زايو سيتي
تتربع جهة “كتالونيا” عى رأس المقاطعات الإسبانية من حيث كثافة تواجد المسلمين فوق التراب الإسباني، ثم تأتي بعدها جهة “أندلوسيا”، ثم “مدريد” وفــجهة “فالنسيا”، كما أن مدنا أخرى لا تخلو من حضور متبر للمسلمين فيها كـمدن “بيلباو” و “ألميريا” و “سبتة” و “مليلية” .
و تتميز السياسات الحكومية الإسبانية بسلاستها في التعامل مع الأقليات و خاصة الجالية المسلمة ، التي لا تعاني من مضايقات و تهميش مؤسسي، حيث لا تدخل إسبانيا ضمن الدول التي تنبذ المسلمين رسميا، أو تحارب إندماجهم داخل النسيج المجتمعي بشكل علني، و بهذا فإن هاته الدولة ذات التاريخ الإسلامي العريق، تعتبر دولة رائدة على مستوى دول الإتحاد الأوروبي منذ أكثر من 30 سنة في إدماجها للمسلمين في أحزاب سياسية إسلامية، ولو إن تلك الأحزاب كانت تتركز فقط على مستوى مدينتي سبتة ومليلية، كـ”الحزب الوطني للريف” في مدينة مليلية ، و الحزب الإشتراكي الديمقراطي بسبتة، بالإضافة إلى “إتحاد مسلمي سبتة”.
و في هذا الصدد نشرت جريدة “الموندو” الإسبانية اليوم تقريرا يفيد بوجود محاولات من هيئات سياسية إسلامية من المغرب وتونس تهدف إلى إنشاء حزب إسلامي بإسبانيا.
“الموندو” التي بنت موضوعها على مصادر أمنية إستخباراتية،قالت بأن جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية وحركة النهضة التونسية يخططون لإنشاء حزب سياسي بإسبانيا.
وأوضحت المصادر، أن الهيئات سالفة الذكر أصدرت تعليماتها لأتباعها المتواجدين بالديار الإسبانية من أجل الانضمام إلى شبيبات الأحزاب الإسبانية بجميع إيديولوجياتها، وذلك بهدف تكوين وإعداد أتباعها للانتخابات.
وأضافت ذات المصادر، أن التعليمات وجهت بالأساس للشباب خصوصا المسجلين بالجامعات الإسبانية الذين يتوفرون على تكوين سيمكنهم مستقبلا من المشاركة السياسية النشيطة وتبوأ مراكز قيادية في هذه الأحزاب.
وأشارت أن هذه الأحزاب الإسلامية ستعمل على تأطير مناصريها في إسبانيا.
و أكدت مصادر استخباراتية أن “الفدرالية الإسبانية للهيئات الدينية الإسلامية” (Feeri) ، المكونة من أكثر من 200 جمعية ، عقدت اجتماعات تناولت موضوع إنشاء حزب إسلامي تقوده جماعة العدل والإحسان ،آخرها كان سيعقد منذ شهر في برشلونة ،الأمر الذي تنفيه قيادات هذه الفدرالية رغم إعترافهم انهم يتلقون منذ عام اقتراحات حول إنشاء حزب مسلم ، لكن (Feeri) كانت دائما ما تؤكد على عدم وجوده،و بأن الوقت غير مناسب لإنشاء مثل هذا الكيان كما أنه ليس من السهل معرفة من الذي يختبئ وراء هذه المبادرات والأهداف الحقيقية التي يرمون إليها.
و يذكر مسؤولو الفدرالية الأكثر تنظيما بين الجاليات المسلمو في إسبانيا، أن خطة مماثلة فشلت قبل بضع سنوات مع إنشاء PRUNE (حزب نهضة واتحاد إسبانيا) .
و بالرغم من توفر البيئة المناسبة و الترسانة القانونية الملائمتان في المملكة الإسبانية، لكي يشتغل الفاعل السياسي المسلم في إطارهما ليتأطر حوالي 1,919,141 مسلمًا(إحصاء 2016)، و يصل صوتهم إلى أعلى المراتب، إلا أن المُلاحظ يلمس مدى تفكك و تطاحن مكونات هذه الكتلة و تخلفها عن التأثير..
غير أن مشهد مسلمي شبه الجزيرة الإيبيرية، ليس بهذه القتامة، إذ أن مجهودات فردية و أخرى مهيكلة تبعث بين الفينة و الأخرى أمالا في غد قد يكون أكثر تصحيحا..
و لعل وصول السيدتين “نجاة درويش” و” سلوى الغربي” المسلمتين إلى قبة البرلمان الكتالوني الحالي و قبلهما السيد ” شكير الحمراني”، و ” محمد الشايب” كنائب في البرلمان الكتلاني و الإسباني، و”مصطفى بقاش” كأول نائب مسلم داخل برلمان “سبتة”، يعد بادرة إشراق للممارسة المسلمين حقهم في المواطنة الكاملة و لإقتحام الساحة السياسية من بابها النزيه.
”PRUNE ” الحزب المسلم في المملكة الإسبانية
إقتحام المشهد السياسي من طرف مسلمي إسبانيا، لم يبدأ اليوم و لم يقتصر فقط على جهة كتالونيا، بل إن الأمر يعود إلى ماض ليس ببعيد، لما إلتف مسلمون بجهة الأندلس حول رهان تأسيس أول حزب مسلم في إسبانيا.
و يعد مشروع إخراج حزب مسلم إلى الوجود داخل الدول الأوروبية، خطوةٌ جد مهمة من شأنها العودة بالنفع على البلد عموما و المسلمين، و ذلك للتحسين من صورتهم و الدفاع عن حقوقهم و هويتهم، كممثلٍ شرعيٍ أمام الحكومات و المؤسسات الرسمية .
“حزب النهضة والإتحاد الإسباني” المشهور إختصارا بـPRUNEـ (Partido Renacimiento y Unión de España) يُعتبر أول حزب سياسي كسر غياب المسلمين عن الساحتين الحزبية و السياسية في المملكة الإسبانية .
حزب PRUNE تم تأسيسه في شهر يوليوز من سنة 2009 ، ليعلن عليه شهر أكتوبر من نفس السنة بشكلٍ رسميٍ كأول حزبٍ مسلمٍ داخل إسبانيا، حيث أعلن مؤسسه “مصطفى بقاش” عن أول حزبٍ مسلمٍ قائمٍ على تعزيز العدالة والمساواة والتضامن بين أفراد المجتمع وإحترام الشرعية والدستور الإسباني، مع الوضع في الاعتبار -على عكس الأحزاب السياسية الأخرى- بأن الإسلام هو مصدر هذه المبادئ، ليُصبح بذلك الكيان السياسي الوحيد في إسبانيا الذي لديه برنامج سياسي واستراتيجية على أساسٍ ديني، حيث لا يوجد في إسبانيا أية قوة سياسية تستخدم الدين في سياساتها.
و رغم أن الحزب لا يزال مغمورا ، فإنه يرفع تحديا يبدو بعيد المنال و معلن، هو تشكيل الحكومة في إسبانيا بحلول عام 2030.
خروج “حزب النهضة والإتحاد الإسباني” إلى دائرة الضوء، يأتي بالتزامن مع تأسيس عدد من الهيئات السياسية الإسلامية في دول الاتحاد الأوروبي ، ويسعى الحزب منذ اليوم الأول لتأسيسه إلى إنشاء جسور للتواصل بينه وبين الأحزاب الأخرى داخل وخارج إسبانيا، وفي هذا السياق أوصى أعضاء الحزب في الملتقى الأول في أكتوبر لعام 2010 بتشكيل مجلسٍ أوروبي للأحزاب الإسلامية لتعزيز علاقاتها الدولية ولتبادل الخبرات فيما بينها، حيث أوضحوا أن لديهم علاقات طيبة داخل أوروبا مع الحزب الإسلامي في فرنسا و رابطة النهضة الألمانية.
هذا، و لم يسلم حزب “النهضة والإتحاد الإسباني” من إتهامات من طرف دوائر مناهضة لتوجهاته، كما أن وزارة الداخلية الإسبانية عبرت غير ما مرة عن توجسها من الحزب المذكور، باعتقادها أن ظهوره يستجيب لمناورات وتكتيكات المخابرات المغربية على المدينتين السليبتين سبتة ومليلية، وكذا داخل أوساط المهاجرين المغاربة المقيمين بإسبانيا، وهو ما تنفيه قيادات الحزب يشكل قاطع.