الفضيلةَ في حياتِهم.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كلكم رَاعٍ، وكلكم مسؤول عن رَعِيَّتِهِ: والأمير رَاعٍ، والرجل رَاعٍ على أهل بيته، والمرأة رَاعِيَةٌ على بيت زوجها وولده، فكلكم راَعٍ، وكلكم مسؤول عن رَعِيَّتِهِ).
وفي لفظ: (كلكم رَاعٍ، وكلكم مسؤول عن رَعِيَّتِهِ: الإمام رَاعٍ ومسؤول عن رَعِيَّتِهِ، والرجل رَاعٍ في أهله ومسؤول عن رَعِيَّتِهِ، والمرأة رَاعِيَةٌ في بيت زوجها ومسؤولة عن رَعِيَّتِهَا، والخادم رَاعٍ في مال سيده ومسؤول عن رَعِيَّتِهِ، فكلكم رَاعٍ ومسؤول عن رَعِيَّتِهِ) متفق عليه.
المعنى: كلكم حافظ وأمين على رعيته ومحاسب عليها، فالحاكم مسؤول عن رعيته يوم القيامة، وكذلك الرجل مسؤول على أهله يأمرهم بطاعة الله وينهاهم عن معصية الله ويقوم عليهم بما لهم من الحق، ومسؤول على ذلك يوم القيامة، والمرأة راعية على بيت زوجها بما يحفظه وكذلك على الأولاد، وهي مسؤولة عن ذلك يوم القيامة، والعبد حافظ وأمين على مال سيده ومسؤول يوم القيامة عن ذلك، فالجميع مؤتمن وحافظ لما هو قائم عليه ومسؤول يوم القيامة عن ذلك.
3. تركُ القيامِ بواجبِ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ؛ وعدمُ الوقوفِ أمامَ من يصنعُ تلكَ البرامجِ السيّئَةَ أو منْ يقومُ بتوزيعِهَا بين أبنائِنا، وعدمُ التّصدِّي لأصحابِ القلوبِ المريضةِ من المتحرشينَ، وتركُهم يقومونَ بارتكابِ تلكَ الجرائِمِ الخبيثةِ، دونَ الإبلاغِ عنهم للجهاتِ المسؤولة.
4. الرّفقةُ السيئةُ؛ والتي هي من أقوى أسبابِ وصولِ كثيرٍ من أطفالِنا إلى هذه الفواحشِ والمنكراتِ والوقوعِ فيها،
قال نبيُّنا صلّى اللهُ عليهِ وسلّم:( إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء: كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك، إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد مه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا منتنة) متفق عليه
5. الإعلام بجميعِ وسائله الخبيثة، وفساد النظم الرقابية القائمة عليه، مما ساهم في تمرير صور ومناظر وأفكار مشوهة، تعمل على إثارة الغرائز الجنسية غير الطبيعية عند المتابعين، وتشويه الدين والأخلاقِ في مجتمعاتنا المحافظة.
(قال تعالى في سورة النور: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ
إنَّ جريمةَ التحرشِ الجنسي بالأطفالِ من القضايا الّتي تؤرق العالم أجمع، وتعد من أخطر القضايا الاجتماعية الّتِي يتم التكتُّم عليها خشيةَ الفضيحة العائلية أو العار الاجتماعي، دون بذلِ الجهود لاستئصالها من مجتمعاتِنا مما يجعلُها ماضيةً
في الاستفحالِ، غير مستجيبة لما يقدَّم حيالَها من حلول، مما دفع بعض الدولِ لسنِّ قوانينَ رادعةٍ للمتحرشينَ بالأطفالِ.
ومن اطَّلع على بعضِ تلك الجرائم الّتِي حدثت فلا بد أن يهيب بالمجتمعِ أن يقف أمامها ويصدَّ تيارها ويضعف قوّتَها حتى
لا يصيبَنا اللهُ تعالى بعذابٍ بسببِها.
وقدْ وصلتْ صور الاعتداءِ على الأطفالِ إلى مستوى غير مسبوقٍ؛ حيث يتم نشر الآلاف منها عن طريقِ الهواتفِ الذكية، والشبكات المشفَّرةِ لمرتكبي الجرائمِ الجنسيةِ دون أنْ يكتَشفوا مما يضيف تحديات إضافيةً إلى التحقيقات الجنائيةِ والمحاكماتِ.
ويعد التسلط عبر الإنترنت مظهراً خطيراً من مظاهر العنف، وقد يرتبطُ بأشكال مختلفة من الاعتداء الجنسي. وقد يشمل عرض ونشر صورمشاهدَ ذات طابع جنسي؛ أو تشجيع الترهيب والتسلط عبر الإنترنت، بهدف الحصولِ على خدمات جنسية من الضحية أو إرغامِ الضحية على أداءِ أفعالٍ جنسية – ابتزاز جنسي-.
اعلموا أن كثيراً من الأطفال يتعلقون بتلك البرامجِ والألعاب التي تُعرض عليهم، ولما لها من تأثير سلبيّ عليهم فهم يقومون في بعضِ الأحيانِ بتصوير أنفسهم صورا أو مقاطع فيديو غير أخلاقيةٍ، ثم يقومون بإرسالِ تلك الأشياءِ إلى بعضِ أصدقائِهم المقرَّبينَ أو البعيدينَ دونَ أنْ يضعوا في اعتبارِهم العواقبَ المترتبةَ على ذلك، وغير مقدِّرين خطورةَ تلك الأشياءِ التي يرسلونَها والتي قد تنتشرُ بسرعةٍ؛ ولا يدركونَ أنها قد خرجتْ عن طوعِهم وأصبحتْ لعبةً بين أيدي أصحابِ القلوبِ المريضةِ وعديمي الإيمانِ فيستغلّونَ تلك الصورَ أو المقاطعَ في ابتزازِ هؤلاءِ الأطفالِ، وإيقاعِهم في أمورٍ لا تُحمَدُ عقباهَا، فيترتبُ على ذلك إشكاليةٌ كبيرةٌ في حياتهمْ وعلى ذويهم، فيندمونَ حينما لا ينفع الندم.
يجبُ على الآباء والأمهات والمسؤولين وأولياءَ الأمورِ والمعلمينَ والمربينَ والدعاة والخطباء والعلماء العملُ على وقايةِ وتوعيةِ الأطفالِ منْ خطورةِ التسلّط عليهمْ وابتزازِهم عبرَ البرامجِ والألعاب التي تَعرِضُ الجنس، وعواقبَهُ المقصودةَ وغير المقصودةَ.
ويجبُ أيضاً تربيتُهم على النهجِ الإسلاميّ في كيفيةِ تواصلهمْ عبرَ هذا الفضاءِ الإلكترونيّ، وتعزيزِ قيمِ التعاملِ والاحترامِ والاهتمامِ بالآخرينَ، وإشعارِهِمْ بالمسؤوليةِ في منعِ كل ما يؤثرُ على سلامتِهِمْ.
ويجبُ أيضاً تعليمهم كيفية ضمانِ حمايةِ خصوصياتِهم، والتعرُّفِ على أنواعِ المخاطرِ التي تُعرضُ عليهم عبرَ الإنترنتِ، وتوجيهُهم إلى تعزيزِ قدراتِهم على الصمودِ أمام تلك الضغوطِ، وتَجنُّبُ الحالاتِ التي قد تُشوَّه فيها صورُهم، أو يتعرضُ فيها شرفُهم وسمعتُهم للخطر.
أسأل الله أن يحفظ أطفالنا وأطفال المسلمين من كيد الكائدين وعبث
العابثين.