بعدما خلقت السيدة نجية نظير، الحدث بتبرعها بأزيد من مليار و200 مليون سنتيم لبناء مدرسة بأحد دواوير إقليم سطات، هذه المرأة التي تصر على الإحسان بعيدا عن الأعين والكاميرات، وذلك من أجل تقريب القراء منها.
هنا بجامعة ولاد فارس إقليم سطات مسقط رأس سيدة الأعمال نجية نظير أو كما يطلِق عليها أهالي المنطقة الحاجة زهرة، السيدة التي تبرعت بمبلغ 12 مليون درهم لبناء مؤسسة تعليمية.
أولاد فارس، سيدي حجاج دائرة ابن احمد باقليم سطات، هنا تحول المكان الى قبلة للباحثين عن الخبر، حركة غير عادية عرفتها الطريق المعبدة التي لا تحمل من التعبيد إلا الاسم، حفر ونثوءات وبنية تحتية مهترئة، هناك اصطفت الحشود تستقي الاخبار من بين ثنايا هضاب منطقة امزاب سطع اسم مدوي ترك تردداته على الصعيد الدولي قبل الوطني ثم المحلي، الكل يسأل من تكون سيدة الاعمال “نجية ناضر”، تلك المرأة أخذت على عاتقها تأهيل منطقتها على نفقتها الشخصية بما يقارب المليار والنصف، ضاربة بذلك نموذجا رائعا للمرأة المغربية والمزابية على وجه.
انتشرت صور سيدة الاعمال كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، وقرصنتها جهات اخرى تدعي الرأي والرأي الآخر، صور تفاعل معها كثيرون كونها تجسد تلك المبادرة الانسانية التي تجسد مدى تعلق هذه المرأة مع مسقط رأسها، حيث ظل موضوع رد الاعتبار الى المدرسة العمومية وتلامذتها من اهم الهواجس التي ارقت نومها وباتت تصارع الزمن لاخراجها الى ارض الوجود.
اولاد فارس تحولت إلى قبلة للباحثين عن الخبر
بعد ورود أخبار عن تواجد السيدة بمنزلها بدوار الهذيلات نواحي جماعة اولاد فارس، حتى شدت الأنظار إلى المنطقة، حيث تحول محيط منزل منزلها الى قبلة للبحثين عن الخبر، من ساكنة المدينة وخارجها، الكل احتشد بالشارع المقابل للمنزل ينتظرون مقابلتها.
“يا ليغادي العلوة تعال نوصيك بعْدا، لوصلتي سلَّم، العلوة لا تتكلم” بهذه الطلعات يطل عليك نسيم العلوة من بين ضهاب عالية ومنعرجات بطريق شبه متهالكة تعرف انتشارا كثيفا للضباب والكلاب ليلا، مما يعرض السائقين المتوجهين إليها انطلاقا من مدينة سطات، لخطر حوادث السير المميتة.
مرورا بمركز سيدي حجاج الذي يعاني الويلات بدوره بسبب انتشار مظاهر البداوة، وقطعان الكلاب الضالة وضعف البنية التحتية، وصولا الى جماعة اولاد فارس التي نفضت عليها سيدة الاعمال صاحبة مبادرة المليار والنصف غبار الاهمال والتهميش وأخرجتها الى دائرة الاحداث والاضواء ، هذه الجماعة التي تعيش خارج ايقاعات الزمن، تحولت بين ليلة وضحاها الى قبلة للباحثين والمتهافتين عن الأخبار واعداد الفيديوهات الحصرية، دون أن يلفت نظرهم حجم المعاناة التي يعاني منها ساكنة المنطقة الضاربة جذورها في تاريخ المغرب النضالي، حيث لا بنية تحتية ولا فضاءات ترفيهية ولا مرافق صحية ولا ملجأ مناسب للشباب يقيهم شبح الهجرة والبطالة والانحرافات.
إنها منطقة امزاب أرض الزوايا والأولياء والصالحين، هناك ضريح بويا الجيلالي، وسيدي لحسن وسيدي حجاج وسيدي امحمد الفكاك وغيرها من العالم التاريخية التي تشهد على ماض مجيد مرّ من هنا
منطقة هجرتها كاميرا شوفوني منذ زمن بعيد
على بعد حوالي 60 كيلومتر شرق مدينة سطات، يقودك المسير بطريق كثيرة المنعرجات والحفر والمنحدرات إلى ملامسة نسيم عليل نابع من بين ثنايا منطقة غنية بالعلم والعلماء ورموز النضال السياسي، لتجد أمامك علامة تشوير ايذانا بدخولك جماعة اولاد فارس.
هذه المنطقة التي هجرتها “كاميرات شوفوني” منذ أمد بعيد دون ان يتطرق أي أحد لهموم ومشاكل ومعاناة ساكنتها التي تعاني الويلات، قبل أن تتحول إلى قبلة لمختلف المنابر الاعلامية لا لنقل هذه المعاناة وكشف المستور وتعرية المطمور، بل للتهافت في إطار ما بات يعرف ب”السبق الصحفي في قضية صاحبة المليار والنصف”.
في هذا السباق المحموم من جهة نظر مخالفة لما سبق، بهدف تسليط الضوء عن واقع المنطقة المزري والاستماع إلى نبض ساكنتها الجريحة، التي أبى بعضها إلا أن يخرج عن صمته معلنا أن شباب المنطقة يعيش حالة من اليأس والبطالة بسبب غياب فرص الشغل وتحول المنطقة إلى ما يشبه سجنا كبيرا.
جماعة قروية تعيش خارج ايقـــــــات الزمن
إنها منطقة امزاب الهادئة المسالمة برجالاتها الكرماء الشرفاء، شبابها كلهم طموح وأمل في معانقة يوم جديد، يخرجهم من روتينهم اليومي.
منطقة سكانها بسطاء يعانون العزلة والتهميش المتمثلة في ضعف الشبكة الطرقية المعبدة، وضعف أبسط الخدمات من تطبيب ونقل ومرافق ترفيه ومصانع ومعامل تقي شبابها من شبح العطالة وخطر الانحرافات وتعاطي المخدرات، مما حول حياتهم حسب تصريحات البعض منهم إلى جحيم لا يطاق ليبقى أملهم في التطلع لغد أفضل، من بين الأهداف المنشودة.
في كل المجتمعات نجد ثقافة التبرع بالمال أو بغيره ما عدا المجتمع الإسلامي الذي يفترض أنه مجتمع الزكاة والصدقة والتضامن الحقيقي هي مفارقة عجيبة لا نعلم أسبابها.. فكيف أصبحنا نحب المال حبا جما لدرجة ماتت فيها قيمنا الدينية والإنسانية..يحز في النفس كيف نرى الغرب في تراحمهم قد تجاوزونا نحن “المسلمين” وكلمة تجاوزو غير صحيحة لأننا لسنا داخل السباق أصلا.
وماتنفقوا من خير يوف اليكم وأنتم لا تظلمون
أنا إنسان