ودعت أمها ذات ليل، وحملت معها حلم الرحيل، والعودة ولو بعد حين.. لم تكن تدري ولا أمها.. أنه الوداع الأخير!
الطالبة الجامعية، التطوانية، إبنة المغرب المهمش.. حياة.
ركبت ورفاقها قاربا من قوارب الموت، أملا في التغيير.. ووفاء لوعد إنقاذ الأسرة من براثن الفقر…!
وفي عرض البحر.. أطلقت البحرية الملكية الرصاص على المغاربة العزل، و…قتلت حياة!
هكذا…!!!!
لم تقتل برصاص إسباني، الرصاصة أصابتها من سلاح حماة وطنها وحدوده.. سلاح يشتريه الشعب بأمواله.. لحمايته! فماذا فعلت حياة؟!
هل كانت تشكل خطرا أمنيا على الوطن؟!
من أعطى الأمر بإطلاق الرصاص.. ولمن أعطاه؟!
وهل الهجرة غير الشرعية مصنفة كعمل إجرامي جنائي في المغرب؟!
وهل الرسالة الموجهة إلى الشباب هي أنك قد تقتل بالرصاص الحي إذا فكرت في الرحيل، وأنك ملزم بالعيش هنا مجردا من أبسط حقوقك.. وأن التهميش واقعك وانسداد الأفق؟!
أين كانت البحرية الملكية لحظة دخول الزورق الإسباني؟!
ألم تكتشف وجوده إلا حين الخروج، وعلى متنه حراكة مغاربة عزل؟!
نحن أمام فعل إجرامي.. فلمن نتوجه بالسؤال؟! ألدكاكين الأحزاب؟ للبرلمان؟ للحكومة؟ للمخزن؟ أم لحكومة الظل؟!
المخزنة وسياسة العصا.. والحلول الترقيعية، نجحت مع الآباء، ولكنها فشلت أمام هذا الجيل الذي أبدع في طرق رفضه واحتجاجه..
أنت اليوم، أمام 12مليون شاب مغربي سنهم بين 15 و34 سنة، 4 مليون منهم لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين، 66% يرغبون في مغادرة الوطن، واقع تؤكده فواجع قوارب الموت.
أنت اليوم أمام جيل جديد.. مغاربة من نوع آخر، لا يشبهون عقلية الآباء في شيء.. جيل رافض لشيخوخة المشهد السياسي، لاحتكار الثروة.. والريع الذي أكل البلاد.
جيل يريد مغربا لكل المغاربة.
إذا كان اليوم يحتج بالرحيل.. أفتمنعونه بالقتل؟!
يا سيدي أنتم لم تبنوا مجتمعا يضمن كرامة المغربي.. بنيتم مغرب الفوارق.. الأسياد والعبيد، إلا أنكم لم تنتبهوا أن زمن العبودية انتهى! وأن الجينات جينات أسياد.. وأحرار! دفع آباؤهم وأجدادهم ذات يوم، دمائهم ثمنا لتحرير هذا الوطن!
فلا تساوموا على وطنيتنا.. لأنكم فعلا لم تتركوا لنا مساحة اختيار، واستحوذتم في شجع على المشهد السياسي الذي شاخ في وجودكم.. وعلى الثروات!
كل مغربي غادر الوطن حين يأس.. أو حين غضب وانسداد أفق، يحب هاته الأرض.. ويسكنه الحنين إليها، أليست أرضنا/عرضنا.. هويتنا.. لحمنا ودمنا.. أهلنا.. شوارعنا.. شواطئنا.. ملاعبنا، كم درسنا عن ثروات المغرب وعن رجاله الأحرار، عن الأمازيغي محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي زاره تشي جيفارا في القاهرة، ليتعلم منه فن حرب العصابات.. مغربي أمازيغي اهتزت له عروش الطغاة في كل البقاع.. وصار رمزا لثوار العالم ومحبي الحرية…!
درسنا ودرسنا ودرسنا.. عن هذا الوطن الذي ليس له شبيه في قلوبنا.. ولن نرضى غيره وطنا!
وحلمنا.. حلمنا أن نكون له عقولا وسواعدا، ولكنكم أقصيتمونا في غباء.. فكانت الهجرة لنا خيار! لا لأننا نكره الوطن، ولكن لأنا كرهناكم.. وكرهنا أن نضره.. فغادرنا!
غادرنا ونحن نحمل حلم العودة!
أفيكون القتل لنا مصيرا؟!!!
تعازينا لأسرة حياة.. لأهلنا في تطوان وفي الريف.. ولكل المغاربة الأحرار.. إنها ابنتنا، دمنا ولحمنا، ولنا جميعا أن نتلقى فيها التعازي، وأن نطالب بمحاكمة قاتليها.
قال الله تعالى( وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) .صاحب المقال المخطوط إتق الله ولا تنافق .