زايو سيتي: سعيد قدوري
استأثر مؤتمر حزب الاستقلال المحلي بزايو، والمنعقد خلال التاسع من فبراير الجاري، باهتمام الرأي العام المحلي، وهذا متوقع بالنظر إلى أن الحزب الأكبر على مستوى المدينة، وبالنظر إلى أن هذا المؤتمر حَمِلَ الجديد المتمثل في اختيار كاتب محلي جديد خلفا لمحمد الطيبي.
لكن ورغم هذا الاهتمام الكبير بالمؤتمر، إلا أن الكثيرين لم ينتبهوا للخطاب الذي ألقاه الزعيم التاريخي لحزب الاستقلال بزايو، محمد الطيبي، والذي بدا وكأنه يريد قول ما لم يسبق أن تفوه به رسميا من قبل، حتى أنه شرع في الحديث ثم عاد ليتدارك الأمر ويرحب بالضيوف.
ما شَدَّ انتباهي شخصيا هو حديث الطيبي عن جيش التحرير ببلادنا، وما أسماه “طابعا خاصا لمدينة زايو والمنطقة”، هذه الأخيرة اعتبرها “منطلقا لشرارة محاربة الاستعمار ببلادنا”.
فقد جاء في حديث رئيس جماعة زايو: “جيش التحرير تأسس بمدينة الناظور”، وما يُضْفي نوعا من الحماسة على كلامه، حين أضاف: “هذه هي الحقيقة دون مزايدات”. وزاد: “الأحزاب الوطنية تواجدت هنا بهذه المدينة”.
قول الطيبي أن “جيش التحرير تأسس بالناظور” ينسجم تماما مع رؤية أبناء المنطقة ومثقفيها ونخبها، والذين يعتبرون الناظور منطلقا لأولى أساسات جيش التحرير قبل أن يتوسع بعموم التراب الوطني.
لكن هذا الرأي يخالف تماما رأي عدة زعامات وطنية صرحت مرارا من خلال شهادات حية أن جيش التحرير تأسس بمناطق أخرى من المغرب، وأسسه زعماء وطنيون، ومنهم عبد الكريم الخطيب وعباس المسعدي وعبد الله الصنهاجي ومحمد البصري.
الحديث عن جيش التحرير وبعده الأحزاب الوطنية يحمل الكثير من المعاني، لست أدري إن كان المتحدث يقصد البوح بها أم أنها جاءت في سياق الحديث فقط، لكن الذي لا يمكن إغفاله في هذا الباب، أن أهل المنطقة يرون أن النواة الأولى لجيش التحرير أسسها الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، من خلال ميثاق “لجنة تحرير المغرب العربي”، في وقت كانت فيه زعامات الأحزاب السياسية تعتبر أسلوب الخطابي “عنيفا”، ما يدل على أن جيش التحرير كان آخذا مساره في غير انسجام مع الأحزاب السياسية.
كلام الطيبي في شقه الأول الذي يتحدث عن أن جيش التحرير تأسس بالناظور ينسجم مع ما يعتقده أهل المنطقة، فيما ينسجم في شقه الثاني الذي يتحدث عن الأحزاب السياسية الوطنية مع رؤية هذه الأحزاب وأبرزها حزب الاستقلال.
ومن خلال شهادة أحد رجال حزب الاستقلال آنذاك، محمد اليزيدي، والتي جاءت بعد أسبوع من انطلاق العمل المسلح فإن “حزبه لا علاقة له بحوادث الريف”، على عكس ما ادعاه علال الفاسي في تصريح له من القاهرة، وهو تصريح يرى أهل الريف أنه “يستهدف الترويج لفكرة أن جيش تحرير المغرب يخضع لتوجيهات حزب الاستقلال”.
وبعيدا عن جدل جيش التحرير وعلاقته بالأحزاب السياسية، فإننا نعتقد أن خطاب الطيبي حمل على غير العادة حديثا عن مسألة بالغة الأهمية في التاريخ السياسي المغربي، عكس أغلب خطاباته السابقة والتي كانت غالبا عبارة عن حديث عن الشأن المحلي.
حقيقة لا يوجد شيء اسمه جيش التحرير في المغرب بأكمله من طنجة إلى الگويرة لأنه لم يحررو أي شئ، المغرب حاليا لا زال تحت وطئة الاستعمار الفرنسي بطريقة غير مباشرة، أما في ما يخص أولئك المقاومين مثل عبد الكريم الخطابي وجماعته فقد كانت فرنسا تدعمهم وتزودهم بالسلاح والخدع من أجل إخراج الاستعمار الإسباني كي توسع هي الأخرى منطقة إستعمارها وتستحوذ على المغرب بأكمله.