كما هو معروف، تعرف المنطقة الشرقية انتشارا شاسعا ، متنوعا ووافرا للوحيش الغابوي خاصة منه الخنزير الوحشي أو ما يسمى بالعامية “الحلوف”،ويرجع السبب الرئيسي إلى هذا التنوع والوفرة ، إلى نجاعة سياسة المحميات التي اعتمدتها مديرية المياه والغابات لمواجهته من جهة ،وتراجع أعداد أنواع من الوحيش المميز للمنطقة ومن جهة أخرى حماية الأنواع المهددة منه بالانقراض.
لكن في المقابل ادى هذا التوجه الى ظهور نتائج عكسية تتجلى في تزايد اعداد الخنازير بشكل مثير للقلق أصبحت معه الموارد الغذائية الطبيعية المتاحة داخل المحميات غير كافية الوضع أصبح يدفع الخنازير الجائعة للبحث عن الغداء في مناطق بعيدة عن موطنها الطبيعي ،وما اصطدام الخنازير بالسيارات والحافلات ليلا إلا مؤشر قوي على التكاثر المخيف في صفوف الخنازير.
ولعل اكثر المتضررين من هذا الهجوم ،المحاصيل الزراعية للفلاح البسيط الذي ينتظر الغلة بعد مدة للتخفيف من وطأة المصاريف الباهظة التي تتطلبها تكاليف الانشطة الفلاحية والزراعية طيلة موسم كامل.
مثل هذه التحذيرات ليست بالجديدة لان مجموعة من المنابر الاعلامية سبق لها في عدة مناسبات ان اثارت هذه الظاهرة دون ان يبدي المسؤولين عن قطاع المياه والغابات أي اهتمام او محاولة لإيجاد الحلول المنـاسبة.
ومع حلول موسم الحصاد الحالي بالمناطق المحيطة بمدينة زايو ،اشتكى من جديد عدد كبير من المزارعين البسطاء من الخسائر الفادحة التي خلفها هجوم الخنازير ليلا على حقولهم وعلى منازلهم ،بحيث ينضاف الى خيبة أمل ضعف مردودية المنتوج الزراعي للحقول و ضياع جزء كبير من المحاصيل بسبب عبث الخنازير.
وبالرجوع الى امكانيات الحلول التي يمكن اعتمادها ،يتضح ان الادارة القائمة على تدبير القطاع الغابوي تفتقد الى رؤية شمولية لموضوع استثمار في مجال تثمين الترات الغابوي بكافة مكوناته،خاصة وان المنطقة الشمالية تزخر بعدة مؤهلات غابوية وحيوانية من شأنها ان تجلب استثمارات في مجال السياحة الغابوية وسياحة البادية.
فقطاع الصيد يعتبر من القطاعات الواعدة في مجال السياحة الرياضية والقروية ويحتاج الى ادراك لمؤهلاته ثم الى بناء تصور تنموي شامل من شأنه تحويل سكان هذه المناطق الى مستفيدين من عائدات السياحة سواء منها الداخلية او الخارجية.
فبناء تصور تنموي واعد لهذه المناطق يحتاج الى اشراك جميع المتدخلين خاصة منها الجماعات المحلية وجمعيات الصيد والقنص والمنعشين السياحيين ،وهو شرط اساسي للخروج من هذا المأزق الذي لم يعد يهدد ارزاق الناس فحسب بل كذلك سلامتهم.
التدلاوي محمد
الحلوف هو بنادم