بـسم الله الرحـن الـرحـيـم، الحـمـد لله رب العـالـمـيـن، والصلاة والسـلام عـلى سيــد الأولـيــن والآخـريـن سـيـدنـا محـمـد وعـلـى آله وصحـبـه أجـمعـيـن، سـبحاـك لا علم لـنـا إلا مـا عـلـمـتـنـا إنـك أنـت العـلـيـم الحكـيــم، اللهــم عـلـمـنــا مـا يـنـفـعـنـا وانـفـعـنـا بـما عـلمتنا وزدنـا علما وأرنــا الحق حقا وارزقـنـا اتـبـاعـة، وأرنـا الـبـاطـل باطلا وارزقـنـا اجـتـنابه، ربنا هـب لـنا من ازواجـنـا وذرياتـنا قـرة أعين واجعـلنا للمتقين إماما، أما بعـد:
مرحباً بكم أيها الاخوة وأيتها الأخوات أينما كنتم، حديثي معكم اليوم بعنوان” السعادة الزوجية في الإسلام “.
مفهوم السعادة في الإسلام:
السعـادة شعـور داخـلي يحـسه الإنسان بين جـوانبه يتمثل في سكينة النفس، وطمأنينة القلب، وانشراح الصدر، وراحة الضمير والبال نتيجة لاستقامة السلوك الظاهر والباطن المدفوع بقوة الإيمان .
الأدلة من الكتاب والسنة:
قال تعالى في سورة طه: ((فـمـن اتـبـع هـداي فـلا يضل ولا يشقـي، ومـن أعـرض عـن ذكـري فـإن له معـيـشة ضنكـا ونحشره يوم القيامة أعمى)) .
وقال الله تعالى في سورة النحل: ((من عـمل صالحا من ذكـر أو أنثى وهـو مـؤمـن فلنحيينه حـيـاة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون 97)) .
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سعادة ابن آدم ثلاث: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح…) وفي رواية والمركب الهنئ.
وقال في حديث آخر: ( أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنئ …)
إذا كانت الزوجة سعيدة مع زوجها في الدانيا وكان الزوج سعيدا مع زوجته في الدنيا وكانا صالحين سيدخلان إن شاء الله الجنة
ويسعدان فيها قال تعالى في سورة الزخرف: (( ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون)).
الـزواج حـرث للنسـل، وسكـن للنفـس، ومـتـاع للحـيـاة، وطمأنـيـنة للقلب، وإحصان للجوارح كما أنه نعـمـة وراحـة، وسنة وستـر.
والـزواج في الإسلام عـقـد لازم وميثاق غـليظ وواجب اجتماعي وسكن نفساني وسبيل مودة ورحمة بين الرجال والنساء، يزول به أعظم اضطراب فطري في القلب والعقل، ولا ترتاح النفس ولا تطمئن بدونه؛ كما أنه عـبـادة يستكمل الإنسان بها نصف دينه، ويلقى ربه بها على أحسن حال من الطهر والنقاء.
قال تعالى في سورة الروم: (( ومن آياتـه أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)).
يظهر من خلال الآية الكريمة أن الزواج يجمع بين كونه آية ومودة ورحمة بحسب التفصيل التالي:
أولاً: الزواج آية كونية:
فطر الله كل من الزوجين على حب الآخر وطلبه والجد في البحث عنه ذلك لأن الفطرة البشرية هادية إلى الزوجية فهي تسوق كل رجـل إلى طـلـب الازدواج بامـرأة، وكـل امـرأة إلى قـبـول الاتحاد مع رجـل، وهـي الـتي تـربـط قـلبيهـما وتـمـزج نفسيهما وتوحـد مصلحتيهما، وتجعـل الصلة بينهما أقوى من كل صلة بين اثنين في هذا العالم ، حتى يسكن كل منهما إلى الآخر عند كل اضطراب ويأنس به ما لا يأنس بالأهل والأصحاب، لذا عبر عنه سبحانه وتعالى بأنه آية من آياته.
، فلك أن فالمرأة تفخر بأبيها أيما فخر، ولكن أباها الذي نشأت تحت كنفه لا يداني زوجها في السكون إليه والراحة والانبساط
تتخيل امرأة تسافر مع أبيها إلى الحج أو إلى غير الحج، وأخرى تسافر مع زوجها الذي اقترنت به قبل سويعات ستجد الثانية مرتاحة في سفرها أكثر، رغم أن شريكها في الرحلة لم تتعـرف إلـيه إلا قـبـل سويعـات، فما الـذي جعـلها تـرتاح له في مبيتها وسفرها وطلب حاجاتها أكثر من والدها؟
قد عرفنا وجه الإعجاز الإلهي في العلاقة الزوجية فما المودة وما الرحمة؟
ثانياً: المودة
المقصود بالمودة : أن يحب كل من الزوجين من يحب الآخر من أهله وعشيرته وأصدقائه؛ فيسر لسرورهم، ويستاء لاستيائهم، ويتمنى لهم الخير والنعمة، ويقوم بأداء حقوقهم كما جرى من العرف بين أمثالهم في ذلك.
وهذا النوع من التودد: هو الذي نأمر به من تزوجا في أنفسهما سكونًا يبعث كلاً منهما على مودة الآخر ظاهرًا وباطنًا، بقصر كل من الزوجين طرفه على الآخر وقناعته بالاختصاص به لكمال سكون نفسه إليه، وإخلاصه في مودته ومحبته.
سكـون الـزوج إلى الـزوج سبـب من أسباب سعـادة الـزوجين، وهناء معيشتهما خاص بهما لا يشاركهما فيه أحـد مـن الأقـربـيـن والمحبين، وأما المودة بينهما فهي من أسباب سعادة عـشيرتهما أيـضًا؛ لأنها متعـدية؛ فهي مـبـعــث التـناصر، والتآزر والتعاضد والتساند وبهذا تكون سببًا من أسباب سعادة الأمة المؤلفة من العشائر المؤلفـة مـن الأزواج فهذا التأليف هـو الـذي يـتـكـون مـن مـزاج الأمة فما يكون عـلـيه من اعـتـدال وكما يكـون كـمالاً في بنية الأمة وقرة عين لمجموعها وما يطرأ عليه من فساد واعتلال يكون مرضًا للأمة يوردها موارد الهلكة.
ومن المودة بين الزوجين: الممازحة والملاعـبة، فكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يمازح نساءه ويداعـبهن، وكان يسابق عائشة في الجري الشديد.
ثالثاً الرحمة: لقد فطر الله تعالى قلوب البشر على الرحمة ليتراحموا فلا يهلك فيهم العاجز والضعيف، وكل أحد عرضة لاستحقاق الـرحـمة في يـوم مـن الأيـام، وجعـل سبحانه حـظ الـوالـديـن والـزوجـيـن مـن الـرحـمة أرجح لـيعـنى بكل فـرد من الناس أقـرب الناس منه عند شدة الحاجة إلى العناية والكفالة؛ فالزوج لزوجه عند الضعف في المرض أو الكبر، كالوالدين لولدهما عند ضعفه في الصغر، بل تجد المرأة أرحم ببعلها في مرضه أو كبره من أمه لو وجدت، وتجد الرجل أرحم بزوجته في مرضها أو كبرها من أمها إذا وجدت إذا كانت الفطرة سليمة، فإن لم يكن كل من الزوجين أرحم بالآخر في كبره من والديه فإنه يقوم مقامهما إذ لا يضعف كل من الزوجين ويحتاج إلى الـرحـمة إلا بعد موت الوالدين في الغالب، فإن مرض وهما في صحتهما فإنهما يكونان بعيدين عـنه لا يسهل عليهما ترك بيتهما ومن عساه يكون فيه من محتاج إلى رحمتهما ؛ لأجل لزام ولدهما الكبير المتزوج.
فظهر أن كلاًّ من الزوجين في حاجة إلى رحمة الآخر به عند ضعفه لا يقوم بها سواه من الأقربين أو المستأجرين مقـامـه فـيهـا
لا شيء يخفف أثقال الفقر وأوزاره عن كاهل الرجل يتحمله مثل المرأة التي تـرحمه في فقره فتظهر له الرضا والقناعة ولا تكلفه ما تعلم أن يده لا تنبسط له، فما بالك إذا كانت ذات فضل تواسيه به، ولا شيء يعـزي الإنسان عـن مصابه في نفـسه وغـيـره مثل المرأة للرجل والرجل للمرأة إذا ظهرت عاطفة الرحمة في أكمل مظاهرها فشعر المصاب بأن له نفسًا أخرى تمـده في الـقـوة على مدافعة هذه العوارض التي لا يسلم منها البشر، واعـكـس الحكم في الـقـضيتين، يـتجلَّى لك وجه الصواب في الصورتين ما أجهل
الرجل يسيء معاشرة امرأته، وما أحمق المرأة تسيء معاشرة بعلها، يسيء أحدهما إلى نفسه من حيث يسيء إلى الآخـر فهـو
مغبون غالبا ومغلوب، وما رأيت عقوبته فيه كذب إساءة الزوج إلى زودته أو الزوجة إلى زوجها.
كيف تسعد زوجتك أوكيف تسعدين زوجك؟
إنك أيها الزوج إن أدخلت سروراً على أهل بيتك فقد زدت قرباً من الله تعالى. وأنت أيتها المرأة إن أدخلت سروراً على زوجك فقد نلت رضا من الله تعالى.
ومهما استطاع الـزوج أن يسعـد زوجـته أو استطاعـت الـزوجة أن تسعـد زوجها فهذا مقصد شرعي ومطلب إسلامي وبه تستقيم الأسر.
على كل الأحوال الدراسات النفسية أيها الأخوة تقول إن أفضل علاج نفسي للزوج هو زوجته وإن أفضل عـلاج نفسي للزوجة هو زوجها
طبعاً هذا في الحالة السوية والمستقيمة والمعتدلة ما لم يكن هناك نشوز أو يكن هناك بعد عن الانضباط بضوابط رب العالمين أو بضوابط الأعراف المستقيمة.
أحيانا يقصر الزوج مع زوجته من حيث لا يدري، كما تقصر الزوجة أحيانا مع زوجها وهي لا تدري، هناك تقنيات عملية ليسعـد كل واحد من الزوجين الآخر.
النقطة الأولى إذا أردت أن تسعد من حولك حسن الاستهلال عند الدخول إلى البيت.
إذا دخلت أيها الزوج إلى بيتك فادخل بالسلام، قل السلام عليكم وأنت منشرح الصدر، قل صباح الخير وأنت مبتسم، قل مساء الخير وأنت مطمئن القلب، قل كيف حالكم وأنت مسرور. اجعل وجهك طلقاً ولا تكن عبوسا صافحها قبلها ضمها تفرج الزوجة إذا أنت بدأت دخولك للبيت بهذه الطريقة، اترك مشاكل العمل ومشاكل الحياة خارج البيت.
وأنت أيتها الزوجة إذا استقبلت زوجك استقبليه وأنت مبتسمة.
استقبليه بابتسامة عـريضة ضميه إليك.
استقبليه وقولي له إنك تنتظرينه منذ ساعات.
انتظريه وقولي لقد اشتقنا إليك أنا والأولاد أين أنت.
استقبليه بكأس ماء بارد إذا كانت الحرارة مرتفعة.
استقبليه وأنت مبتسمة ورائحتك طيبة.
استقبليه بثوب حسن.
حسن الاستهلال باب عـريض للسعادة.
حتى في الأدب يقولون من بلاغة المتكلم براعة الاستهلال.
أن يستهل كلامه بكلام عـذب.
بكلام جميل
بكلام مؤثر
بكلام يعطيك فحوى ما سيدور في هذه الجلسة.
هناك براعة كم من الناس أنت أحببتهم من النظرة الأولى.
أحياناً أنت تتلقي شخصاً تقول يا أخي أحببته من النظرة الأولى براعة استهلال، وأحيانا أنت تلتقي شخصا تقول يا أخي كرهتك من النظرة الأولى سوء الاستهال.
المرأة التي يرن زوجها باب الدار فلا تفتح ويرن ثانية نهارا فلا تفتح ويرن ثالثة فلا تفتح فيفتح بمفتاحه ويدخل ويقول أما سمعتم تقول المفتاح في جيبك لماذا لم تفتحي الباب، هذه أسوء امرأة.
هذه امرأة تشعـر زوجها بقـلـة قـيمتـه ولا شك أنها قـليلة قيمة كـقيمة زوجها وإلا لـما اختارته زوجاً ولـما اختارها إذ الأزواج متساوون في القيم. الزوجة تستطيعين أن تسعدي هذا الزوج ببراعة استهلال بحسن استهلال.