الدكتور يوسف توفيق
كنت أشاهد تقريرا في أحد القنوات حول معرض للمجوهرات يعرض منتوجات بقيمة 10 ملايير دولار، ومن بين هذه المنتوجات ساعة بقيمة 6.5 مليون دولار فقط.
فقلت في نفسي لماذا لا أشتريها؟
استيقظت باكرا، وأرسلت مستخدما في الشركة ليتم إجراءات الشراء. لم يمر وقت طويل حتى هاتفني المستخدم وأخبرني بضرورة تأمين الساعة. واقترح علي شركة تأمين موجودة بالمعرض. رأيت بأن فكرة التأمين هي فكرة سديدة جدا، ولا بأس أن أزيد 500 ألف دولار إضافية في السنة. وعندما استكمل المستخدم إجراءات التامين، عدت إلى بيتي، فوجدت بأن الشركة قد أرسلت حراس أمن خاصين، يرابطون عند مدخل بيتي رفقة كلاب مدربة. قلت في نفسي: من حقهم أن يفعلوا ذلك. فضياع الساعة سيكلفهم مالا كثيرا. لكن الأحوال ساءت مع مرور الأيام. وخصوصا بعد أن ذاع خبر شرائي للساعة، فقد أفردت لها مجلة “مولاتي السلطانة” صفحة كاملة ، ذكرت فيه معلومات دقيقة عن مصممها الايطالي وطريقة صنعها والفريق الذي أشرف على انجازها ومحتوياتها. وسال لعاب اللصوص وهواة السطو على المجوهرات الثمينة وبدؤوا فرادى وجماعات يخططون لسرقتها، وبدأت الشركة في المقابل تشدد في إجراءات الحراسة، وترسل أفواجا أخرى من الحراس مدججين بالسلاح مع كلاب أخرى أكثر تدريبا وشراسة. وصارت أسوار البيت كلها محاطة بالأسلاك الشائكة وكاميرات المراقبة وضاعت رائحة الكلاب النتنة في كل مكان. وزاد حقل انتشار الحراس والكلاب في حديقة البيت، حتى إن كلبا منهم كان يبيت مباشرة تحت غرفة نومي، ويتسبب بنباحه المتقطع في ايقاظي المتكرر. وفي الأيام الأخيرة، بدأ الحراس يلجون حتى الصالون، والبهو الرئيسي، وعندما سألت أحدهم ماذا تفعل في المطبخ؟ أجابني دون اكتراث، بأنها التعليمات الجديدة من إدارة الشركة..وزاد إزعاج الحراس وبلغ حدا لا يطاق حتى إنني ندمت على شرائي الساعة، وعندما ذهبت إلى مدير شركة التأمين، لأحتج على ذلك، ابتسم وطلب مني الجلوس وقال لي بخبث ظاهر: يا سيد سين..الساعة باهظة الثمن، وسرقتها يعني إفلاس الشركة، وإن عقد التامين ينص على أن الشركة من حقها أن تقوم بكل ما من شأنه حماية الساعة، وان صاحب الساعة ملزم بمنح كافة التسهيلات من أجل القيام بذلك،
– انظر بنفسك. ألم تقرا بنود العقد؟ قالها المدير، وهو يخفي ابتسامة شريرة
– بلى ولكن لم يخطر ببالي أن يصل الأمر إلى هذا الحد.
عدت إلى المنزل مهموما مغموما، حتى أنني نسيت إلقاء التحية على طفلتي التي تلعب بالمحاذاة مني، وأخرجت الهاتف،وتحدثت إلى صديق مقرب، فأرشدني إلى وضعها في المتحف الوطني، وبذلك أسلم من الإزعاج، وأضمن عدم سرقتها، لكني لم أتفاعل بما يكفي مع هذا الحل، فكيف أدفع ملايين الدولارات من أجل ساعة أضعها في متحف؟!
كانت الأيام تمر بطيئة لأني ضقت من تلك الفوضى التي نبتت في يبتي، وقررت أن أنهي عقدي مع شركة التأمين، لكن الجميع حذرني من مغبة ذلك، ونبهني مدير الشركة شخصيا مرارا قائلا:
-لا أنصحك بأمر في غاية الخطورة مثل هذا
لكني كنت مصرا على فسخ العقد. انسحب الحراس بالتدريج وأخلوا مواقعهم، ولم يتبق إلا حارس واحد طلب مني أن يبقى من أجل المبيت، لأن مسكنه بعيد، فوافقت لكن بشرط أن ينام في الحديقة الخلفية، فقد ساورتني بعض الشكوك حول نيته في سرقة الساعة. وبينما أنا جالس قبالة الساعة أتملى في ذهبها البراق وألمازاتها الخلابة أخذتني نومة خفيفة، واستيقظت مذعورا على صوت زوجتي وهي تردد: الساعة .. الساعة
صحت في وجهها: مالها الساعة؟ ياك والو باس؟ الساعة ديالي..نظرت إلي مستغربة من كلامي وذعري:
الساعة السبعة نوض تخدم على راسك إلا باغي تنوض!
ههههه بارك الله فيك استاذنا يوسف قصة رائعة و نهاية اروع هههه
قصة استوفت جميع مقومات الفن القصصي الناجح و المائز، و يحق لي أن أقول: إذا كان للمصريين يوسف إدريس فلنا في المغرب يوسف توفيق. بارك الله فيك.
C’est une très belle histoire. ma shalah bcp d’imagination et d’inspiration f Seklogia
صديقي يوسف صديق الطفولةوصديق الدراسة اشتقنا إليك وأشتقت إليك زايو