نرحل بكم اليوم عبر هذه الحلقة من سلسلة “مسلمون منسيون”، على موقعكم زايوسيتي نت، إلى أقصى الشرق من الكرة الأرضية، لنحط الرحال بدولة لم يسمع بها الكثير منا، اسمها “لاوس”، من أجل معرفة أحوال أقلية مسلمة تعيش هناك.
جمهورية لاوس الديمقراطية الشعبية من بلدان جنوب شرق آسيا التابعة لمجموعة جزر الهند الصينية، تحدها الصين من شمالها وفيتنام من شرقها وتايلند من غربها وكمبوديا من جنوبها، وعاصمتها فيانتيان. ويرجع تاريخها إلى 10 آلاف سنة مضت، ويبلغ تعداد سكانها أزيد من 7 ملايين نسمة، بينهم أقلية مسلمة تعد بالآلاف.
يدين أغلب الشعب اللاوي بالبوذية بنسبة 60 في المائة، والبراهمية بنسبة تقارب 40 في المائة، مع مجموعة من الديانات الأخرى التي تشكل نسبا قليلة من بينها الإسلام والمسيحية.
دخل الإسلام إلى لاوس عندما لجأ المسلمون “التشامبون” – المسلمون الأوائل لمجموعة جزر الهند الصينية – إلى لاوس قبل لجوئهم إلى كمبوديا واستوطنوا هناك، ولكن مر عليهم زمن طويل لم يتلقّوا فيه أمور دينهم، وكل ما تعلموه قراءة القرآن الكريم دون فهم معانيه، الأمر الذي جعلهم يفقدون حقيقة دينهم، وتعرض الأبناء فيما بعد لحملات التنصير فتأثر بها بعضهم، وارتد بعضهم عن دينه. وهناك قول آخر أن الإسلام جاء إلى لاوس عن طريق تجار مسلمون من الصين يتاجرون ويتنقلون في المنطقة منذ مئات السنين.
ونتيجة الاضطهاد يتناقص عدد المسلمين في الهند الصينية بشكل عام، وفي لاوس بشكل خاص، حيث تعرضوا للإبادة في بلادهم من قبل السلطات الشيوعية، فمنهم من طرد إلى البلدان المجاورة، ومنهم من فر خوفا ونجاة بدينه، ومنهم من صبر واحتفظ بدينه، ومنهم من أضاع عقيدته بسبب الظروف التي مرت عليه.
ومازال المسلمون في لاوس يتعرضون لصنوف القهر على الرغم من المرسوم الذي صدر من رئيس الوزراء من أجل “ضمان الحرية الدينية”، ولكن للأسف فإن هناك بعض بنود المرسوم تقيد الحرية الدينية بشدة من خلال اشتراط الحصول على تصريح رسمي من أجل ممارسة الكثير من أوجه العبادة المنظمة.
وهذا ما جعل المؤسسات الإسلامية بهذا البلد قليلة جدا، حيث لا يوجد لديهم سوى جمعية لاوس الإسلامية وثلاث مساجد أكبرها المسجد الجامع في العاصمة فيانتيان، وتقام بالمسجد صلاة الجمعة، وبعض دروس القرآن للأطفال، وأخيرا ألحقت بالمسجد مدرسة إسلامية والتي تعتبر الوحيدة في لاوس وتقوم بتعليم الأطفال القرآن وتعاليم الدين الإسلامي.
ويوجد في لاوس مسلمون مهاجرون من كمبوديا هربوا من بلادهم خلال عهد “بول بوت” الدموي، إلى جانب مسلمين من الصين وباكستان والتاميل، وبعض المسلمين الجدد من أهل البلاد، وأغلب المسلمين يعملون في التجارة والخدمات وتجارة المنسوجات.
وتعتبر معرفة المسلمين بأمور دينهم محدودة، والمسلمون في لاوس يحتاجون دعاة مخلصين ومعلمين أكفاء ومطبوعات إسلامية باللغة المحلية، وكذلك فهم بحاجة إلى منح دراسية حتى يتخرج دعاة من بني جلدتهم يعملون على نشر الإسلام وتصحيح مفاهيمه وإرساء دعائمه.
الواجب اليوم على المسلمين في العالم، الإصغاء بقلوبهم وآذانهم، إلى صرخات إخوانهم اللاويين، الذين يعانون من تسلط شيوعي جعلهم يتعرضون للإبادة والتعذيب. فإن لم نأخذ بيدهم، سيهربون بالكاد إلى أحضان الصليبية في أوروبا وأمريكا طالبين اللجوء هناك.
مسلمون منسيون (1): مسلمو الروهينجا بين اضطهاد بورما وصمت الشعوب الإسلامية على مأساتهم+ صور المعاناة
مسلمون منسيون (2): كيف سكت العالم عن إبادة الروس لحضارة مسلمي القرم؟
مسلمون منسيون (3): رغم المذابح المتواصلة مسلمو زنجبار متمسكون بدينهم
مسلمون منسيون (4): سنوات من الاضطهاد لم تثني مسلمي الفيتنام عن التمسك بدينهم
مسلمون منسيون (5): من أجل اليورانيوم والذهب فرنسا تمارس التطهير العرقي ضد مسلمي إفريقيا الوسطى