بقلم : محمد المنتصر – فاعل محلي وباحث في اقتصاديات التنمية
لا يختلف اثنان حول الدور المهم الذي تلعبه الرياضة في التنمية لارتباطها الوثيق بالنشاط الاقتصادي ومساهمتها في توفير فرص شغل قارة وموسمية من جهة وخلق متنفس للمواطنين من أجل المتعة والترفيه من جهة أخرى، مما جعل الدول المتقدمة تتسارع في تطوير الصناعة الرياضية عبر الاستثمار في البنيات التحتية وتحفيز الفرق الرياضية من أجل خلق قيمة مضافة وجني فوائد لصالح المجالات الترابية التي تنتمي إليها.
في المغرب كذلك، تسير الحكومات منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني في نفس التوجه القائم على الاستثمار في الرياضة بغية تنشيط الدورة الاقتصادية على مدار السنة، ويتضح ذلك عبر الميزانيات المخصصة لجامعة كرة القدم مثلا وانخراط المؤسسات الوطنية في دعم الأندية الرياضية كذلك، دون أن ننسى الجهود المبذولة من أجل تنظيم الملتقيات الدولية والجهوية تعريفا بالمغرب كوجهة سياحية صاعدة، مما ساهم جليا في تطوير الرياضة بالمدن الكبرى التي شهدت تشييد مركبات رياضية أهلت أنديتها للمنافسة على الألقاب الوطنية والقارية
إلا أن هاته الدينامية لم تشمل جميع مناطق البلاد واقتصرت على أقاليم دون أخرى، وكما العادة، فنال اقليمنا نصيبه من التهميش في هذا المجال كذلك، كما هو الحال في قطاعات أخرى كالتجهيز والطرق السيارة، مخطط الاقلاع الصناعي، رؤية 2020 السياحية، استراتيجية التعليم العالي وغيرها، حتى ظلنا نتساءل عن السبب وراء هذا الاقصاء رغم توفر الاقليم على المؤهلات المطلوبة من أجل نجاح مخططات الاقلاع الرياضي
فتاريخيا، لطالما كانت ساكنة الناظور رياضية بامتياز وشغوفة بمتابعة فرقها الرياضية وتشجيعها، فمقابلات هلال الناظور في القسم الوطني الأول مثلا لخير دليل لقابلية الساكنة للتجاوب والاقبال على التظاهرات الرياضية ذات الجودة العالية. بالإضافة لذلك، فإذا اطلعنا مثلا على بعض المؤشرات التي يتم اعتمادها في دراسة جدوى ونجاح المركبات الرياضية، نجد مثلا أن الكثافة السكانية بالإقليم ونسبة الشباب فيها تؤكد أن الاستثمار في الرياضة سيكون ذو مردودية مرتفعة، خصوصا وأن القدرة الشرائية بالإقليم تفوق المعدل الوطني ونسب الفقر تبقى منخفضة في المجال الترابي ونسبة الساكنة الحضرية عالية، الشيء الذي يجب أن يحفز المسؤولين على قطاع الرياضة في الاستثمار في البنايات الرياضية بالناظور نظرا لتوفره على الشروط التي تحسم نجاح مشروع رياضي من فشله
من جهة أخرى، يمكن لفصل الصيف الذي تتوقف فيه البطولات المحلية أن يكون مصدرا لعائدات تفوق أرباح السنة بأكملها، نظرا لتوافد الجالية المغربية المقيمة بالخارج الشغوفة بالرياضة والفن والثقافة على الاقليم، مما يفتح أبواب الاستثمار في الأنشطة الفنية المؤدى عنها وتنظيم الملتقيات الرياضية الدولية والمباريات الودية التي يمكن استضافة فيها لاعبي المهجر الذين بصموا على تجارب احترافية جعلت منهم نجوما في أعرق الأندية الاوروبية، والذين عبروا في أكثر من مناسبة عن استعدادهم للمساهمة في الاقلاع الرياضي بالإقليم وترحيبهم بفكرة المشاركة في مباريات استعراضية إن توفرت الشروط الملائمة لذلك
إن الأسباب الذاتية والموضوعية كلها متوفرة من أجل نجاح مشروع المركب الرياضي بالناظور في تحقيق التنمية، خصوصا ونحن مقبلون على ربط الاقليم بشبكة الطرق السيارة، وتوسيع ميناء بني أنصار ومطار العروي الاستراتيجيين اللذان يفتحان الناظور على سوق متوسطية تتجاوز ساكنتها ال 600 مليون نسمة، مما يجعل الكرة في ملعب المسؤولين الحكوميين والجهويين من أجل التسريع في إنجاز المركب الرياضي للناظور ليس فقط للإقلاع بالرياضة بل أيضا من أجل تقليص البطالة وتحقيق التقدم والتغيير المستدامين