بقلم الأستاذ : حسن فلكو
شوارع ممزقة ، حفر هنا و هناك ، و حواجز اسمنتية مميتة و مهلكة للسيارات و العربات ، و مدارس متهالكة ، و تلاميذ بدون أساتذة ، و مستشفيات كأنها المجازر ، و مرضى لم يجدوا من يسعفهم ، و فيضانات في كل مكان كلما أغاثنا الله بأمطار الخير و البركات ، و أحياء عشوائية ، و منازل آيلة للسقوط ، و أخرى مشوهة و لم يكتمل بناؤها ، و أسواق فوضوية منتشرة في كل الفضاءات ، و أزبال متراكمة و متناثرة هنا و هنالك ، و كلاب ضالة في استقبال ساكنة و زوار المدينة ، و غابات و معامل و منازل تحترق ، و حمقى و قاصرون و لاجئون يفترشون أرضية المدينة و يتغطون بسمائها و يقتاتون بمزابلها ، و جثث في قاع البحر و على شواطئه و…و….
إنه البؤس في أسمى تجلياته ، هكذا تبدو مدينتي للذي يلقي عليها نظرة ، كأنها تعاني من قصف مدمر شوه معالمها التاريخية و الطبيعية و الحضارية.
و يبقى الحزام الآمن نسبيا (لافتقاره إلى بعض المرافق الصحية و الحيوية ) ، و الذي تلجأ إليه الساكنة لينسيها الجروح الدامية لمدينتهم ، حزام الكورنيش الذي يمكن تسميته مجازا بالملجأ.
فهل مدينتي تعاني من القصف ؟ و هل يا ترى ما يبدو لنا جليا من مظاهر البؤس البئيس هي نتاج حتمي لهذا القصف ؟
لا يمكن الجزم بالإطلاق على أن ما آلت إليه المدينة من تدهور على جميع الأصعدة هي نتائج بديهية لتلك الحروب التي أبت أن تنتهي بين فصائل المجلس الجماعي لجماعة الناظور ، و ذلك القصف الدوري سواء للمعارضة أو العكس ، فرغم الاختلاف و الخلاف و التدافع يجب على الجميع أن يعي جيدا المقاصد الأساسية من تواجده في المؤسسة المنتخبة من طرف ساكنة الجماعة ، فكيفما كان الموقع مسيرا أو معارضا يجب على الجميع أن ينخرط في المعركة الحقيقية و هي معركة بناء و تأهيل المدينة ، و لذلك فإن المصلحة العامة للمدينة و لمواطنيها يفترض أن تكون دائما فوق الجميع و من الخطوط الحمراء التي لا يحق لأي كان الاقتراب منها فبالأحرى تجاوزها.
لا أظن أن تسيير مدينة بمؤهلات مدينة الناظور القلب النابض لجهة الشرق ، سيكون فيه كل هذه الصعوبات و المشاكل لو قدر كل مسؤول المسؤولية المنوطة به ، و علم سر تواجده في مكان المسؤولية ، و قدر مؤهلات المدينة ، و لنا في بعض النماذج التنموية على المستوى الوطني و القاري و العالمي ألف عبرة و ألف درس .
فالسلم السلم يا من نجحتم في كسب ثقة فئة عريضة من ساكنة الجماعة ، و فشلتم في تحقيق أمنياتهم و أحلامهم بل خاب ظنهم بكم .
أما آن الأوان لأن تنتهي هذه الحرب القذرة و التي يؤدي فاتورتها الغالية أهل المدينة ؟ļ
و لتعملوا جاهدين على تجاوز كل الخلافات و الاختلافات و الحسابات الضيقة متطلعين إلى تلك المدينة التي ظلت حبيسة تصورات و مخيلات كل ناظورية و كل ناظوري ، و لا نكونوا مثاليين إن قلنا لكم بأن الصورة شبيهة بمدينة أفلاطون في كتاباته ، و التي تتحدى أشهر المصممين في بناء المدن الحديثة.
فقط أوقفوا قصفكم بعضكم البعض و الذي تدمرون به المدينة من حيث تدرون أو لا تدرون .