نواصل تسليط الضوء على الأقليات المسلمة حول العالم، من خلال رحلة عبر حلقات سلسلة “مسلمون منسيون”، لنربط فرسنا اليوم بجورجيا التي يعاني فيها المسلمون من حملات التنصير والتقتيل وهدم المساجد.
يواجه المسلمين في جورجيا، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، والبالغ تعداد سكانها أزيد من 5 ملايين نسمة، منهم 20 في المائة مسلمون، سعي السلطات نحو بث الفرقة بين المسلمين، وإشعال نار الفتن بينهم، وتقسيمهم على نحو يسهل على الحكومة إخضاعهم وعدم الاستجابة لمطالبهم وحقوقهم المشروعة، وفي مقدمتها إدارة شئونهم الدينية التي تواصل السلطات التدخل فيها، على نحو مريب.
عرفت هذه المنطقة ببلاد الكرج، وقد انتشر فيها الإسلام بانتشاره في بلاد الرحاب والتي تشمل أذربيجان وأرمينيا وأران.. وكانت أولى خطوات الإسلام نحو هذه المنطقة، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفي عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وتولى العباسيون فيما بعد حكم جورجيا وبلاد الرحاب، ومن بعدهم جاء السلاجقة الأتراك، الذين دعموا الإسلام هناك، حتى اجتاح المغول المنطقة، بعدها تحول المغول إلى الإسلام، لتزدهر الدعوة بجورجيا، وفي الأخير انضمت إلى فدرالية الاتحاد السوفياتي، وذلك بعد ضعف الدولة العثمانية، وبالضبط سنة 1922، لتستمر هكذا حتى انفصلت عن الفدرالية السوفياتية سنة 1991.
ألحق السوفيات بالإسلام وبالمسلمين أضراراً بالغة كان من بينها التهجير القسري داخل أراضي وأطراف الدولة، أو النفي في أصقاع سيبيريا، علاوة على هدم المساجد، وحرق القرآن، وعدم السماح بطباعته، وسجن من يعثَر في بيته على نسخة منه، وهو ما دفع الكثير من المسلمين إلى الهجرة إلى تركيا وإيران، وشبه الجزيرة العربية.
وبالإضافة إلى معاناة المسلمين في جورجيا من الفقر والتهميش، يعانون كذلك، النقص الكبير في الوعي الديني لديهم نتيجة افتقادهم الواضح للمؤسسات الدينية، وعدم قدرتهم على تشييد مساجد ومراكز إسلامية لزيادة وعي أطفالهم وشبابهم بتعاليم الدين.
تعمل جورجيا على طمس هوية المسلمين في بلادها، ويعتبر النظام الحالي، نسخة من نظام “إدوارد شيفرنادزة”، الذي صرح وزير خارجيته إبان الحرب الجورجية “الأبخازية”، عن أن بلاده على استعداد للتضحية بـ 100 ألف جورجي، لقتل 100 ألف مسلم أبخازي، وترك الأمة “الأبخازية” المسلمة، دون ذرية أو هوية.
كما إن النظام الحالي المدعوم أمريكيا، استغل الحرب على الإرهاب، لاضطهاد وتعذيب المسلمين في شتى الأقاليم المنفصلة عن جورجيا، حيث يبرر الزعماء الجورجيون أمام العالم، ما يقومون به بأنه حرب على الإرهاب، وقد أدت حملات الاضطهاد المستمرة، إلى تدهور أحوال المسلمين في جورجيا.
ولا يرتقب أن تتحسن أوضاع المسلمين في جورجيا خلال السنوات المقبلة، لعدم وجود ضغوط عربية وإسلامية، في الوقت الذي تمارس ضدهم عمليات قتل وتصفية مستمرة في مناطقهم، مع منعهم من بناء المساجد، والتمييز بينهم سياسيا واقتصاديا.
ويعول المسلمون الجورجيون اليوم، على إخوانهم البالغ عددهم مليار ونصف المليار مسلم، من أجل الضغط في اتجاه رفع الحيف عنهم، لما أصبح يطالهم من تعسف من قبل السلطات الجورجية.
مسلمون منسيون (1): مسلمو الروهينجا بين اضطهاد بورما وصمت الشعوب الإسلامية على مأساتهم+ صور المعاناة
مسلمون منسيون (2): كيف سكت العالم عن إبادة الروس لحضارة مسلمي القرم؟
مسلمون منسيون (3): رغم المذابح المتواصلة مسلمو زنجبار متمسكون بدينهم
حسبنا الله ونعم الوكيل