ادريس بنداوود
يكاد يتفق الكثير من المغاربة على ضعف مستوى البرامج الكوميدية المقدمة خلال رمضان خصوصا في وقت ذروة المشاهدة Heure de grande écoute بالإضافة إلى إغراق هذه الفترة بظاهرة الإشهار الرمضاني الغامضة. فما سبب ضعف مستوى البرامج المقدمة؟ وبما تفسر هذه الظاهرة الغريبة؟ وما الحل الممكن إيجاده؟
تعتبر الفترة الممتدة بين أذاني المغرب والعشاء فترة تجمع كل المغاربة على مائدة الطعام الرمضانية مع الإقبال الشديد على التلفزيون، وهو ما يشكل قمة نسب المشاهدة الممكنة على مدار السنة ما يجعلها ظاهرة غير موجودة بالعالم الغربي تماما في مقابل تراجعها بشكل مهول فور انقضاء الشهر الفضيل. لذلك يتم حشر كل البرامج الترفيهية ضمن وقت ذروة المشاهدة بالضبط لاستقطاب أكبر عدد من المشاهدين والرفع من نسب مشاهدة هذه القنوات حتى تأخذ أفضل تقييم من مؤسسة “ماروك متري” المعهود إليها من قبل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (La HACA : Haute Autorité de la communication audiovisuelle ) بقياس نسب المشاهدة للقنوات التلفزية ومدى إقبال المغاربة على مختلف القنوات وفق منهجية علمية متعارف عليها دوليا. وكذلك من أجل بث الإشهار والإعلانات الخاصة (La pub) التي تدر الأموال الطائلة على القناة. وما يثبت أهمية هذه السويعة الرمضانية أن إعلانات تجارية تكاد تنعدم طيلة السنة ولا تظهر إلا في هذه الفترة. هذه الشراهة لدى القنوات في بث الوصلات الإشهارية في هذه الفترة يفوق المدة القانونية المسموح بها في الساعة الواحدة، ما يفسر ابتزاز القنوات للمشاهد عبر طغيان الحس التجاري على البعد الفرجوي المفروض في القناة.
يتمثل ضعف معظم البرامج المقدمة في رمضان في اجترار نفس المواضيع المبرمجة كل سنة وانطلاق العمل عليها في اللحظات الأخيرة وضعف السيناريو ونفس الوجوه المقدمة. فالمواضيع المقدمة لا تخرج عن صنف الشعبوية والصراعات واستعمال الغناء وتعابير ذات حمولة سوقية وحركات جسدية اعتباطية غير مفهومة لكل جهات المغرب باعتبار التنوع الثقافي الذي تزخر به جهات المملكة. هذا، ولا تنطلق هذه المشاريع التمثيلية إلا في اللحظات الأخيرة حيث يظهر ذلك جليا في التأخر في تقديم الوصلات الإشهارية الخاصة برمضان إلى غاية دخول رمضان وعدم اكتمال حلقات هذه البرامج إلا في رمضان. أما السيناريو فيظل غير ذي مستوى أو جدية في المواضيع المطروحة وهذا سببه عدم رغبة المنتجين في شراء سيناريوهات ذات جودة وبالتالي ذات قيمة مادية مرتفعة أيضا. ولذلك يستعينون بالسيناريوهات الرخيصة جدا. ثم ينتقون الممثلين الذين يقبلون على التمثيل وأي مادة مقدمة دون مناقشة المحتوى مما يفسر ظهورهم في كل البرامج والإعلانات واحتكارهم لقنوات القطب العمومي وغالبا ما يكون هدفهم الربح بغض النظر عن نوع الإنتاج وجودته. وبطبيعة الحال فالشركات المنتجة للبرامج معدودة على رؤوس الأصابع ومحتكرة لهذا المجال وأصحابها غير معنيين بجودة المنتوج بقدر ما يهمهم كمية المال التي تدره القناة عليه.
تظل الحلول التي ينهجها المشاهد المغربي تتراوح بين البحث عن بديل للكوميديا وللبرامج الرمضانية في قنوات أخرى تحترم ذوق مشاهديها وتقدم برامج غنية وذات حمولة معرفية جيدة جدا، أو مقاطعة القناة ككل إما بمسحها من جهازه أو تغيير رقمها إلى أرقام مستحيل الوصول إليها.
وبالرغم من هذه الحلول الفردية غير المنسقة، يظل الضعف يعتري هذه القنوات التي تمول من أموال دافعي الضرائب وهو المشاهد نفسه المقاطع للقناة. لذلك وجب التفكير في حلول أخرى تؤثر في القنوات حتى تدفع بها إلى التغيير والرفع من جودة البرامج المقدمة. هنا نطرح عدة تساؤلات. ما دور الهاكا كمؤسسة عليا تسهر على مراقبة ما يتم إنتاجه وبثه على قنوات القطب العمومي إن لم يكن وقف المهزلة الكوميدية المبرمجة أثناء الإفطار؟ وما دور المجلس الذي يؤشر على السيناريوهات المتردية إن لم يكن رفض البرامج الهابطة وتنويع المنتجين لوقف الاحتكار وتقوية روح المنافسة؟ وما دور البرلمان بغرفتيه إن لم يطرح مشاريع قوانين تزجر الرداءة بمنع تمويل المنتجين في المستقبل وتشجيع الجودة في جميع مراحل الإنتاج من كتابة السيناريو إلى مرحلة البث على الشاشة؟
الهاكا كمؤسسة عليا وجب على موظفيها تحديد ما يبث من برامج على الشاشة بشكل واضح وغير مسف بفطنة المشاهد المغربي وترفع من وعيه ووطنيته وتناقش همومه وأفراحه بجدية وباحترام تام له ولعائلته. أما المجلس أو اللجنة التي تختار السيناريوهات فمن الواجب أن تتميز بالحيادية ووضع آجال لوضع البرامج المتنافسة على التمويل العمومي بعدة أشهر سابقة للشهر الفضيل حتى يتسنى للجنة دراسة المادة بكل حياد وشفافية. كما يجب على البرلمان أن يطرح مشاريع قوانين زجرية تمنع منتجي الرداءة السينمائية من التمويل العمومي بوضع عتبة من النقط تسمح بقبول إنتاج معين أو رفضه وفي المقابل فتح المنافسة والتباري على جوائز السنة القيمة للإنتاجات الجيدة. هذا ويجب الانفتاح على الثقافات الأخرى خصوصا الأنغلوساكسونية المتميزة بروح الدعابة والكفاءة وقدرات إبداعية خلاقة، وعدم الاكتفاء بالمرجعية الفرانكفونية، والاشتغال على الحكاية والتراث المغربي الأصيل الذي يعكس أصالتنا.
وختاما، وخصوصا تصاعد الصحوة الثقافية للمستهلك المغربي، خصوصا مع حملة المقاطعة الأخيرة، قد تظهر حملات مشابهة تربك حسابات القائمين على القنوات العمومية وتجعلها تحت مجهر البحث والتقصي مما ينذر بإمكانية انتشار رائحة الفساد والمحسوبية والزبونية.
يسوقون القذارة لعملية مكملة لرداءة التعليم … الرسالة واضحة انتاج شعب مكلخ يصفق ولا يقرر ولا يحسن الاختيار يشعب ثمنه 200درهم لستة سنوات … شعب يسير مع القطيع الى الجرف العال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته.
مبادرة جيدة وكلام في صميم ما يبث في هذا الشهر الكريم.
سلامي الحار إليك أخي وصديق الطفولة.
مصطفى الدحماني من فرنسا.
أخي إدريس هناك كلمتان تلخص الموضوع برمته ، الأولى هناك عصابات و لوبيات مقتدرة تسيطر على كل شيء و على رأسهم الشركات المتوحشة و سياسة الباطرونا أما الثانية فشعب بائس مغلوب على أمره مفعم بالجهل المذقع يتلقى أي مادة مهما كانت رداءتها بصدر رحب و شفاه مبتسمة ، تحياتي!