مصطفى الوردي
إن جزءا مهما من ميزانية المؤسسات العمومية والشبه العمومية والجماعات المحلية يمول من جيوب دافعي الضرائب، وهو مايستلزم الحرص على حسن ترشيد وتدبير هذه الأموال وصرفها فيما يساهم في التنمية. لكن ومنذ إستقلال المغرب وإلى يومنا هذا، فان جزء لايستهان به ممن أسندت لهم مهمة الحرص على المال العام يحبكون جميع السيناريوهات والخطط لتحويل هذه الأموال إلى جيوبهم وأرصدتهم السمينة سواء داخل الوطن أو خارجه.
هذه الجرائم المتواصلة لنهب المال العام غالبا ما يتحصن سراقها بمراكز قرار تضمن لهم الحماية المطلقة بعيدين عن أي ملاحقة أو محاسبة، ومحاولة لوقف النزيف تم إحداث المجلس الأعلى للحسابات ولجان لتقصي الحقائق لردع والضرب بيد من حديد لكل من سولت له نفسه الاسترزاق ونهب المال العام.
ولعل أسوء جريمة نهب تلك التي ضبطت بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي منذ إحداثه و بعد مرور ثلاثة عقود، انفجرت فقاعاته التي أزكمت الأنوف في أوائل الألفية الثالثة ، حيث قدر المبلغ المالي المسروق من هذه المؤسسة العمومية ب حوالي 150 مليار سنتيم، وهو مبلغ كاف لبناء 3000 مدرسة وإحداث 20000 منصب شغل. حيث تبين من خلال التحقيق إلى أن الأموال لم توجه إلى خزينة الصندوق، خاصة تلك المتعلقة بواجبات الاشتراك التي يساهم فيها المواطن والأموال المحولة من خلال ” الصفقات المشبوهة ”
هذه الجرائم والفضائح أصيبت بفيروسها أيضا مؤسسة القرض العقاري والسياحي حيث وصلت بها الاختلاسات إلى نهب مايناهز 1300 مليار سنتيم في صيف 2000، وتم تشكيل لجنة تقصي الحقائق في الموضوع ، وتم إسقاط مجموعة من الرؤوس المتورطة في قضايا الفساد المالي ومتابعتهم بتهم ” اختلاس وتبديد أموال عمومية، والرشوة، واستغلال النفوذ، والغدر، والتزوير واستعماله، وخيانة الأمانة”.
تخيلوا معي حجم هذه الأمول المسروقة والتي انعكست سلبا على مؤشر التنمية بالمغرب وجعلته في الدرك الأسفل في ترتيب الدول المتخلفة في مقياس التنمية.
ولايخفى على أحد أن الحكومات المتعاقبة، أبدت ضعفا ملموسا في تدبير الشأن العام، حيث مازال مسلسل النهب مستمرا كما أن سراق المال العام موجودين أيضا في جميع المؤسسات بما ذلك الجماعات المحلية والتي غالبا ما نجد جزء لايستهان به من مسيريها يعملون على استنزاف أموالها وتكييف فصول الميزانية حسب هواهم، من قبل تضخيم الفواتير عن طريق إضافة الأصفار فكم من سور تم صبغه فقط بالجير وتم تضخيم ميزانيته ، وكم من جماعة نائية لاتستعمل إلى الدواب في التنقل من قبيل الحمير ” حشاكوم ” ألصقت بالحمير فصل استغلالها للمحروقات لتبرير تلك ” البونات ” الخاصة باستهلاك الوقود …، زد على ذلك تسخير آليات الجماعة في الحملات الانتخابية، وعملهم على تفويت الملك العام بأبخس الأثمان.
كما يعمل بعض البرلمانيين على استغلال الحصانة من خلال السطو على الأراضي وإصدار شيكات بدون رصيد، وحين تضيق السبل بهؤلاء وينكشف أمرهم سرعان ما يفرون من العدالة ، وغالبا ما يلجؤون إلى دول لا تمتها بالمغرب اتفاقيات قضائية ثنائية لتبادل المجرمين والمبحوث عنهم على الصعيد الدولي، بل إنهم يلجؤون أيضا حتى إلى دول تربطنا بها اتفاقيات قضائية، ولكن يصعب إلقاء القبض عليهم إما لاعتبارات سياسية أو لاحتمائهم بمراكز النفوذ.
إن ورقة محاربة نهب المال لايتم إشهارها إلا في المناسبات، وذلك راجع إلى التشويش على القضاء والتأثير فيه من قبل مجرمي المال العام، الذين يقومون بارتشاء بعض القضاة للسكوت عليهم وحفظ ملفاتهم في الرفوف ومن ثم إتلافها.
وللتصدي للصوص المال العام فينبغي إصلاح المنظومة القضائية وهو ما أكد عليه جلالة محمد السادس في خطاب 30 يوليوز 2007 حين قال:” إننا حريصون على القيام بإصلاح عميق وشامل لقطاع القضاء، سنتولى الإعلان عن خطوطه العريضة، في المدى القريب ، بعون الله وتوفيقه” . كما يجب محاكمة مجرمي تبديد المال العام بناء على تقارير وتوصيات المجلس الأعلى للحسابات ، وعمله على ذكر أسماء المختلسسن . إلى جانب تفعيل تلك التقارير وعدم الاكتفاء بايداعها بالرفوف وبالتالي إفلات هؤلاء المجرمين من العقاب . وبالنسبة للمنتخبين الذين ضبطوا في حالة اختلاس أموال عمومية يجب تطبيق القانون معهم و حرمانهم من الترشح في الاستحقاقات الانتخابية . كما يجب عدم التعامل بانتقائية مع ملفات هذه الجرائم
والحق يقال أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات رغم عدم تنفيذ توصياتها من خلال متابعة مجرمي نهب المال العام إلا أنها أصبحت مرجعا لكل الإدارات العمومية وكافة المؤسسات والمواطنين المهتمين بالشأن المحلي وفعاليات المجتمع المدني ، فقد بذلت خلال السنوات الأخيرة جهود كبرى لحماية المال العام والكشف عن الاختلاسات المالية والاختلالات في التسيير في عدد من الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية، لكنها لم ترق بعد إلى تطلعات المواطنين.
يأخي مصطفى اذا لم يكن خوف الله في المسؤولية ونصيب من الإيمان لأن المسؤولية تولت لغر أهلها في هاذا الزمان
ولا يعرف أن إذا لم تحاسبه الدولة سيحاسبه
الله علي كل درهم من أين اكتسبته وفي ما انفقته نطلب الله الثبات والسلام
السلام عليكم
ما خفي أعظم .. جميع المؤسسات واصحاب النفوذ تنهب المال العام وحتى المال الخاص بطريقة او باخرى .. وحتى المرضى التي تعاني الأم وتستغيث تترجى الشفاء لم تنجو من لعبة النهب .. وقد فقدت الحنان والثقة من الممرضين والأطباء .. ماذا بقي بعد هذا ؟
لا احد يقوم بواجبه كما يجب .. الكل على الهوا سوا.. إلا ما رحم ربي .. … الكل تعلم النهب .. نهب بلا سؤال أو جواب ! .. (باستثناء المؤسسة التعليمية) والسبب في ذلك هو غياب الرقابة والصرامة في التفتيش وعدم المحاسبة !! آسف أخي مصطفى الوردي الكل سايب في هدا الوطن العزيز ..
لكن املنا كبير في التقدم لهذا الوطن الكبير .. فقط تنقصنا تفعيل المحاسبة والديمقراطية كما في الدول المتقدمة ..
نتمنى من الله تعالى ان يعجل بمحاسبة ومعاقبة هؤلاء اللصوص الخائنين للوطن ليعيش المواطن وهذا الوطن العزيزعافيته كاملة ويرفع رأسه شامخا بين الدول المتقدمة ان شاء تعالى .