بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعـيـن، مرحباً بكم في الحلقة الثانية عشرة من حلقات تأهيل الشباب للزواج، عنوان هذه الحلقة” الزفاف في الإسلام ” أو ليلة الزفاف” أو العرس، أو ليلة الدخلة.
قد تحدثنا عن الخطبة وعن عقد النكاح تمهيدا لهذه الليلة، أنت تدخل بزوجتك لتكَون أسرة إسلامية، أسرة تعبد الله لأن الزواج عبادة، والعبادة أن تكون لله، يجب أن تطيع الله ولا تعصيه، ولا تطيع عباد الله مهما كان هذا العبد ولو كان أبوك أو أمك لأنه لا معصية لمخلوق في معصية الله.
أنت تفرح بعرسك ليرضى عنك الله، لا تغضب الله في زفافك، أن تفرح في طاعة الله ولا تفرح في ما لا يرضي الله، لا تفرح فرح الطغيان.
لقد ذكر الله فرح الطاعة وفرح في المعصية.
– الفرح في طاعة الله:
قال تعالى في الآية 58 من سورة يونس: (( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفروا، هو خير مما يجمعون))
– الفرح في معصية الله:
قال تعالى في الآية 76 من سورة القصص: (( إذا قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين ))
هذه الآية في قصة قارون والمراد بذلك الفرح الذي يصحبه المعاصي والكبر والبغي على الناس والطغيان، هذا المنهي عنه، أما الفرح بنصر الله وبرحمته ونعمه وإحسانه والفرح في طاعة الله فهذا مشروع.
فالمسلم يفرح في هذه المناسبة وبمناسبة الزفاف في طاعة الله ويشكر الله تعالى أن وفقه للزواج من زوجة صالحة ليرزقه ذرية صالحة ولا يغضب الله في هذه المناسبة.
ينبغي للمسلم أن يفرح بذلك، بل يجب عليه أن يفرح بذلك ويغتبط بهذا، ويحمد الله على ذلك. أما الفرح المذموم فهو الفرح الذي يصحبه الكبر والتعاظم والموسيقى والأغاني والتبذير والإسراف والتباهي وإزعاج الجيران والمرضى العجزة، هذا هو المذموم.
أما إقامة حفل الزفاف على طريقة إسلامية، فينبغي فيه البعد عن المنهيات الشرعية التي يتساهل فيها كثير من الناس في الأفراح، ومن المنهيات:
– ذهاب العروس إلى مزيِّن شعر من الرجال الأجانب، وإصلاح الشعر عنده، أو امرأة تزيِّن بمحرَّم كترقيق الحاجب بنتفه وهـو النمـص والوشم أو وصل الشعر وغير ذلك من المحرمات لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة . تقليد الكفار في لباسهم ، وغالباً ما يصير ثوب الزفاف فيه إظهار لكثير من مفاتن المرأة وجسمها بحيث يكون الثوب شبه عارٍ ، والعياذ بالله بالإضافة لما في ذلك من إضاعة المال.
– اختلاط الرجال بالنساء وما يحدث فيه من المصافحة، والرقص بين الرجال والنساء، لأن كل ذلك محرم وخطره عظيم.
– البعد عن التكلف والإسراف والتبذير ومظاهر الترف والفسق في حفلة الزفاف ، حيث أن ذلك يمحق البركة.
– لبس كل من الزوج والزوجة ما يسمى بالدبلة ، تشبهاً فيه بالكفار ، اعتقاداً أن ذلك يزيد من حب الزوج لزوجته ،
وحب الزوجة لزوجها.
ينبغي أن يعلم الزوجان أنه بقدر ما يحصل في حفلة الزفاف من اتباع تعاليم الإسلام فيه بقدر ما يحصل فيه من البركة والألفة وقلة المشكلات في الحياة الزوجية ، فإذا كانت الحياة الزوجية قامت في أولها على المنكرات ومخالفة أمر الله عز وجل ، فلا ينتظر التوفيق فيها بعد ذلك ، وكثير هي حالات الزواج التي حصل فيها من مخالفة أمر الله عز وجل ، ولم تستمر.
أتحب أن يرضى عنك الله ورسوله؟ أم تحب أن يرضى عنك الشيطان وأعوانه؟
ما يحدث في كثير من ولائم المسلمين في هذا الزمان من الإسراف ومما لا يعلمه إلا الله. انظروا بعض الأعراس ماذا يحدث فيها من الطعام المنتشر، بل تكاد براميل القمامة أن تمتلئ بهذا الطعام، الذي لو أُعطي قبيلة كاملة في بلد من الصومال أو غيرها لعله يشبعهم ويكفيهم،
وهنا يُرمى في القمامات، لِمَ؟ ليقال: فلان كريم، وليقال: أولم بعشرين مليون سنتم، أو بعشرة ملايين سنتم لماذا التباهي؟ لماذا التبذير؟
لماذا الإسراف؟.
قال تعالى في سورة الإسراء: (( إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا)) ، الآية 27 رواية ورش
وقال تعالى في سورة الأعـراف: (( وكلوا واشربـوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين )) سورة الأعـراف، الآية: 29، رواية ورش
الفرق بين التبذير والاسراف:
التبذير هو صرف الأموال في غير حقها اما في المعاصي وإما في غير فائدة لعبا وتساهلا بالأموال، أما الإسراف فهو الزيادة في الطعام زالشراب واللباس في غير حاجة.
قد أثنى الله تعالى على عباد الرحمان في سورة الفرقال فقال: (( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما )) الآية 67، رواية ورش.
فالمشهور أن الإسراف والتبذير بمعنى واحد لغة وشرعا، وهما يشملان الأقوال والأفعال وغيرهما، قال ابن منظور في لسان العرب: السرف الجهل و السرف الإغفال قال ابن الأعرابي أسرف الرجل إذا جاوز الحد وأسرف إذا أخطأ وأسرف إذا غفل وأسرف إذا جهل والإسراف في المال هو التبذير في النفقة لغير حاجة أو في غير طاعة الله. و تبذير المال: تفريقه إسرافا. ورجل تبذارة يقال للذي يبذر ماله ويفسده.
و التبذير: إفساد المال وإنفاقه في السرف . وقيل: التبذير أن ينفق المال في المعاصي، وقيل: هو أن يبسط يده في إنفاقه حتى لا يبقي منه ما يقتاته، انتهى منه بتصرف. ومن العلماء من فرق بينهما فقال: – التبذير: الجهل بمواقع الحقوق. والسرف: الجهل بمقادير الحقوق.
قال ابن عابدين رحمه الله: التبذير يستعمل في المشهور بمعنى الإسراف، والتحقيق أن بينهما فرقاً، وهو أن الإسراف: صرف الشيء فيما ينبغي زائداً على ما ينبغي، والتبذير: صرف الشيء فيما لا ينبغي.
ومنهم من فرق تفريقاً آخر، فخص التبذير بإنفاق المال في المعاصي، وتفريقه في غير حق، وقال: إن الإسراف هو مجاوزة الحد، سواء كان في الأموال أم في غيرها، كالإسراف في القتل والكلام وغير ذلك. وقد جاءت النصوص في الكتاب والسنة تحذر منهما معاً.
لماذا ينفق الغني أموالا كثيرة في عـرسه وفي معصية الله ؟ لماذا لا يزوج معه شبابا لينال الأجر من الله سبحانه وتعالى؟
قال تعالى في سورة التكاثر: (( ثـم لتسألن يومئـذ عـن النعيـم))، والله الذي لا إله غيره سيسأل عن هذا الطعام حبة حبة، وطعاماً طعاماً، أليس منا رجل رشيد يأخذ هذا الطعام المتبقي ويوزعه على من يستحقه.
المقصود بالفرح الإسلامي: الحفل المنضبط بأحكام الشرع، بحيث يخلو من منكرات الاختلاط وتبرج النساء أمـام الرجـال، واستعمال الموسيقى والغناء الماجن، ونحو ذلك مما حرم الله تعالى، وهذه المحرمات للأسف منتشرة في أفـراح كثير من المسلمين اليوم إلا من رحم الله تعالى. فالمشروع في العـرس إدخال الفرح والسرور على العروسين وعلى أهلهما والمهنئين لهما ، بما لا يغضب الله عز وجل ، كاستعمال الدف بين النساء ، وغناء بعضهن لبعض بالكلام النافع الخالي من الإثم .
روى البخاري عـن عائشـة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم :
(يا عائشـة، ما كان معكم من لهـو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو)
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أهديتم الفتاة؟ قالو: نعم، قال أرسلتم معها من يغنـي؟ قالت: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الأنصار قوم فيهم غـزل، فلو بعثم معها من يقول: ( أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم.. ) والحديث حسنه الألباني.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح) حسنه الألباني.
فحفلات الزواج في الإسلام : حفلات تجمع بين إدخال الفرح والسرور على الحاضرين ، والتزام العفة والصيانة والبعد عن المحرمات.
فالنساء يحتفلـن بالزواج بمعـزل عن الرجال، يفعلن كل ما من شأنه أن يدخل السرور على الزوجة ومن حولها ، من لهو ومرح وغناء مصحوب بالدف، وأكل وشرب وغير ذلك مما يختلف باختلاف العادات والأعراف ، إذا كان داخلا في دائرة المباح.
وكذلك الرجال ، يجتمعون في مكان خاص بهم ، يتبادلون التهنئة ، ويدعون للزوجين بالبركة ، ويسن أن يصنع الزوج وليمة يأكل منها الحاضرون ، من غير إسراف ولا تبذيـر فالغرض من حفلة الزواج إعلانه وإظهاره ، وتمييزه عن الجنازة والسفاح المحرم ، وإدخال السرور على الزوجين وأهاليهما وأصدقائهما ، مع تحقيق العبودية لله تعالى في ذلك كله.
إذا رفض الوالدان التقيد بأحكام الشرع في حفلة الزواج ، وأصرا على إدخال شيء من المنكرات فيها ، كالسماح بالاختلاط أو التبرج ، أو جلب مغنية أو راقصة تفعل ذلك أمام الرجال ، فعليك أن تنصحي لهما ، وأن تبيني حكم الشرع في هذه المنكرات ، وأن تذكريهما بأن الزواج نعمة من الله تعالى ، ينبغي أن تشكر ، وشكرها بالطاعة لا بالمعصية ، وأن الزواج الذي يبدأ بالمعصية حري ألا يوفق أهله ، فإن استجابا فالحمد لله ، وإن أصرا على موقفهما ، فاعتزلي موضع المنكر ، وأعلني كراهتك له ، وبراءتك منه ، قال الله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) سورة النساء.
قال القرطبي رحمه الله : ” دل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم . قال الله عز وجل : ( إنكم إذا مثلهم ) فكل من جلس في مجلس معصية ، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء.
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها ، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية”.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) رواه مسلم .
وليس لك أن ترضي بالمنكر ، ولا أن تتنازلي عن موقفك من التمسك والالتزام بأحكام الشرع في العرس وغيره ، لتكوني من الفائزين السعداء في الدنيا والآخرة.
يجب أن تطبق سننً وأحكام وضوابط وليمة العرس، لابد من مراعاتها منها: عدم الإسراف، ووجوب إجابة الدعوة ما لم ير منكر، فإذا وجد لم يجز الذهاب، ووجوب الالتزام بالضوابط الشرعية للضرب بالدف.. وغيرها. أما ما يحصل من كثير من الناس من مخالفات شرعية فيجب تركه والعزوف عنه وإلا كنا ممن يقابل نعمة الله بالكفران.
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب رضي الله عنها فأولم، فكانت وليمته من أكثر ولائم نسائه، أتدرون ما قدرها؟ شاة واحدة، ذبحها ووزعها وأكل الناس منها، فهذه هي وليمته عليه الصلاة والسلام.ويستحب في الوليمة أن يكون فيها اللحم كما قال عليه الصلاة والسلام لـعبد الرحمن بن عوف ، وهو من أغنياء الصحابة، قال: (أوْلِمْ ولو بشاة) وذلك إن تيسر اللحم.
ويستحب فيها: أن يُدعى الصالحون ولو كانوا فقراء، ويُترك الفُساق وإن كانوا أغنياء، قال عليه الصلاة والسلام:
(لا يأكل طعامك إلا تقي) والوليمة من الطعام، لذا قال: (إلا تقي) وبعض الناس هذه الأيام يحرص أن يأتي الأغنياء والوجهاء والكبراء وأهل المناصب، ولعله يصورهم، ويفتخر عند الناس بهم، وإن أتاه الفقراء ولو كانوا مصلين- أصابه الضيق والحسرة، لا. بل عليه أن يدعوهم إلى الولائم، ولا يدعو الأغنياء، وأهل المناصب، قال عليه الصلاة والسلام: (شر الطعام طعام الوليمة يُدعى إليها الأغنياء، ويُترك الفقراء) ولو نظرت إلى واقعنا لرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم من علم النبوة، ومن وحي الرحمن جل وعلا.
يجب عليك إن دُعيتَ إلى وليمة عرس أن تجيب: قال عليه الصلاة والسلام: (ومن لم يجب الدعوة أي: دعوة الوليمة
فقد عصى الله ورسوله) وقال: (ولو دُعيت إلى كِراع لأجبت) أي: إن دعيتَ إلى وليمة عرس ولم يكن هناك منكر في الوليمة، ولم يكن عندك أمر أوجب من هذه الوليمة، يجب عليك أن تلبي الدعوة وتستجيب لها.أما إن أتيت إلى العرس فرأيت فيه منكراً، فلا يجوز لك أن تحضره، وارجع يا عبد الله ولو كنت مدعـواً إليها.
يُستحب لك أن تدعو بالسنة، تقول: بارك الله لك وبارك عليك، وجمع بينكما في خير. أو بارك الله لكما وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير.
بعض الناس يضعون في الأعراس مكبرات الصوت فوق البيوت؛ لتغني مغنية من المغنيات أو المغنون: وبعضهم يأتون بأشرطة نعيذكم بالله من الفاجرات والفجار فيها كلامً بذيئً لا يستحيون من الله؛ فترفع الأصوات وتزعج البيوت والجيران والمرضى والعجة والصالحين والصالحات، ويظن بعض الناس أنه من غناء النكاح، لا والله، إن هذا من المجاهرة بالمعصية وبالإثم، إنما العرس الذي هو على السنة: جوارٍ صغيرات يغنين، ويضربن بالدفوف بكلام حسن ليس فيه فحش ولا بذاءة، إما إن كُنَّ كبيرات فلا يسمعهن رجل مهما كان.
انظر إلى أعراس النساء وما فيها من الملابس الفاضحة: فإن المرأة تلبس في الأعراس من الملابس الفاضحة ما لا تلبس في غيرها، بل يحصل في كثير من الأعراس من الاختلاط ما لا يعلمه إلا الله، الزوج يدخل على زوجته أمام النساء، من يرى؟ يرى فلانة متعطرة متطيبة، وفلانة متبرجة، وفلانة كاشفة، وفلانة فيها ما فيها، ويدخل بين النساء، من الذي أباح له ذلك؟! ومن الذي سمح له بذلك؟! وأين الرجال الغيورون؟! أين الرجال الذين يمنعون نساءهم أن يدخل عليهن الرجال؟
اسمع يا عبد الله ما يحصل في كثير من الأعراس من وضع مَنَصَّة: وما أدراك ما المنصة! تلك البدعة الجديدة، وتلك العادة الغريبة التي أُدخلت على بلاد المسلمين، حيث يجلس الرجل بجانب زوجته ليلاً؛ ليراه النساء، وليتمتعن بمشاهدته، ولينظرن إلى شكله.
يا عبد الله! إن كنت من الصالحين فلا تسمح بهذا، وإن كنت من عباد الله المتورعين المتقين فلا تسمح بهذا؛ إن كان عرسك أو عرس غيرك فعليك بمنعه، كيف يجلس الرجل أمام النساء متزيناً متطيباً والنساء ينظرن إليه؟! بل وينظر إليهن، بل أزيدكم أن في بعض الأعراس أعاذنا الله وإياكم منها- من يُقَبِّل زوجتَه أمام الناس، وهذا حصل في بلاد المسلمين، والأمر غريب، والأمر عجيب! من أين تأتينا هذه العادات؟! بل يأتي من يصوره مع زوجته في وضع غريب وفي عادة سيئة، والنساء ينظرن إليه.
ما يحصل في بعض أعراس المسلمين من إسراف في إيجار بعض الصالات، وما أدراك ما تلك الإيجارات! إيجارات غالية، يستطيع أن يستبدلها ببعض الصالات الرخيصة التي يوفر فيها الأموال والأكل؛ إنها السمعة! إنه الفخر! إنه الكبرياء! إنها المباهاة! لا بد أن يكون في أفخم الصالات وأغلاها، وأرقى أنواع الأطعمة، وأكثر الأموال، بل في بعض الأعراس ما تُرمى فيه الأموال رمياً، وتنثر على كثير من المغنيات، وعلى كثير من الفرق؛ ليقال: انظروا إلى فلان كريم، وفلان عنده أموال، وفلان لا يبالي بالأموال: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش). أسمعتم بقصة قارون؟! ما الذي خسف به الأرض؟! إنه الفخر والكبرياء.
ما يحصل في تلك الأعراس من لباس فيه حد يفوق الإسراف والله: بل لا أعرف له اسماً في مصطلح الشرع، تلبس بعض النساء فستاناً وثوباً بعضه يفوق آلاف الدراهم، لتلبسه ليلة واحدة، ثم أين؟ ترميه ولا تلبسه مرة أخرى؛ لتقول بين النساء: ثوبي في ليلة العرس بألف درهم، وبعضه من ألفين درهم، وبعضه من خمسة آلاف، ثم لتلبسه ليلة واحدة، ثم تضعه، وبعض أولئك
ما يكون من أعلاه إلى أسفله الذهب والفضة والجواهر الغالية التي والله أظن كما يظن غيري أنه فوق حد الإسراف، بل تجاوز حد شكر النعمة.
ما يحصل في أعراسنا من منكرات وهذه بعضها، والمنكرات كثيرة: من تصوير للنساء بالأفلام والصورة الفوتوغرافية
ثم إذا أنت تطبع هذه الصور، وما أدراك من يراها؟! ولا تستحي يا عبد الله- أن تنتقل هذه الصور بين الناس، وبين الرجال، وبين أقارب الزوج وأصدقائه، وأقرباء الزوجة، ثم ينظر الناس، من هذه؟ ومن تلك؟ بنت مَن هذه؟ وأخت مَن هذه؟ وزوجة مَن هذه؟ أتعلمون لِمَ؟ لأننا سمحنا شيئاً فشيئاً بهذه المنكرات حتى أصبحت الأعراض أرخص ما لدينا، بل أصبح كشف أعراضنا، واختلاط نسائنا بالرجال أهون ما لدينا.
عباد الله: لنتق الله عزَّ وجلَّ، وليكن يوم العرس ويوم الوليمة يوم شكر لله، ولنعمة الله، لا يومَ كفر لله عزَّ وجلَّ، ولا للإسراف، ولا للزينة المحرمة والغناء المحرم، وليكن يوماً نذكر الله فيه ليبارك لنا في هذه الليلة، لا يوماً نكفر الله عزَّ وجلَّ فيه، فيلعن أصحاب تلك الليلة: قال تعالى: (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) سورة إبراهيم
أخي العريس إذا ذهبت إلى العروس فلا تتأخر إلى الصباح وتؤذي المؤمنين والمؤمنات، خذ زوجتك إلى بيت الزوجية برفق وارفق أهل حيك أو أهل دوارك وجيرانك ولا تزعج أحدا منهم وإذا دخلت بزوجتك إلى بيتك يسن لك أن تصليا معا ركعتين وبعد السلام ضع يدك على رأسها وقل سرا: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه.
فاتقوا الله في هذه الحفلة واجعلوها بعيدة عن المحظورات الشرعية يبارك الله لكم فيها . نسأل الله لكم التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته